خلال أيامٍ، سيخرج حاكم مصرف لبنان السابق، رياض توفيق سلامة من زنزانته في مبنى قوى الأمن الداخلي، ويُغادر بيروت مُتوجهًا نحو منزله في الصفرا. هذا السيناريو سيتحقّق في حالة واحدة فقط، إن وافق قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي على طلب إخلاء سبيل سلامة الذي تقدّم به وكيله القانوني امس الخميس، 19 أيلول أمام حلاوي.
جلسة المواجهة
رحلة سلامة القضائية استدعت ربط جميع الأحداث الأخيرة بعضها ببعض، لتصبح المشهدية واضحة ومفهومة.
بشكل نهائيّ، مُنعت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، هيلانة اسكندر، ممثلة الدولة اللبنانيّة من حضور جلسات الاستجواب. وبات مؤكدًا، أنها لم تعد قادرة على الدخول في هذه القضية. واليوم، حددت جلسة المُواجهة بين سلامة والمحاميين، ميشال تويني، ومروان عيسى الخوري، وكان مُتوقعًا بحسب مصادر مطلعة، أن يكون المسار القضائي الطبيعي، استجواب المحاميين، ومن ثمّ إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقهما (وفقًا للإفادات المقدمة والمعطيات الموجودة أمام القاضي)، واستكمال التحقيقات، لأنهما شاركا في عملية تحويل الأموال وتمريرها عبر الحسابات المصرفية وصولًا إلى سلامة، بصرف النظر إن لم يكن لهما أي علاقة بتبييض الأموال، لأن المساعدة في تمرير الأموال من أجل تبييضها هي جريمة.
رفع الحصانة
ويوم أمس، بعد اجتماع نقابة المحامين في بيروت، وافقت على رفع الحصانة عنهما، وذلك بعد استجوابهما داخل النقابة، لكن قرار النقابة لم يصل لقاضي التحقيق الأول اليوم، فاضطر إلى الاستماع إليهما بصفة شاهد. قانونيًا، هذا يعني أنه لن يقدر على اتخاذ أي إجراء قضائي بحقهما في حال قرر ذلك، وهو بحاجة إلى تحديد جلسة أخرى لاستجوابهما، فالشاهد وفقًا للقانون لا يمكن توقيفه بل يتم الاستماع إليه فقط.
صباحًا، قدّم وكيل مروان عيسى الخوري معذرة طبية، بحجة أنه مريض ولم يتمكن من حضور جلسة الاستماع، وحلّ مكانه وكيله القانوني الذي قدّم الإفادة أمام قاضي التحقيق الأول.
إفادات متضاربة
وليس مستغربًا القول إن الإفادات تضاربت بشكل كبير، وأن المواجهة كانت لافتة للإنتباه جدًا. فالمحامي ميشال تويني، الذي حوّل 42 مليون دولار أميركي إلى حساب المحامي مروان عيسى الخوري، أفاد أنه لا يعرف المحامي الخوري نهائيًا، ولم يسبق أن إلتقى به. بمعنى أدق، المحامي تويني حول ملايين الدولارات إلى حساب شخص لا يعرفه! وأفاد أنه “حوّل المبالغ بحجة أن مروان عيسى الخوري هو وكيل مصرف لبنان”.
وحسب معلومات “المدن” فإن أقوال سلامة والمحامي تويني خلال المواجهة كانت متناقضة بشكل كبير، إذ حاول تويني نفي كل ما نُسب إليه، كما أن أقوال الخوري كانت متناقضة مع الإفادات الأخرى.
انتهت الجلسة ولم يتم اتخاذ أي إجراء قضائي بحقهما، وحسب معلومات “المدن” فقد حدّد القاضي حلاوي جلسة أخرى يوم الثلاثاء المقبل 24 أيلول، للتوسع بالتحقيقات، وهي جلسة استجواب كل من المحامي تويني والخوري فقط.
ورجحت مصادر مطلعة أن يصدر بحقهما في حال حضرا إلى قصر عدل بيروت، مذكرة توقيف وجاهية. وحسب المعلومات فإن إفادة سلامة أمام القضاء كانت “مُتماسكة ومُترابطة”. ووفقًا للمعلومات، تقدّم المحامي مارك حبقة، وكيل سلامة، بطلب إخلاء سبيل لسلامة أمام القاضي حلاوي. هذا يعني، أن الطلب سيحول للنيابة العامة الماليّة لإبداء الرأي، ومن ثم تُعاد للقاضي حلاوي ويتخذ قراره، إما الموافقة عليها، فيخرج سلامة بكفالة ماليّة عالية يحددها حلاوي، إما يرفضها القاضي ويستمر احتجاز سلامة داخل الزنزانة.
إخراج اسكندر من الملف
من جهتها، تقدمت يوم أمس القاضية هيلانة اسكندر أمام القاضي حلاوي بطلب إحالة ملف استجواب سلامة تبعًا لاستئنافها قرار حلاوي الذي قدّمته، إلا أنه وحسب المعلومات وبطلب من القاضي حلاوي لم يُسجل طلب التحويل داخل قلم دائرة التحقيق. للتوضيح أكثر، طلبت اسكندر إحالة ملف سلامة إلى الهيئة الاتهامية ريثما تصدر قرارها الأخير بالموافقة على استئناف اسكندر أم ترفضه، يعني أنها طلبت تجميد التحقيقات اليوم وإرجاء الجلسة لموعد آخر، لكن القاضي حلاوي، حسب المعلومات المتداولة رفض طلبها، وكان مصرّا على متابعة التحقيقات وعدم إرجاء الجلسة. بهذه الطريقة، يبدو أن اسكندر لم تعد قادرة على الدخول في هذا الملف وفات الآوان، خصوصًا في حال وافق القاضي حلاوي على إخلاء سبيل سلامة مطلع الأسبوع المقبل.