«رياح إيجابية» تهب على لبنان.. اتفاق أوّلي مع صندوق النقد

أنهت بعثة صندوق النقد الدولي، التي وصلت إلى بيروت في 28 آذار الماضي، يوم أمس 7 نيسان الجاري التوصل إلى اتفاق مع حكومة لبنان، يقضي بإقراض لبنان 3 مليارات دولار، تدفع بناء على الطلب اللبناني، وتستوفى على مدى 4 سنوات، وتهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد، واستعادة التعافي المالي، واستئناف فرص النمو والعمل، وإعادة الإعمار وزيادة الإنفاق الاجتماعي.

وتزامنت هذه الخطوة التي لاقت ترحيباً رئاسياً، وعلى مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية لجهة إقرار القوانين اللازمة، فضلاً عن القيام بتقديم مشاريع القوانين أو السير بالإصلاحات المطلوبة، والتي رأى فيها الرئيس نجيب ميقاتي مصلحة لبنانية.

وأكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان في تغريدة عبر حسابها على «تويتر»، ان «الاتحاد الأوروبي رحب بالاعلان عن اتفاق على مستوى الموظفين بين لبنان وصندوق النقد الدولي. إنها خطوة رئيسية نحو برنامج تعاف اقتصادي شامل مرتكز على الاصلاح، نحن مستعدون للدعم».

ولاحظت مصادر سياسية أن ثلاثة امور حصلت،في الآونة الاخيرة، ، يمكن ان تسجل في خانة الايجابيات لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، اذا التزمت الحكومة وباقي المسؤولين بالضمانات المطلوبة والتعهدات، واستكملت باقي الخطوات التنفيذية اللازمة لها، ووضعت موضع التنفيذ العملي، وقد يكون ذلك صعب المنال لما تبقى من عمر الحكومة الحالية.،وهو مؤجل للحكومة الجديدة.

واشارت المصادر الى ان الامر الاول، هو اقرار الحكومة خطة النهوض بالكهرباء بصيغتها النهائية، والبدء بالتحضير لتلزيم مشروعي بناء معملين لانتاج الطاقة، في دير عمار والزهراني، متجاوزة سلسلة من العراقيل والشروط المفتعلة من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لحشر موضوع بناء محطة ثالثة في سلعاتا بالخطة. اما الامر الثاني،فهو التوقيع على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها اللبنانيون هذه الأيام .

اتفاق لبنان وصندوق النقد

أعلن صندوق النقد  الدولي التوصّل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية على مستوى الموظفين بشأن السياسات الاقتصادية، من أجل تسهيل تمويل من الصندوق لمدة أربع سنوات.

وقال في بيان له: صاغت السلطات اللبنانية، بدعم من خبراء صندوق النقد الدولي، برنامج إصلاح اقتصادي شامل يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد، واستعادة الاستدامة المالية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وإزالة العوائق التي تحول دون نمو فرص العمل، وزيادة الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار.

اضاف: ويخضع البرنامج المتفق عليه لإدارة صندوق النقد الدولي وموافقة المجلس التنفيذي، ووافقت السلطات اللبنانية على القيام بالعديد من الأمور الهامة الإصلاحات قبل اجتماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي. وقد يلقى برنامج صندوق النقد الدولي للبنان دعماً من اتفاق تمويل مدته 46 شهراً مع إمكان الحصول على 3 مليارات دولار تم طلبها. كما سيكون تمويل الدعم بشروط ميسرة للغاية من شركاء لبنان الدوليين ضروريّاً لدعم جهود السلطات وضمان تمويل البرنامج بشكل كافٍ ويمكنه تحقيق أهدافه.

كما صدرعن صدر عن نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي بيان اعلن فيه «توصّل الوفد اللبناني المكلف من قبل مجلس الوزراء التفاوض مع بعثة صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي على برنامج تصحيح اقتصادي ومالي تحت إسم» التسهيل الائتماني الممدد»Extended Fund Facility مدته أربع سنوات.

وقال: لقد أُعد هذا البرنامج من قبل الجانب اللبناني بمساعدة صندوق النقد الدولي، وهو يهدف إلى تحفيز النمو وتوفير فرص عمل ووضع لبنان على سكة التعافي والنهوض بعد أن انكمش الاقتصاد بأكثر من 60% خلال السنتين الفائتتين، وانهار سعر صرف الليرة ووصل التضخم إلى مستويات عالية جداً ووصل مستوى الفقر إلى حد لم يشهد لبنان له مثيلاً في تاريخه الحديث.

اضاف الشامي: يحتاج هذا الاتفاق إلى موافقة إدارة الصندوق، وكذلك الحكومة اللبنانية ومجلس النواب، لا سيما في ما يتعلق بالقوانين الملحة الواجب إقرارها قبل الحصول على موافقة مجلس إدارة الصندوق على البرنامج بشكل نهائي.

يعتمد هذا البرنامج على الركائز التالية:

• توفير بيئة مؤاتيه للنشاط الاقتصادي عبر أنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لاستعادة النمو وتأمين فرص عمل.

• إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكن من استعادة دوره في تمويل الاقتصاد .

• تحسين المالية العامة لتأمين استدامة الدين مع زيادة النفقات على القطاعات الاجتماعية والبنى التحتية.

• إصلاح القطاع العام ومؤسساته وخاصة قطاع الكهرباء لتأمين تغذية أفضل مما يساعد في تخفيف الأعباء على المواطنين وإنعاش الحركة الاقتصادية.

• توحيد سعر الصرف لإزالة التشوهات في الاقتصاد.

وفور اعلان الاتفاق ترأس الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا اجتماعا ماليا حضره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المالية يوسف خليل ووزير الاقتصاد والتجارة امين سلام وممثلون عن صندوق النقد الدولي.

وبعد الاجتماع صدر بيان تلاه الرئيس ميقاتي ومما جاء فيه:  تتطلّب الأزمة برنامجاً اصلاحياً شاملاً أولا لمعالجة التحديات المتراكمة، ومن ثم تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، وإرساء قواعد النمو المستدام والقوي. وهذا الأمر يتطلب سياسات وإصلاحات فعالة لإنعاش الاقتصاد، اعادة بناء الثقة، والدعم الواسع من جميع الأطراف؛ كما يقتضي اعترافاً صريحاً بالخسائر الواقعة في النظام المالي والموافقةً على طرق معالجتها.

اضاف:يعلن رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، التزاماً راسخاً بالعمل على حلّ الأزمة ووضع لبنان على مسار النمو المستدام والمتوازن والشامل من خلال تطبيق إصلاحات بنيوية توطّد الإطار المؤسَّساتي، وتعالج أبرز مواطن اختلال التوازن الاقتصادي والمالي الكلي، وتوسّع شبكة الأمان الاجتماعي للتخفيف من وطأة الأزمة على اللبنانيين لا سيما منهم الفئات الأكثر حاجة، وتنشيط حركة الاستثمار في البنى التحتية وإعادة الإعمار.

وتابع: لهذه الغاية، يدعم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، بقوة البرنامج الاصلاحي الاقتصادي الذي تقوم اللجنة الوزارية المكلفة من قبل مجلس الوزراء بالتفاوض بشأن مندرجاته مع صندوق النقد الدولي. وسوف نتعاون بشكل وثيق لضمان التطبيق السريع لكل الإجراءات المتفق عليها مع الصندوق، بما في ذلك إقرار التشريعات الضرورية، بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم، الهادفة إلى إنجاح هذا البرنامج.كما نجدد الالتزام الكامل باستمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي من اجل اخراج لبنان من كبوته ووضعه على سكة التعافي والحل.

ولاقى رئيس مجلس النواب نبيه بري الاتفاق بموقف قال فيه: يأتي الاتفاق المبدئي الذي توصّلت اليه الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي ليشكّل إنجازاً إيجابياً للحكومة على طريق معالجة الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد وأرهقت الشعب اللبناني وجعلت نسبة غير مسبوقة منه تحت خط الفقر.

واضاف: إنني، بصفتي رئيساً للمجلس النيابي اللبناني، أثمّن هذا الانجاز ونقدّر الجهود التي بذلت من جانب فريق صندوق النقد الدولي للتوصل له، والذي يشكّل بداية عودة لبنان الى سكة التعافي ويكسب لبنان إعادة تصنيف ايجابية من جانب صندوق النقد والمؤسسات المالية الدولية.

وتابع: يهمني في هذه اللحظة الدقيقة أن أعرب باسمي وباسم المجلس النيابي عن جهوزية المجلس النيابي لمواكبة هذا الانجاز بالعمل وبجدية كبيرة لتأمين التشريعات والاصلاحات المطلوبة الضرورية الهادفة الى إنجاح البرنامج المدعوم من قبل صندوق النقد وضمان ودائع اللبنانيين والمودعين.

وختم: كما اكّدت دائما، لاسيما في الاجتماع الأخير مع وفد الصندوق الذي يزور لبنان، على المواكبة المطلوبة من المجلس النيابي، لجعل الحلول مستدامة وحقيقة ملموسة.

وكانت بعثة قد صندوق النقد الدولي قد واصلت جولتها على المسؤولين والفاعليات قبيل مغادرتها لبنان اليوم الجمعة، وتابعت ملفات مشروع موازنة ٢٠٢٢ والـ «كابيتال كونترول» وإعادة هيكلة المصارف ورفع السريّة المصرفية والإصلاحات المطلوبة، إضافةً إلى المرافئ البحرية اللبنانية، ومطار بيروت الدولي، والبنى التحتية، وقطاع النقل ككل.

وزارت البعثة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان في المجلس النيابي بحضور النائب ياسين جابر. ووزير الاشغال علي حمية لهذه الغاية. كما زارت البعثة جمعية الصناعيين واستمعت الى مشروعها للنهوض الاقتصادي، الذي يرتكز على الأسس التالية: الانتعاش الاقتصادي، توزيع المسؤوليات بشكل عادل، إقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص لادارة أصول الدولة، إقرار قانون الكابيتال كونترول، توحيد سعر الصرف واستقراره ضمن اطر محددة، مكافحة الاقتصاد غير الشرعي ومنع التهريب.

وفي السياق، وقّع الرئيس ميشال عون المرسوم القاضي بإحالة مشروع القانون المعجل الذي اقره مجلس الوزراء، الى مجلس النواب، والرامي الى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية (قانون الكابيتال كونترول). كما وقّع المرسوم القاضي باعطاء سلفة خزينة الى هيئة «اوجيرو» بقيمة 127 مليار و532 مليون ليرة لبنانية لتغطية نفقات دفع المساعدة الاجتماعية وتعديل مقدار بدل النقل الموقت لكافة العاملين فيها، وحددت مدة السلفة بسنة واحدة.

من جهة ثانية، أكد ميقاتي خلال إستقباله وفدا مشتركا من المجلس الإقتصادي الإجتماعي والهيئات الاقتصادية  في السراي الحكومي أن الإصلاحات الإقتصادية والمالية هي مطلب لبناني قبل أن تكون مطلباً دولياً وإحدى الإلتزامات التي يطلبها صندوق النقد الدولي.

ورداً على سؤال عن أزمة السيولة أجاب: إن زيادة الطلب على الليرة اللبنانية في الفترة الماضية أُستتبعت بإرتفاع في سعر صرف الدولار الأميركي، كما أنه تم طبع كميات من العملة الوطنية خلال العامين ٢٠٢٠-٢٠٢١. مصرف لبنان يحتاج الى بعض الوقت لضبط وضع السيولة في البلد وإعادة إنتظام موضوع الرواتب بشكل كلي، علماً أن المصرف المركزي إتخذ قراراً بإحالة المصرف الذي لا يدفع الرواتب بشكل كامل على الهيئة المصرفية العليا، وبإذن الله ستُدفع الرواتب كاملة ويعود الوضع الى طبيعته.

وأشار الى أنه وقّع امس مرسوما إضافيا طلبه وزير المالية بشأن مرسوم المنح الاجتماعية ، كما وقّع مرسوم زيادة بدل النقل للقطاع الخاص.

مصدراللواء
المادة السابقةعرض صيني – ألماني لإنشاء معامل كهرباء
المقالة القادمةتوقف المطاحن