سلامة سيوصل الدولار إلى 40 ألف ليرة نهاية العام

أكثر من سعر للدولار ينتشر بين جمهورية المصارف وجمهورية الصرافين وجمهورية التجّار. أما البرج العاجي الذي يسكنه سلامة المفترض أنه مؤتمن على استقرار العملة، فبعيد عن تلك الجمهوريات ظاهرياً، ومتّصل بها بدهاليز خلفية تفضي إحداها إلى هيكل الزعامات السياسية. وأمام تلك التعقيدات تسقط الدراسات العلمية التي استند إليها سلامة لتحديد سعر الدولار المصرفي وامتناعه عن رفع قيمته من 3900 ليرة إلى 8000 ليرة.

مطلع الشهر الجاري، حَسَمَ سلامة موقفه خلال مقابلة إعلامية، واتّكأ على دراسة بيَّنَت أن نتائج رفع سعر الدولار المصرفي “ستخلق سيولة إضافية سترفع سعر الدولار في السوق”. وحسب الحاكم “لا يمكن حصر مفاعيل القرار بالودائع فقط”. وبالنسبة إليه، إن أظهرت الدراسة جدوى رفع السعر، لما تأخّر في رفعه. وفعلاً لم يتأخّر الحاكم في رفعه، لكن من دون تبيان سبب تغيير رأيه، إلا أنه بصورة غير مباشرة، أكّد بأن دراساته لا جدوى منها. وفي المحصّلة، بات بإمكان المودع سحب 3000 دولار شهرياً وفق سعر 8000 ليرة، بدل 5000 دولار بسعر 3900 ليرة.

لم يُفرِح القرار صغار المودعين كما اعتقد الحاكم ومَن سوَّقَ للقرار سياسياً. فرابطة المودعين تطمح لـ”حلٍّ شامل يضمن التوزيع العادل للخسائر، مع ضمان النهوض الاقتصادي وتوحيد أسعار الصرف. وأي قرار خارج هذا الإطار، لا يعوَّل عليه”، على حد تعبير المستشار الإقتصادي لرابطة المودعين، محمد فاعور، الذي يؤكد في حديث لـ”المدن”، أن المودعين “غير معنيين بسعر الصرف الذي سيسحبون أموالهم وفقه، لأن السحوبات في ظل تعدد أسعار الصرف هي “هيركات” مقنّع. كما أن تعدد تلك الأسعار له تبعات تضخمية تُناقض مبدأ التوزيع العادل للخسائر الذي من شأنه حماية الطبقة الاجتماعية الهشة”. وعليه، فإن قرار سلامة “لا يعيد حقوق المودعين”.

لم تستسغ المصارف قرار الحاكم، لكنها لم تقدّم اعتراضها، انطلاقاً من أن سلامة “يحمل مسؤولية تأمين الدولارات للمصارف بسعر 8000 ليرة”. وفق ما تقوله مصادر مصرفية. وعلى عكس التوقعات، لا تعطي المصادر هامشاً كبيراً للربط بين رفع سعر الدولار المصرفي وارتفاع دولار السوق، إذ أن “حجم الكتلة النقدية التي ستخرج من المصارف إلى السوق ضئيلة. فقرار الحاكم يعطي الحق للمودع بسحب 3000 دولار شهرياً بدل 5000 دولار، أي أن المودع سيسحب 24 مليون ليرة بدل 19 مليون و500 ألف ليرة، أي زاد السحب بمعدّل 4 مليون و500 ألف ليرة”. وفي حال حصول تأثير بفعل القرار “فسيكون تأثيراً جزئياً. فيما التأثير الأكبر سياسي، لأن الخوف اليوم يدور حول استمرار البلد أو حصول انتخابات أو عدمها، أو الاتفاق مع صندوق النقد أو عدمه.. وكلها أسئلة ومخاوف تحرك سعر السوق وليس الدولار المصرفي”. ولا تستبعد المصارف اتخاذ الحاكم قراره تحت الضغط السياسي.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةلبنان يدخل مرحلة “التضخّم المفرط”!
المقالة القادمةخبايا رداءة الإنترنت: جهِّزوا أنفسكم لدولرة فواتيركم