الزلازل في لبنان مسار اعتاد عليها اللبنانيون على مرّ السنوات بما أنّه ملتقى صفيحتين وعدد من الفوالق، تأكيد جديد من الباحث الجيولوجي وعالم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر.
فقد تطرق نمر في حديث للبنان الحر ضمن النشرة العلمية التي تبثّ في التاسعة من مساء الأربعاء وباستطاعة المستمع ان يعود اليها بالصوت ساعة يشاء عبر موقع إذاعة لبنان الحر الالكتروني rll.com.lb ، تطرّق بشكل مسهب الى ماضي لبنان الجيولوجي وحاضره ومستقبله.
وأوضح أنّ لبنان على ملتقى صفيحتين تكتونيتين هما الصفيحة العربية والصفيحة الافريقية وبينهما ملتقى الصفائح الأهم فالق البحر الميت الذي يمرّ ببلدان عديدة كالأردن وإسرائيل وسوريا. وأشار الى أنّه في لبنان يتفرعّ الى خمسة فوالق هي: اليمونة وروم راشيا وسرغايا وحاصبيا.
وشدّد على انّه بطبيعة الحال الصفائح تتحرك كما أنّ كلّ فرع يتحرك بشكل مستمر وهذا هو الحال عندنا في لبنان إن كان شرقًا او غربًا او على طول مساحة لبنان.
وردًا على سؤال عن انّ ما شهده لبنان من فترة وجيزة من تكرار لهزات أرضية خفيفة في أكثر من منطقة هو تحضير لزلزال مدمّر قال الدكتور نمر:
عبر التاريخ مرّ علينا زلزال مدمّر سنة 551 في تموز تحديدًا وهو زلزال دمّر بيروت على الفالق البحري أعقبه تسونامي جرف الناس معه على طول الساحل وكانت قوته 7,2 على مقياس ريختر. وفي العام 1202 ضرب زلزال عبر فالق اليمّونة بقوة 7,5 . وفي 1759 ضرب زلزالان عبر فالقَيْ راشيا وسرغايا بفارق شهر واحد فقط الأول بقوة 6,6 والثاني 7,2 على مقياس ريختر. هذا في التاريخ امّا في المستقبل فلا يمكن التنبؤ في المستقبل القريب.
أضاف: لا نعرف الكثير عن الفالق البحري لان الجيولوجيا البحرية ما زالت متأخرة بعض الشيء والأبحاث جارية لمعرفة كيف تتحرك لمعرفة انتشار الفوالق تحت البحر.
وتحدّث عن الطريقة المتبعة لدراسة الزلازل وتكرارها عبر تحديد موقع الفالق ودراسة التربة والطبقات عبر عينات فحمية ويمكن من خلال هذه الدراسات ان يتم تحديد الفترة الزمنية النمطية التي يمكن ان تفصل زلزالا عن الذي يليه .
وبحسب حسابات د. نمر على فالق اليمونة فإنّ الفترة بين الزلزال والآخر تبعد 1000 سنة، وآخر زلزال مدمر كان عام 1202 ، وبالتالي الأقرب سيحصل في العام 2200. ومن هنا استخلص أنّ الخطر على هذا الفالق بعيد.
أمّا في ما يخصّ فالقي راشيا وسرغايا فالدراسة تشير الى تكرار الزلازل عليهما كلّ 700 او 800 سنة والامر بعيد زمنيًا أيضا.
ولفت الى ان فالق روم يحتاج الى دراسات معمّقة من جانبه ولكن الامر لن يكون أقرب من 600 سنة تقريبًا.
والخلاصة التي شدد عليها الباحث الجيولوجي الدكتور طوني نمر عبر لبنان الحر هي أنّ هناك طريقتين لقراءة ما يحصل من هزات صغيرة :
الاولى قراءة إيجابية بأنّ هذه الهزات الصغيرة طبيعية و”تنفيسة” الفالق.
والثانية سلبية تقول إن تنفيس الفالق يوحي بأنّ هناك مناطق لم تنفّس بعد تتحضّر لتحرك مفاجئ وبالتالي تنبئ بزلزال.
وإذ أكد أنّ القراءة لا يمكن توقّعها إلا اذا كنا على الفالق تمامًا نجري ابحاثا دقيقة, شدّد نمر على انه يتبنى التحليل الأول الإيجابي داعيًا الرأي العام اللبناني الى تخفيف الهلع واعتبار الامر طبيعيًا وترك التّيقظ والـتأهّب لأصحاب الاختصاص.
وعن مدى تأثير النشاط البشري على سطح الأرض او قشرتها من كسارات ومرامل وتنقيب للنفط قال نمر: الفالق يعني طبقات ارض تصل 10 كيلومترات وبالتالي نشاط الكسارات المرامل يؤثر فقط اذا ترافق مع نشاط آخر في باطن الأرض.
وأعطى سد بسري مثلا على ذلك معتبرا ان مشكلته الأساسية وجود كمية كبيرة من الماء على السطح وقد تدخل كميات أخرى الى باطن الأرض وكأننا “نزيّت الفالق” ونحرّكه.
أما التنقيب عن النفط أو الغاز فيختلف بعض الشيء ومجرد الشفط يمكن ان يحدث الضغوطات في جوف الأرض ويحرّك فالقًا كبيرًا. إنما ما زال الامر بعيدا جدا لأننا لم نتأكد بعد من وجود نفط أو غاز أصلاً، وأردف: “عندما نصل اليها نصلّي عليها”.
وجدّد التأكيد أن لا جواب علميًا للتنبؤ بزلازل قريبة اليوم او غدا ولكن ذلك ممكن بعد مئات السنين.