يفضّل مستوردو السيارات المستعملة من الخارج إبقاء ما استوردوه في مرفأ بيروت، وتحمل كلفة دفع “الأرضيّة” بشكل يومي، على أن يقوموا بدفع المتوجبات الجمركيّة على السيارات بناء على سعر صرف دولار صيرفة، لانهم بحال فعلوا ذلك لن يتمكنوا من تصريف السيارات دون تسجيل خسائر كبيرة.
مرّت أسابيع على محاولات نقابة مستوردي السيارات المستعملة، ونقابة أصحاب معارض السيارات في لبنان، التفاوض مع وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل لإيجاد حل وسطي يسمح لهم بالحد من خسائرهم وإخراج سياراتهم من المرفأ، لكن دون تسجيل أي نتيجة إيجابية.
بحسب معلومات “النشرة” كانت الأجواء نهاية الأسبوع الماضي جيدة، حيث تلقى التجار رسائل صوتية من القيمين على النقابات تبلغهم بأن المسار التفاوضي جيد وقد يبلغ نهايات سعيدة بعد عيد الأضحى المبارك، وكانت كذلك دعوة للتجار للصبر وعدم فقدان الأمل من إمكانية إيجاد حلّ من اثنين، إما تخفيض الدولار الجمركي استثنائيا للسيارات الموجودة في المرفأ الى حدود 45 ألف ليرة، وإما تعديل جداول التسعيرات الجمركية والتي لم تُعدل منذ العام 2019، وهو المطلب الذي قد يكون الأكثر واقعية ومنطقية كونه من الأمور الواجب فعلها، وهو ما سنتحدث بالتفصيل عنه.
بعد هذه الأجواء الإيجابية، علمت “النشرة” أن الأمور تبدلت بداية الأسبوع الجاري والأجواء أصبحت معاكسة حيث تسري معلومات بين تجار السيارات أنّ المفاوضات مع وزارة المال وصلت الى حائط مسدود، وأصبحت الأمور مقفلة، وهو ما أثار قلق التجار من جديد، وجعلهم بحسب مصادر متابعة يسعون للقاء مرجعيات سياسية لنقل مطالبهم، علماً بأنهم تلقوا الكثير من الوعود من أكثر من جهة سياسية من شمال لبنان الى جنوبه، دون تحقيق لأيّ منها.
تُشير المصادر الى أن ما يطالب به التجار ليس حلاً استنسابياً لهم، بل هو حقّ مكتسب وطبيعي، فالدولة تعتمد على جدول أسعار السيارات لتحديد “الجمرك” لكل سيارة، وجرت العادة قبل العام 2019 أن يُجدد الجدول دورياً لأنّ أسعار السيارات تتبدل كل عام، إذ لا يمكن في العام 2023 اعتبار سعر سيارة صُنعت عام 2020 مماثلاً لسعرها في العام 2024، وكلما انخفض السعر انخفضت قيمة الضرائب والرسوم عليها، لكن في العام 2019 وبعد انهيار الليرة اللبنانية توقف تعديل الجدول على اعتبار أن قيمة المبالغ على أساس سعر صرف 1500 ليرة تكاد لا تُذكر، وهو ما استمر حتى اليوم رغم تعديل الدولار الجمركي ورفعه الى 86 ألف ليرة.
إن هذا الواقع يعني أن تخمين قيمة السيارات لم يتغير رغم مرور الزمن عليها، إذ لا تزال السيارات موديل 2019 تُعامل وكأن عمرها صفر، وبالتالي يبقى تخمين سعرها مرتفعاً للغاية وجمركها مرتفعاً، وهذا ما يجعل في أحيان كثيرة قيمة الرسم الجمركي أعلى من سعر السيارة الحقيقي.
لم تنجح كل محاولات إقناع وزارة المال بتعديل جداول التخمين، ولا تخفيض الدولار الجمركي، وبالتالي يستمر الجمود في قطاع استيراد السيارات وتستمر الأزمة في مرفأ بيروت، فهل تكون جولة النقابات المعنية على المرجعيات السياسية هي الحل لهذا الموضوع؟!.