أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية الإبقاء على تصنيف لبنان بالعملة الأجنبية عند SD/SD، وكذلك حافظت الوكالة على التصنيف الائتماني بالعملة المحلية عند CC/C، مع نظرة مستقبلية سلبية على المدى البعيد».
إعتبر تقرير «ستاندرد اند بورز» أنّ المآزق السياسية في لبنان تستمر في تقويض التقدم المُحرز في الاصلاحات وإعادة هيكلة ديون الحكومة، في أعقاب تخلّفه عن سداد ديونه التجارية منذ ما يقرب من أربع سنوات.
وفيما لم تتوقع الوكالة أي تقدم ملموس في الإصلاحات أو إعادة هيكلة الديون في أي وقت قريب، أكدت أن الآثار غير المباشرة الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وحماس ستؤدي إلى زيادة المخاطر الأمنية المحلية وإثقال كاهلها على النشاط الاقتصادي.
ويفيد تقرير للوكالة الذي تنشر «الجمهورية» نصّه ان الحكومة اللبنانية تخلفت عن سداد التزامات ديونها بالعملة الأجنبية في آذار 2020، لذا انّ «تصنيفنا للعملة الأجنبية في لبنان هو SD* على ان يتم رفع هذا التصنيف على المدى الطويل عند الانتهاء من إعادة هيكلة الديون التجارية للحكومة. وسيعكس التصنيف المستقبلي الجدارة الائتمانية للبنان في مرحلة ما بعد إعادة الهيكلة، مع الأخذ في الاعتبار عبء الديون الناتج وآفاق السياسة الاقتصادية».
ويقول التقرير: انّ النظرة السلبية لتصنيف العملة المحلية طويلة الأجل «CC» تعكس وجهة نظر الوكالة بأن الحكومة يمكن أن تُعيد هيكلة ديونها المحلية في النهاية كجزء من برنامج أوسع، وتعكس التوقعات أيضًا أنّ إضعاف القدرة الإدارية للقطاع العام يمكن أن يمثّل مخاطر على خدمة الديون في الوقت المناسب.
السيناريو السلبي
ووفق السيناريو السلبي الذي ترسمه الوكالة: يمكن خفض تصنيف العملة المحلية إلى sd إذا كان برنامج إعادة هيكلة الديون يتضمن تخفيضات أو تمديد فترات استحقاق الديون بالعملة المحلية. ويمكن أيضًا خفض تصنيف العملة المحلية إلى Sd إذا تخلّفت الحكومة عن سداد أصل العملة المحلية أو مدفوعات الفائدة إلى دائن تجاري، على سبيل المثال بسبب القيود الإدارية. وعلى الرغم من أن هذا ليس السيناريو الأساسي لديها، إلا أن الوكالة تعتقد أنّ السيناريو الأخير لا يزال محتملاً نظراً لعدم الاستقرار السياسي الداخلي الواسع النطاق والمستمر في لبنان.
أما في حالة السيناريو الصعودي، فترى الوكالة أنه يمكن مراجعة التوقعات إلى استقرار أو رفع تصنيف العملة المحلية إذا رأت أن احتمال حدوث تبادل متعثّر للديون التجارية بالعملة المحلية للبنان قد انخفض بينما تعززت عملية صنع السياسات الاقتصادية المحلية.
السياسة العامة للبلاد
يرى التقرير انّ المشهد السياسي الداخلي في لبنان لا يزال مختلاً، كما أن تنفيذ الإصلاحات اللازمة لبدء انتعاشه الاقتصادي والخروج من التخلف عن السداد مستمر في المماطلة. ولم تكتمل بعد الانتخابات الرئاسية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون البالغة ست سنوات في تشرين الاول2022. حتى الآن، عُقدت 12 جلسة انتخابية في البرلمان من دون إجماع على خليفته، وكانت آخر جلسة في حزيران 2023.
تابع: إن الحكومة القائدة لديها قدرة محدودة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة لبرنامج صندوق النقد الدولي الممولة، وان الضغط من اجل القيام بالإصلاحات سيظل صعبًا.
آثار حرب غزة
إضافة إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهها لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية، أدّت الآثار غير المباشرة للحرب بين إسرائيل وحماس إلى زيادة التوترات السياسية الإقليمية وزيادة المخاطر الأمنية الداخلية.
وفقاً للسلطات، لا يزال لبنان ملتزماً بسداد أصل الدين والفوائد على التزامات ديونه التجارية بالعملة المحلية. ومع ذلك، فإنّ مخاطر التخلف عن سداد الديون التجارية المقوّمة بالعملة المحلية لا تزال مرتفعة، برأي الوكالة، بسبب ضعف القدرة الإدارية للحكومة، وقدرتها المحدودة على جمع الإيرادات، وعدم اليقين بشأن نطاق الدين الحكومي النهائي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
تابع التقرير: على الرغم من انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي في شباط 2023، إلى 15000 ليرة للدولار الواحد من 1507.5 ليرة، إلا أن سعر الصرف الرسمي لا يزال أقل بكثير من سعر السوق الموازية. ونظراً لارتفاع نسبة الدولرة والنشاط غير الرسمي في الاقتصاد، يظل سعر الصرف الرسمي غير ذي أهمية إلى حد كبير باستثناء استخدامه في تحصيل بعض الضرائب والرسوم، وفي عرض الميزانيات العمومية للقطاع المصرفي.
ومع استمرار الاضطرابات السياسية والاقتصادية انكمش الاقتصاد اللبناني إلى ما يقدّر بنحو 16 مليار دولار في نهاية عام 2023 من 53 مليار دولار في نهاية عام 2017. وقدرت الوكالة انخفاضًا حادًا في الناتج المحلي الإجمالي للفرد إلى ما يقدّر بنحو 3000 دولار في عام 2024 (استنادًا إلى متوسط سعر الصرف البالغ 91600 ليرة لكل دولار) من حوالى 7800 دولار في عام 2017.
وتابع التقرير: خفّضنا توقعاتنا للنمو منذ تقريرنا الاخير الذي صدر في آب 2023، بسبب الإصلاحات التي لا تزال متوقفة والمخاطر الناجمة عن صراع محتمل مع إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يعطّل النشاط التجاري بسبب تزايد النازحين داخلياً؛ وانخفاض السياحة، وهو عامل اقتصادي رئيسي. وقدّر أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.2% في عام 2024 بعد الانكماش المقدّر بنسبة 0.2% في عام 2023 و0.6% في عام 2022. وإلى جانب التأثير الأساسي، فإنّ انتعاش نشاط القطاع الخاص في اقتصاد يعتمد بشكل متزايد على النقد، وارتفاع طفيف في مجال السياحة، ينبغي أن يدعم النمو المستقر إلى المتواضع خلال الفترة الممتدة من 2025 الى 2027.
وأكد التقرير انّ المخاطر الأمنية المحلية والخارجية عالية ومستمرة. والاستقرار الاجتماعي هَش، نظراً لضعف الاقتصاد بعد استضافة لبنان لحوالى 1.5 مليون لاجئ سوري، ممّا يضغط على ماليته العامة وخدماته المنهكة بالفعل، الى جانب التوترات المرتفعة القائمة بين «حزب الله» وإسرائيل، حيث تضرب إسرائيل أهدافًا داخل لبنان ويضرب «حزب الله» أهدافًا في إسرائيل.
الموازنة
واشارت الوكالة الى ان موازنة 2024 هي أول موازنة تتم الموافقة عليها ضمن الإطار الزمني الدستوري منذ عام 2002، مع تَوقّع تحقيق توازن مالي. وفي حين أن الميزانية لم تقدّم بنود جدول أعمال الإصلاح الرئيسية، مثل تلك التي دعا إليها صندوق النقد الدولي، فإنّ التغييرات التي تم إجراؤها يجب أن تساعد في زيادة تحصيل الإيرادات، بما في ذلك تحديث الشرائح الضريبية، وبعض الرسوم والغرامات لتعكس انخفاض سعر العملة في السوق الموازية. ولا تزال الميزانية تعكس أسعار صرف متعددة. وبدون موازنة عام 2023، كان الإنفاق الحكومي لكل شهر يستند إلى واحد على 12 من إنفاق عام 2022. على أساس نقدي، حققت الحكومة فائضًا خلال عام 2023، مما يعكس فعليًا قيودًا صارمة على الميزانية، وعلى وجه التحديد، القدرة المحدودة على جمع الأموال لتغطية العجز.
تابع التقرير: تأثرت نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بشكل ملحوظ بالانخفاض الحاد في قيمة العملة، مما أدى إلى زيادة قيمة العملة المحلية للديون بالعملة الأجنبية. وقدّر دين الحكومة العامة بحوالى 285% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، ارتفاعًا من حوالى 160% في عام 2019. وشكل الدين بالعملة الأجنبية 40% من إجمالي الدين في عام 2019، والذي ارتفع إلى حوالى 98% في عام 2023 إذا تم حسابه على أساس الصيرفة. (88% باستخدام السعر الرسمي).
وبعد متوسط عجز في الحساب الجاري قدره 12 مليار دولار سنوياً في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2018، نتوقع عجزا سنويا أصغر بنحو 1.5 مليار دولار في الفترة الممتدة من 2024 إلى 2027، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ضغط الواردات الناجم عن نقص العملات الأجنبية، وصافي تدفقات التحويلات المالية الوافدة.