سدّ فجوة الفساد بالفاسدين أنفسهم

تحتار المنظومة بحكوماتها المتتالية ومجالسها ومستشاريها وطبّاليها كيف يحمّلون المواطنين اللبنانيين نتائج ثلاثة عقود من الفساد والإفساد، والتي أدّت الى فجوة هائلة في النظام المصرفي والمالي لا تقدر على سدّها كل انواع الهندسات المالية والبهلوانيات الحسابية، ولا حتى جميع اعمال السحر الأسود وأحدث اصدارات برنامج إكسيل.

أمّا اذا أرادت الدولة اللبنانية سدّ فجوة الفساد هذه بطريقة علمية وعادلة فهناك الكثير من الأبواب والمصادر التي اغفلتها عن قصد وذهبت مباشرةً في الطريق الذي تعرفه جيداً وهو طريق جيوب المواطنين. المنطق البديهي للبحث عن مصادر لسدّ الفجوة هو تحميلها لمن تسبب بها ومن استفاد منها من قطاعات وشركات وافراد نذكر منها التالي:

قامت المصارف على تحالف المال والسياسة وتحوّلت وسيلة لخدمة البونزي وخدَعت اللبنانيين وساهمت وغطّت واستفادت ولم يتوان اللوبي التابع لها عن تأخير الحلول وتعميق الأزمة.

1 – رساميل المصارف.

2 – ممتلكات المصارف وعقاراتها.

3 – الثروات الشخصية لمساهمي المصارف ومدرائها التنفيذيين ومجالس اداراتها تلك الموجودة في لبنان وفي الخارج.

مصرف لبنان

ان دور مصرف لبنان في الأزمة الحالية يكاد لا يحتاج الى تدقيق جنائي لتفنيده فقد خرج عن الدور المرسوم في قانون النقد والتسليف والذي يتمحور حول حماية النقد والاقتصاد الوطني الى حماية المنظومة وادارة التنفيعات.

4 – الثروات الشخصية واملاك حاكم مصرف لبنان ونوابه واعضاء لجنة الرقابة على المصارف والمجلس المركزي لمصرف لبنان الحاليين والسابقين الموجودة في لبنان والخارج.

5 – الشركات المملوكة من مصرف لبنان بدءاً من كازينو لبنان والميدل ايست الى انترا وغيرها.

6 – الأملاك والعقارات التي يملكها مصرف لبنان والشركات التابعة له.

7 – الأموال العامّة التي ضخّها مصرف لبنان في اكثر من مصرف متعثّر لتعويمه وانقاذ مساهميه من السياسيين والنافذين.

8 – القروض والفوائد الفاحشة التي تم توزيعها كهبات على النافذين والمؤسسات الإعلامية والشركات وكافة المحاسيب والمَرضي عنهم.

9 – الأموال المحولة الى الخارج بعد 17 تشرين سواء كانت لأفراد او مؤسسات مدنيّة او دينيّة.

الدولة اللبنانية بوزاراتها ومؤسساتها المستقلة وصناديقها أثبتت بالممارسة تقاعسها وفشلها في رعاية شؤون المواطنين وحماية حقوقهم.

10 – الثروات الشخصية واملاك الوزراء والمدراء العامين والموظفين في الوزارات التي كان لها القرار او الإشراف او التنفيذ لمشاريع ثبت فيها هدر المال العام، سواءً كانت هذه الأموال لا تزال في لبنان او حوّلت الى الخارج.

11 – الأموال المحولة الى الخارج من قبل الأشخاص المعرّضين سياسياً خلال عملهم في/ ومع القطاع العام.

وجد الفساد في لبنان وجهةً مفضلة وتربة خصبة لممارسة اعماله واخفاء ثرواته في المصارف والعقارات وقطاعات الاعمال.

12 – الثروات المتأتية من الفساد والرشوة ومن تبييض الأموال لحساب الشركات الأجنبية وبارونات النفط وعصابات تجارة المخدرات والسلاح والممنوعات، وهذه الأموال دخلت الى المصارف اللبنانية خلافاً وتحايلاً على القانون 44 ثم خرجت من المصارف الى حسابات اشخاص وشركات، ومعظمها استعملت للمضاربات العقارية وشراء مساحات شاسعة من الأراضي باسماء لبنانيين يعملون واجهات لعصابات وفاسدين في جميع انحاء العالم. كذلك الأموال التي جرى غسلها في قطاعات المقاولات وتجارة التجزئة والمطاعم وتجارة السيارات، وغيرها ما لا يحصى من النشاطات التي يسهل فيها التحايل على القوانين.

جميع ما ذكر أعلاه هي ابوابٌ مشروعة وقابلة للتطبيق قانوناً خصوصاً بعد اجراء تدقيق جنائي مستقل اصبح من الضروري قيامه في كافة مؤسسات الدولة. فبعد استعادة ومصادرة هذه الأموال يجب ان يتم استعمالها لسد فجوة الفساد التي تسبب بها تحلل الدولة والاعيب مصرف لبنان وجشع المصارف واصحابها. هذه هي بعض الخيارات التي تم اغفالها عن قصد في الخطط الحكوميّة المشبوهة التي ذهبت مباشرةً الى سرقة ودائع اللبنانيين وصناديق التعويضات وتعب اجيال من المغتربين.

مصدرنداء الوطن - جان كلود سعادة
المادة السابقةمقصلة الدعم تهدّد أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية
المقالة القادمةالرسوم والضرائب مع المنظومة الفاسدة