زمكحل: تحديات كثيرة تواجه الاقتصاد بعد الحرب

مما لا شك فيه أنه ينتظر لبنان بعد انتهاء الحرب أو بعد وقف إطلاق النار الكثير من التحديات التي تواجه الاقتصاد المترنح تحت أسوأ أزمة منذ حوالى خمس سنوات، فهل سيتمكن الاقتصاد من النهوض وما هو المطلوب لذلك وكم سيستغرق من الوقت؟

وما هي الإجراءات المستقبلية من أجل التعافي الاقتصادي وماهي التحديات المالية التي تواجه البلاد في الفترة المقبلة و ما هي السيناريوهات المتوقعة له خلال العام ٢٠٢٥ ؟

عن هذه الأسئلة يجيب عميد كليّة إدارة الأعمال في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، ورئيس الاتّحاد الدوليّ لرجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين الدكتور فؤاد زمكحل الذي قال في حديث للديار: إذا أردنا أن نتحدث عن اقتصاد لبنان ما بعد وقف إطلاق النار فلا بد من الحديث عن تحديات كبيرة جداً والتحدي الأكبر هو تحدي الناتج المحلي، مشيراً أنه في أواخر العام ٢٠١٨ كان الناتج المحلي يوازي ٥٥ مليار و في أواخر العام ٢٠٢٣ انخفض الناتج المحلي إلى ١٩ مليار بحسب تقرير البنك الدولي متوقعاً ان يكون الناتج المحلي بعد الحرب الأخيرة بين ١٥ و ١٦ مليار اي بانخفاض ٧٠% من إقتصادنا الحالي .

ورأى زمكحل أن التحدي الأكبر إعادة الإنماء للاقتصاد و إعادة ثقة المستثمر الخارجي و دول الخارج سيما الدول المانحة للبنان، لافتاً إلى أن إعادة الإعمار لا يمكن أن يتم عن طريق الدولة اللبنانية المفلسة و كذلك من قبل القطاع الخاص و الأفراد صعب جداً لأنه من دون ثقة و لارؤية موحدة صعب جداً إعادة الإعمار، مستبعداً أن يكون هناك تمويل خارجي كما حصل إثر حرب ٢٠٠٦ .

وشدد زمكحل على أن التحديات الكبيرة للعام ٢٠٢٥ هي إعادة إنماء الاقتصاد و إعادة إنماء الثقة و خاصةً تمويل إعادة الإعمار الذي سيكون مرتبطاً بالإصلاحات المرجوة منذ ٢٠٢٠ من قبل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و من كل البلدان المانحة، وأبرز هذه الإصلاحات الشفافية والحوكمة الرشيدة و أن يكون لدينا دولة مؤسسات ودولة العدل والعدالة ودولة حقيقية ،” ومن دون هذه الشروط لسوء الحظ لن يكون لدينا اقتصاد وعندما نتكلم على الاقتصاد نتكلم على اقتصاد أبيض شفاف ورسمي وليس الاقتصاد الأسود الذي نما منذ بدء الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية بحيث تحولنا من اقتصاد مراقَب إلى اقتصاد عشوائي الذي هو الاقتصاد النقدي وهو أخطر اقتصاد ممكن أن يصيب أي بلد والذي جرّنا إلى القائمة الرمادية مع ضغوطات صعبة جداً من كل دول الخارج .

ورداً على سؤال حول مدى إمكان نهوض الاقتصاد أكد زمكحل أن لدينا ملء الثقة لأن اقتصادنا صغير جداً فهو ينهار خلال أيام وأشهر وأيضاً يمكنه أن ينهض خلال أيام وأشهر، فاقتصادنا الصغير يوازي رقم أعمال شركة موجودة في مصر أو تركيا ،” فلدينا كل الثقة بأن اقتصادنا سينهض سيما مع التغييرات التي حصلت على صعيد الوطن والصعيد الأقليمي لا يمكننا إلا أن نكون متفائلين بشرط أن نكون تواقين على رؤية واحدة وموحدة متفقين تحت سقف الدولة اللبنانية مع احترام للدستور والحق والحقوق والقوانين والمواعيد الدستورية “.

وأكد زمكحل أنه لا يمكننا التحدث عن نظرة إيجابية للاقتصاد في المستقبل لأننا على مفترق طرق إما الذهاب إلى بناء دولة حقيقية تحترم نفسها وأبناءها والدورة الدولية، إما أننا ذاهبون إلى دويلات وإلى بلد المافيات والاقتصاد الأسود .

ووفق تعبير زمكحل يجب أن نرى النصف الملآن من الكوب و ليس النصف الفارغ ويجب أن نبدأ عامنا الجديد بوجود رئيس للجمهورية وحكومة فعالة وجيش لبناني الحامي الوحيد للبنانيين وللاقتصاد وللحدود اللبنانية ونبني دولة حقيقية حتى لو لم نكن متوافقين يجب أن نكون جميعنا متفقين على مفهوم الدولة لأنها هي التي تخلق الثقة وهي التي تبني الإنماء ،” ومهما كنا كقطاع خاص نحب أن نكون مستقلين لا يمكننا العمل بمفردنا فنحن بحاجة إلى دولة تراعي القوانين وتقوم بالتشريع وتعود لبناء علاقات خارجية خاصةً مع إخواننا العرب واليوم لدينا فرصة ذهبية الأولى منذ ثلاثين عاماً كي نكون بلداً مستقلاً مع اقتصاد مستقل يبني علاقات مع الجميع”.

وشدد زمكحل على ضرورة أن يكون لبنان متصالحا مع الجميع وألا يكون طرفاً في كل الانقسامات الدولية فلبنان منصة الحضارات ومنصة الاقتصاد ومنصة التبادل التجاري ويجب أن يعود لتأدية هذا الدور الحيادي وبلد السلام وبلد الإنماء وبلد الابتكار والريادي.

ورداً على سؤال حول التحديات المالية التي تواجه لبنان رأى زمكحل أن التحدي الأكبر هو إعادة بناء قطاع مصرفي لأننا من دونه لا يمكننا تمويل الاقتصاد ولا يمكننا أن نعيد الدورة الاقتصادية ،”فلبنان من دون قطاع مصرفي منذ خمس سنوات ونحن مجبرون أن نبني قطاعاً مصرفياً حقيقياً ويجب أن نصارح المودعين حول حقيقة خسائرهم ومن سيتحمل جزءًا منها ولا يمكننا أن نبني أوهاماً وأكاذيب بل يجب أن يكون هناك خطة حقيقية في هذا الخصوص من أجل إعادة النهوض “.

وتحدث زمكحل عن التحدي الثاني وهو إعادة بناء الإنماء مشيراً إلى اقتصاد ب ١٦ او ١٧ مليار لا يكفي للشعب اللبناني ولذلك يجب أن نبني إنماء فوق ١٠% سنوياً كي نصل إلى الأرقام التي كنا عليها قبل خمس سنوات، مشدداً على ضرورة تمويل إعادة الإعمار الذي لا يمكن تمويله من الداخل و لا من خلال الضرائب و لا من خلال الاستثمارات الداخلية ،بل نحن محكومون أن نمول إعادة الإعمار من الدول المانحة و من صندوق اانقد الدولي ومؤتمر لإعادة إعمار لبنان، لافتاً إلى أن كل هذه المؤتمرات مشروطة بإصلاحات عادية وواضحة وبتدقيق داخلي وخارجي وبملاحقة تمويل المشاريع بأقسام وليس عشوائياً.

وإكد زمكحل على ان التحديات المالية كبيرة جداً كي نعيد القوة إلى الليرة اللبنانية سيما أننا في اقتصاد مدولر بامتياز، ” لكن الأهم أن نبني الاقتصاد الأبيض الحقيقي وأن نحد من الاقتصاد الأسود الذي جرنا إلى اللائحة الرمادية ونحن هنا على مفترق طرق فإما نقوم باستراتيجية واضحة للخروج من هذه القائمة أو أننا ذاهبون إلى القائمة السوداء.

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةصناعة الـ”Buche de Noel” في المنزل: كلفة أقل ولذة أكبر
المقالة القادمةلبنان بلد استيراد بامتياز!.. مرفأ بيروت يستعيد عافيته ونشاطه