سارقو الودائع هم من أهل الفضاء الخارجي

وصلتنا بعض التعليقات حول مقال الأسبوع الماضي يدافع أصحابها فيها عن مصرف لبنان المركزي وحاكمه السابق رياض سلامة والمصارف، مؤكّدين أن لا مسؤولية تقع عليهم في ما يتعلق بالتفريط بالودائع وسرقة جنى أعمار الناس. ولكن هذا الدفاع عن المصرف المركزي لم يقترن بتوضيح حقيقة ما حصل ومَن المسؤول فعلاً عن سرقة العصر، وبالتالي يبدو انّ من سرق الودائع من وجهة نظر هؤلاء أتى من الفضاء الخارجي .

إنّ محاولات تلميع صورة المصرف المركزي والمصارف التي تنتشر حالياً، لن تجدي نفعاً، على رغم من المحاولات واستثمار الاموال (اموال المودعين) في حملات دعائية واستئجار اقلام وإعلاميين. فالثقة التي فُقدت بهؤلاء لن تعود، لأنّ المواطن والمغترب على حّد سواء باتا على اقتناع ثابت في انّ الامور لن تستقيم في ظل وجود القوانين نفسها والاشخاص أنفسهم والمصارف نفسها التي كانت مسؤولة عن خراب بيوت المئات وما زالت تتمنع عن الإجابة عن الاسئلة التي طالما سألناها مراراً وكشف اوراقها، فكيف يمكن إعادة الثقة لمن يصرّ على حجب الحقيقة؟

وبالتالي لن تستقيم الامور وتعود الثقة بالبلد اذا لم يتمّ افتتاح مصارف جديدة بعقليات جديدة، ويتمّ تغيير القوانين الحقيرة التي اوصلتنا الى هنا، من قانون النقد والتسليف، والقانون الذي ينظّم علاقة المصرف المركزي مع المصارف، وغيرها من القوانين التي أوصلتنا إلى جريمة الاستيلاء على جنى أعمار الناس، كما والقوانين التي تهرّب المستثمرين اللبنانيين المقيمين والمغتربين وغير اللبنانيين من لبنان.

نحتاج إلى مصارف جديدة تعمل بشفافية ووضوح، تحت مظلّة قانون للشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة. ونذكّر انّ ذلك لا يتضارب مع السرّية المصرفية.

انّ محاولة المصارف الحالية ترقيع المشكلة والتغاضي عمّا حصل والاستمرار وكأنّ شيئا لم يحصل، وكأنّ ضياع الودائع كان أهل الفضاء الخارجي مسؤولين عنه، هي طرق لن تمرّ على الشعب. والأنكى، محاولة السلطة اليوم العمل مع المصرف المركزي والمصارف على حساب المودعين، فتقدّمت وزارة المال من مصرف لبنان، بطلب تزويدها معلومات عن كل شخص سدّد مبالغ متوجبة عليه بغير الدولار النقدي. عظيم، طالما يستطيع وزير المال طلب معلومات من دون التحجج بالسرّية المصرفية، لماذا لا يطلب معلومات عن كل شيء؟ لماذا لا يطلب لائحة مفصّلة بمن هرّب امواله إلى الخارج بعد 19 تشرين؟ لماذا لا يطلب من المصارف الإجابة عن الاسئلة التي سألناها مراراً، لكي يتضح كم استفادوا من هذه الأزمة، إذ لا نرى اي صاحب مصرف تراجعت اوضاعه كما حصل مع مودعيه، بل على العكس يعيشون برفاهية مستمرة؟ علماً انّ عبارة الدولار غير النقدي اصلاً مستفزة، وكأنّ الدولار الموجود في المصارف، وهو حق الناس، غير ذي قيمة. انّ ما تمّ وضعه في المصارف هو دولار حقيقي، واي محاولة لتغيير ذلك هو سرقة وإجرام.

فبدل ان تبادر وزارة المال الى تبيان كل هذه الحقائق، فلتركّز على نقطة القروض وتُسقط الاسئلة الاخرى، وتتصرّف بحسب ما تقتضيه مصلحة المصارف. هؤلاء الذين هرّبوا اموالهم الى الخارج بقيمتها الحقيقية، ولكن يتصرّفون مع اموال الناس المؤتمنين عليها وكأنّها بلا قيمة.

في ظلّ الظلم الواقع على المودعين اليوم، ومحاولة تمييع قضيتهم على أيدي من تسبّب بها، ربما الافضل ايضاً ان نطلب لجنة تحقيق من الفضاء الخارجي، او ان نتحرّك سريعاً لإقرار قانون للشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة.

ونسأل محبي لبنان: لماذا رُفض إقرار قانون للشفافية وفيه مصلحة أساسية للبلد؟ انّ من يخاف من الشفافية هو متورط بطريقة ما، ويحق لنا ان نشك في أفعاله حتى تبيان العكس.

 

مصدرالجمهورية - فادي عبود
المادة السابقةمذكرة تفاهم بين جمعية الصناعيين ومرفأ بيروت لتوفير معاملة تفضيلية للصناعيين المنتسبين
المقالة القادمةالضمان سيدفع الإيجارات المتراكمة على دولار الـ 30 ألف ليرة!