الى القضاء الفرنسي، توجه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يتعرض منذ مدة لحملة ممنهجة مزدوجة من الطبقة السياسية والشعب الثائر المقهور الضائع في تحديد مسؤولية من “صادر” امواله بين المصارف والمنظومة السياسية التي رأت في القطاع المصرفي جسماً لبيساً لترمي اليه كرة نار الغضب الشعبي وتتملص من مسؤوليتها في استدانة اموال اللبنانيين وهدرها او شفطها في صفقاتها المشبوهة التي يدفع لبنان اليوم ثمنها انهيارا وسقوطا مدويا وانفجارا مرتقبا في اية لحظة.
لجوء الحاكم الى القضاء الفرنسي انطلق من كونه يحمل الجنسية الفرنسية، ليتقدم بدعوى شخصية على مقدمة برنامج تلفزيوني لبنانية ومن يظهره التحقيق مشاركا او متورطا في البرنامج الذي بُث في بيروت واطلق اتهامات في حقه، ادعى انها استندت الى معلومات عن تقارير مالية غربية تشير الى ان سلامه وشقيقه ومعاونته حولوا الى مصرف سويسري مبلغا وقدره 400 مليون دولار اميركي، واتهمه ايضا بالاختلاس وتبيض الاموال والتلاعب بموازنة المصرف المركزي. حاكم المركزي سلم محاميه في باريس، نقيب المحامين سابقا، كل المستندات والاوراق الثبوتية التي تدحض الادعاءات المشار اليها ليبنى على الشيء في ضوئها مقتضاه القانوني.
دعوى سلامة هذه ليست الاولى من نوعها ولن تكون الاخيرة، بحسب ما تفيد مصادر مطلعة على هذا المسار “المركزية”، اذ تأتي استكمالا للدعوى التي رفعها ايضا في بيروت في نيسان 2020 على مقدمة البرنامج نفسها ومن يظهره التحقيق مشاركا او متورطا، على ان تليها اخرى سيتقدم بها امام القضاء الفرنسي والاميركي والسويسري في شأن ما نشره موقع “بلومبرغ” من معلومات مغلوطة عن عقوبات اميركية ستتخذ في حقه نفتها وزارتا الخارجية والخزانة الاميركيتين كما السفارة الاميركية في لبنان، الامر الذي فضح الجهات الداخلية والخارجية التي تقف خلفها وخلف كل الاخبار الملفقة حول سلامه والمصرف المركزي لتشويه سمعته وضرب القطاع المالي في لبنان، وما زالت ماضية في هذا المسار من خلال كل الوسائل المتاحة لا سيما في وسائل الاعلام التابعة لها.
وليس بعيدا، تفيد اوساط مالية ومصرفية “المركزية” ان الحاكم لا يزال ينتظر ان يحدد له المدعي العام السويسري موعدا للادلاء بما يملك من معلومات حول اسئلة سبق ان ارسلها الى النيابة العامة اللبنانية، التي اعادت اليها أجوبة الحاكم معززة بالمستندات وكل الوثائق المطلوبة. الجدير ذكره، ان سلامة ابدى منذ اللحظة الاولى استعداده للتوجه الى سويسرا لتزويد القضاء بما لديه حول مجمل الادعاءات والتهم الموجهة اليه والى المصرف المركزي، خلافا لسياسيين لبنانيين كثر ما زالوا حتى الساعة يرفضون المثول امام القضاء في قضايا خطيرة، تدعمهم المحميات السياسية والمنظومة التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم وتسببت بضرب العامود الفقري للاقتصاد اللبناني المتمثل بالقطاع المصرفي، كما تمعن في ضرب القطاعات الاستشفائية والسياحية والتربوية.