في اجتماعها في الـ ٢٦ من تشرين الثاني ٢٠٢٠، أصدرت هيئة التحقيق الخاصة قراراً، كلّفت بموجبه أمينها العام بالتدقيق لدى «بنك بيروت» و «البنك اللبناني الفرنسي» و«بنك البحر المتوسط» في حسابات الشركات التي يشتبه في تورطها في فضيحة الفيول المغشوش (وأبرزها شركات آل رحمة) كمجموعة ZR، وbb. وطلبت الهيئة من أمينها العام «بيان ما إذا كانت هناك حركة أموال متعلقة بشراء الفيول أويل والغاز أويل لزوم شركة كهرباء لبنان، والجهة التي حُوّلت إليها الاعتمادات، وكيفية تغطية الاعتمادات، وما إذا كان هناك أي حركة مشبوهة في هذه الحسابات وإفادة الهيئة بالنتائج». اللافت في هذا القرار أنه يحدّد أربعة مصارف حصراً للتدقيق في حسابات الشركات المُشتبه فيها لديها، ولم يأتِ على ذكر المصارف أخرى، علماً بأن مصادر مصرفية تجزم بأن هذه الشركات تتعامل مع مصارف غير تلك المذكورة في القرار. وفي حال صحّت معلومات المصادر، تكون الهيئة قد قرّرت عمداً إخفاء جزء أساسي من المعلومات المتعلقة بقضية الفيول المغشوش.
وتزداد الريبة من قرار الهيئة لكونه يتضمّن في فقرة ثانية «الطلب إلى جميع المصارف والمؤسسات المالية وشركات تحويل الأموال» الإفادة عن «أي عمليات مُنفذة» من قِبل عدد من الأفراد المُشتبه في تورّطهم في قضية الفيول المغشوش والتدقيق في حساباتهم «من تاريخ فتح الحسابات». وهؤلاء الأفراد هم: طارق الفوال، فارس موسى، جورج الصائغ، محسن غالب، رفعت العاكوم، إيلي فواز، سركيس حليس، إبراهيم زوق، تيدي رحمة وأورور الفغالي.
اللافت أن البند الأول من القرار يحصر التحقيقات المتعلقة بالشركات في أربعة مصارف، فيما يطلب في بنده الثاني التحقيق في حسابات الأفراد في جميع المصارف، مع العلم بأن حسابات الشركات هي التي كانت تُجرى عبرها العمليات اللازمة لشراء الفيول وبيعه.
يُذكر أن هيئة التحقيق الخاصة تتألف من حاكم مصرف لبنان رئيساً، وتضمّ في عضويتها المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم (بصفته القاضي المُعيّن في الهيئة المصرفية العليا)، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف، إضافة إلى عضو معيّن من قبل مجلس الوزراء.
من جهة أخرى، وفي الجلسة نفسها، وافقت الهيئة على اقتراح حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، انتداب نائبه الأول، وسيم منصوري، لترؤس اجتماعات الهيئة في حال تعذّر حضور الرئيس الأصيل، طبقاً للمادة السادسة من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ورغم أن هذه المادة توحي بأن انتداب بديل للحاكم، مرتبط بتعذّر ترؤسه لأحد اجتماعات الهيئة، إلا أن سلامة ارتأى إصدار قرار من الهيئة لجعل نائبه الأول منصوري بديلاً دائماً منه. وهو إضافة إلى انتدابه لترؤس الهيئة بغياب سلامة، قرر الأخير انتداب منصوري للقيام بالمهام المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون نفسه (٢٠١٥/٤٤- قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) التي تنص على أن «لرئيس الهيئة أو لمن ينتدبه أن يخابر مباشرةً السلطات اللبنانية أو الأجنبية كافة (القضائية – الإدارية – المالية والأمنية) بغية طلب معلومات أو الاطلاع على تفاصيل التحقيقات التي تكون قد أجرتها حول الأمور المرتبطة أو المتصلة بتحقيقات تجريها الهيئة. وعلى السلطات اللبنانية المعنية أن تستجيب لطلب المعلومات فوراً من دون الاعتداد تجاه الهيئة بأي موجب سرية». وبذلك يكون سلامة قد منح منصوري دوراً كبيراً شبيهاً بما كان قد منحه سابقاً، وإن بصورة غير رسمية، لنائبه السابق محمد بعاصيري الذي كانَ يُشارك في أعمال الهيئة بصفة استشارية، كضمانة مطلوبة من الولايات المتحدة. لكن دور منصوري ليس مرتبطاً بالضرورة بطلبات خارجية، بقدر ما هو تلبية لمطالب الجهات التي تتبادل الحماية مع سلامة. وتجدر الإشارة الى أن أعضاء الهيئة يتقاضون «تعويضات مالية» عن عملهم فيها، رغم أنهم يتقاضون رواتب من المال العام نتيجة وظائفهم الأساسية، وهو ما ينطبق أيضاً على منصوري المنتدب من قبَل سلامة للقيام بمهام محددة في هيئة التحقيق.