زحمة المطاعم وفورة الإستثمارات: “فقاعة” سياحية؟

لا يكشف التنقل بين المطاعم ومشهد الإزدحام فيها، عن وجود أزمة إقتصادية أو إجتماعية ومالية في لبنان، أو عن حضور شبح الحرب الدائرة في الجنوب، أو أن 74 بالمئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر.

إلاّ أن مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، لا يجد في مشهد المطاعم المزدحمة وبنسبة النمو المسجلة في قطاع الإستثمارات السياحية، عوامل تسمح بالحديث عن حركة سياحية، ذلك أن الإستثمارات الحالية، تتمثل في افتتاح عدد كبير من المطاعم والمقاهي بشكل خاص وفي بعض المناطق اللبنانية دون غيرها.

وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، حول “فورة” الإستثمارات على هذا الصعيد، يرى الدكتور مارديني، أنها مدفوعة من نجاح الحركة السياحية خلال موسم الصيف الماضي، والتي سجلت تطوراً في أرقامها، قاربت أرقام الحركة في لبنان قبل انهيار العام 2019.

وبالمقارنة مع الإستثمارات السياحية السابقة، يؤكد مارديني أن ما يحصل اليوم لا يشمل افتتاح الفنادق أو المنشآت السياحية الضخمة أو المنتجعات أو المراكز التجارية الجديدة، أو حتى إعادة افتتاح فنادق كبرى قد أقفلت أبوابها بعد الأزمة المالية والإقتصادية وانفجار مرفأ وانهيار القطاع المصرفي.

ولذلك فإن الحديث عن عودة الإستثمار يبدو مضخماً، برأي مارديني، الذي يلفت إلى المخاطرة في افتتاح مشاريع سياحية في الوقت الحالي، وإن كان من الطبيعي أن تبادر بعض المؤسسات السياحية للإقفال وأن يتمّ افتتاح مؤسسات أخرى، ولكن في الإجمال فإن العدد لم يصل بعد إلى ما كان عليه قبل العام 2019.

وعن مصدر التمويل لهذه المشاريع في ظل غياب التسليف من قبل المصارف، يقول مارديني إن المصدر هو المال “الكاش” الموجود لدى اللبنانيين، وذلك لسبب بسيط هو تجميد القروض المصرفية والعجز عن الوصول إلى الودائع، وبالتالي فإن من يملك مدخرات هو القادر على الإستثمار اليوم في كل القطاعات، ولكن هذا الإستثمار يسمى بعلم الإقتصاد equity investment ، أي أن الإستثمار لا يحصل على أساس الإقتراض، حيث أن من يملك المشاريع الجيدة لا يملك المال، ويعجز عن الحصول على أي قروض مصرفية، وهذا الأمر يؤخر إعادة نهوض القطاع السياحي.

وعن خطورة استخدام الكاش في الإستثمارات واحتمالات حصول عمليات تبييض للأموال، يؤكد مارديني أن هذا الأمر يحصل لسبب وحيد هو غياب الدور الأساسي للقطاع المصرفي، وعلى صعيد تبييض الأموال فإن هذا قد يحصل ولكن بنسبة متدنية.

ورداً على سؤال عن ازدياد نسبة الفقر في لبنان بنتيجة الركود الإقتصادي وفق تقارير صادرة أخيراً، يعيد مارديني الأسباب إلى البطالة وانعدام فرص العمل وإقفال الشركات والمؤسسات التجارية، وبالتالي فإن الإستثمارات الحالية في القطاع السياحي قد تؤمن بعض فرص العمل، ما قد يساعد على خروج البعض من خط الفقر.

وعن تأثير الحرب في الجنوب، يقول مارديني إنه “دراماتيكي” وسينعكس على حركة الوافدين بسبب مخاوف المغتربين من إقفال المطار، وهو ما يجعل من إجازة البنانيين الذي يعملون في الخارج، نوعاً من المخاطرة بسبب الخشية من عدم إمكانية المغادرة إلى أعمالهم في الخارج لأسباب متصلة بالوضع الأمني.

وعن نسبة النمو المتوقعة في الحركة السياحية في الصيف، يشير مارديني إلى أن الكل يأمل نهاية الحرب قبل الصيف فيتغيرعندها الواقع السياحي، ولكن طالما أن خطر توسع الحرب يبقى احتمالاً قائماً، فإن هناك صعوبة في أن تكون أرقام الأرباح المحققة في السياحة مشابهة لأرقام العام الماضي.

مصدرليبانون ديبايت
المادة السابقةلبنان ما زال مهددا بادراجه ضمن اللائحة الرمادية
المقالة القادمةتغيّرات بنيوية في المجتمع: الفوارق تزداد اتساعاً