بعد التحذير الذي أطلقته مؤسسة كهرباء لبنان، الأسبوع الماضي، من الانقطاع الشامل للكهرباء بدءاً من أواخر الشهر الجاري مع نفاد كمية الفيول لديها، بدأت الاتصالات بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتأمين سلفة جديدة للمؤسسة تقرّ بموجب مرسوم في مجلس الوزراء. وبحسب المتداول، فإن سلامة «يبدي استعداداً لتمويل سلفة بحدود 200 إلى 300 مليون دولار، على أن يتابع وزيرا الطاقة والمالية الأمر مع رئيس الحكومة». وقال مطّلعون على الاتصالات إن سلامة يدرس تأمين المبالغ من خارج الاحتياط الإلزامي، أي من المبالغ التي كانت تستخدم لفتح اعتمادات بواخر المازوت، على أن يتوقف عن فتح اعتمادات الفواتير المدعومة.
وفي حال الاتفاق على مبدأ السلفة، بعد الاتفاق بين ميقاتي وسلامة، سيكون على مؤسسة كهرباء لبنان إرسال طلب سلفة إلى وزارة الطاقة لتحوّله الى مصرف لبنان. وبحسب المصادر، فإن سلامة لا يتصرّف مع الحكومة الحالية كما كان يتصرف مع حكومة الرئيس حسان دياب، ويظهر ميلاً للتعاون مع ميقاتي، «ما يرجح سير ملف السلفة».
وفيما ينتظر أن يتخذ مجلس الوزراء قراره بإمكانية استخدام جزء من وحدات السحب الخاصة بصندوق النقد (مليار و350 مليون دولار) لدعم مشروع الطاقة، أشارت المصادر الى أن وزير الطاقة وليد فياض طالب باستخدام جزء من هذه الأموال لدعم مشروع إقامة معامل جديدة، والبحث في وسائل أخرى لتأمين تمويل حاجة المعامل من الفيول أو الغاز وعمليات الصيانة وإصلاح وتوسيع شبكات النقل والتوزيع في كل المناطق.
وبحسب مصادر في وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، فإن النفط العراقي بعد استبداله بالفيول المناسب يمكن أن ينتج نحو 440 ميغاواط شهرياً، تضاف إليها نحو 40 ميغاواط من الإنتاج المائي، وهي كمية غير كافية لتحميل الشبكة التي تحتاج الى 600 ميغاواط كحد أدنى. وبالتالي فإن الخيارات المطروحة تتوزع بين:
أولاً، أن يوافق مصرف لبنان على طلب مؤسسة كهرباء تحويل موجودات المؤسسة لديه (نحو 200 مليار ليرة) الى دولارات بحسب سعر الصرف الرسمي، وهو ما يرفضه سلامة، علماً بأن قانون النقد والتسليف يعتبر مصرف لبنان معنياً بتمويل حاجات مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة.
ثانياً، أن تلجأ الحكومة الى قرار استثنائي على شكل مرسوم يلزم حاكم مصرف لبنان بمنح المؤسسة سلفة بقيمة تتراوح بين 250 و300 مليون دولار لشراء فيول ينتج طاقة في فصول الخريف والشتاء والربيع حين يكون الاستهلاك أقل، وهو أمر قيد النقاش بين ميقاتي وسلامة الذي أبدى تجاوباً أولياً باعتبار أنه يمكنه توفير هذه الأموال من الفائض الناجم عن وقف الدعم للمشتقات النفطية وخصوصاً المازوت.
ثالثاً، أن ينجح لبنان في إقناع مصر بزيادة كمية الغاز المفترض استجرارها إلى لبنان عبر الخطّ العربي، على أن يجد وسائل مختلفة لتصريفها، سواء من خلال تشغيل معمل دير عمار بطريقة مختلفة بعد صيانة أحد المولدات الكبيرة، أو من خلال استئجار باخرة تعمل على الغاز، بتمويل من البنك الدولي، توضع مقابل معمل دير عمار لتوفير طاقة إضافية.
على أن دون ذلك عقبات كثيرة، أبرزها أن القاهرة حددت سقفاً للكمية المفترض بيعها للبنان، ما يعني أن قرار رفعها يحتاج الى مفاوضات جديدة، وثانيها شكل مساهمة البنك الدولي الذي يبدي استعداداً لدفع نصف كلفة الغاز، على أن يكفل الدولة اللبنانية التي يفترض أن تدفع النصف الثاني. لكن للبنك الدولي شروطه التي تتعلق بإجراء إصلاحات في قطاع الكهرباء وقد عرضت على المسؤولين اللبنانيين.