تكثر التعديات على الشبكة الكهربائية في كل المناطق اللبنانية، فالمعتدي لا يأبه بمصدر الطاقة التي يسرقها، حتى ولو كان المصدر مرفقاً عاماً كمرفأ بيروت، الذي تعرض عام 2020 لانفجار هو من الأقوى بالتاريخ، حيث يتم إنتاج الكهرباء فيه بواسطة مولدات تابعة للمرفأ وبكلفة عالية.
البداية الخريف الماضي
في بداية فصل الخريف الماضي كلف القاضي علي إبراهيم إدارة واستثمار مرفأ بيروت بالكشف الشامل على الشبكة الكهربائية، وتزويد مكتب مرفأ بيروت التابع لجهاز أمن الدولة، وتحديداً مديرية أمن الإدارة والمؤسسات – قسم أمن المنشآت الحيوية، برئاسة الرائد جوزاف النداف الذي تم توقيفه بملف انفجار المرفأ، ثم أخلي سبيله ليُكمل واجبه بالمرفأ، والذي كان أول من اكتشف وجود تعديات على الشبكة الكهربائية، بتقرير مفصل عن الأمر.
بعد حوالى الشهر تقريباً وصل التقرير الذي تضمن أسماء بعض المتعدّين على الشبكة، فأمر القاضي ابراهيم باستدعائهم، وإلزامهم، بعد اعترافهم بما نُسب إليهم، بإزالة المخالفات وتوقيع تعهد بعدم تكرار المخالفة.
عشرات التعديات والعمل مستمر
هذه الحادثة فتحت الباب أمام توسع مكتب مرفأ بيروت بجهاز أمن الدولة بالتحقيقات، لتُكتشف عشرات حالات التعدي على الشبكة الكهربائية، حيث اكتشف المكتب قيام عدد من الأشخاص، يملكون بيوتاً جاهزة ومستوعبات حديدية على أرصفة المدخل الشمالي للمرفأ، يستخدمونها كمكاتب، بالتعدي على الشبكة الكهربائية التابعة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت، فقامت إدارة المرفأ بإزالة التعديات، من دون أن يمنع ذلك هؤلاء من تكرار التعدي مرة جديدة.
حسب معلومات “المدن” فإن هذه المكاتب، غير المرخصة، التي تعمل على تأمين شاحنات لنقل المستوعبات من المرفأ وإليه، وتعمل في مجال تصليح الإطارات وبيع الزيوت، تعدّت على الشبكة الكهربائية بمساعدة أشخاص مجهولي الهوية، ربما من داخل المرفأ، مقابل مبالغ مالية.
بعد إجراء معاينة ميدانية للمنطقة التي وُضعت عليها البيوت الجاهزة، بطريقة عشوائية ومخالفة، تبين لأمن الدولة وجود ما يزيد عن 100 بيت جاهز، تُستعمل كمكاتب. وتبين أيضاً أن عدداً من أصحاب هذه البيوت يملكون رخصة أشغال صادرة عن إدارة واستثمار مرفأ بيروت، لكنها منتهية الصلاحية وغير مجددة. وبالتالي، لا يقوم هؤلاء بدفع الرسوم المتوجبة عليهم للمرفأ. كما تبين أيضاً أن البعض أقدم على وضع البيوت الجاهزة في الأملاك العامة للمرفأ من دون مسوغ قانوني، ثم تقدموا بطلب الترخيص لاحقاً، وآخرين وضعوها من دون مسوغ قانوني، ولم يتقدموا بطلب ترخيص أصلاً.
كل هؤلاء كانوا يحصلون على الكهرباء بشكل مخالف للقانون، بالتواطؤ مع أشخاص يمدونهم بالطاقة مقابل مبالغ مالية، بالإضافة الى أن وضعهم يشكل خطراً أمنياً، يعرقل سير العمل في المرفأ.
لم تتوقف عملية ملاحقة سرقات الكهرباء في المرفأ. فمنذ أقل من شهر، في تموز الماضي، اكتشف جهاز أمن الدولة قيام بعض الأشخاص من شاغلي المكاتب في المرفأ بسرقة خطوط للكهرباء إلى مكاتبهم، وخلال خضوعهم للتحقيق نفوا علمهم بالأمر، معتبرين أن العاملين في المكاتب، من “الجنسية السورية” هم من مدوا خطوط السرقة دون علمهم، وهو ما يعتبر عذراً أقبح من ذنب، علماً أن تطابق الإفادات بين أكثر من شخص يدل على تنسيق مسبق فيما بينهم حول “اعترافاتهم”.
تستمر السرقات في المرفأ، في الكهرباء، كما في بعض البضائع التي تصل إلى لبنان، على رأسها أجهزة السيارات، وهنا قصة أخرى.