سلامة يطوي صفحته متبرِّئاً من دم الليرة وجريمة المصارف

31 تموز تنتهي مهمتي “صفحة وانطوت”. هكذا بكل بساطة سيطوي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة صفحة من حياته بعد 30 عاماً من توليه حاكمية مصرف لبنان، انتهت بخسارة الليرة اللبنانية قرابة 98 في المئة من قيمتها وانهيار القطاع المصرفي.

سلامة في مقابلة تلفزيونية على قناة LBCI ورداً على التسريبات عن التمديد له، قال أن مهمته ستنتهي في 31 تموز. مذكراً بإعلانه في وقت سابق بأن هذه ولايته الأخيرة في مصرف لبنان، حاسماً بأنه سيطوي هذه الصفحة من حياته.

صيرفة إنجاز

ادعى سلامة في مقابلته تحقيق العديد من الإنجازات على صعيد الاقتصاد والنقد في السنوات الأخيرة. فقال إن السياسة النقدية التي انتهجها مصرف لبنان خفّفت من وطأة الأزمة، ونتج عنها تحقيق نمو بنسبة 2 في المئة عام 2022، وتوقع تحقيق نمو بنسبة 3.5 في المئة عام 2023، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة الاستيراد والاستهلاك واستعادة النشاط الاقتصادي إلى حد ما.

في موضوع منصة صيرفة، ورداّ على التقارير المتحدثة عن أنها باب للتنفيعات وتبييض الأموال، قال سلامة “يجب أن نكون واقعيين. إن مصرف لبنان تمكّن من خلال صيرفة أن يكون اللاعب الاساسي بالسوق النقدي وأن يضبط السوق، وقد نجح من خلال المنصة بأمرين. الأول، المساعدة في تنشيط الحركة الاقتصادية في البلد. والثاني، تأمين الدولار بين أيدي المواطنين”، فهناك بين 400 ألف إلى 500 ألف مواطن استفادوا من منصة صيرفة شهرياً بالإضافة إلى 350 الف مستفيد من القطاع العام.

وتابع: “لا منطق باتهام “صيرفة” بأنها منصة لتبييض الأموال”، مؤكداً بأن “الاقتصاد استفاد من منصة صيرفة، وشهر حزيران كان أفضل شهر في الحركة الاقتصادية منذ بداية 2013 حسب دراسة لأحد المصارف، وأنا لا أريد أن ألغي صيرفة فهي جعلت المركزي لاعباً أساسياً في السوق”.

وإذ قال سلامة “مَن لا يعجبه نجاح منصة صيرفة من الطبيعي أن يهشم فيها”، أشار إلى ضرورة وجود مصرف لبنان في السوق والاستمرار بالتدخل، لأن ما نراه اليوم أنه لا يوجد عرض للدولار من قبل المصارف، فقط طلب. وإذا أبقينا على هذا الوضع، أي طلب من دون عرض، فذلك سيؤدي إلى مزيد من التدهور.

مصير صيرفة

وعن مشروع نواب الحاكم بإنشاء منصة بديلة عن “صيرفة”، اعتبر بأن “إنشاء منصة من دون تدخل مصرف لبنان يحتاج وقتاً، ويجب أن يبقى مصرف لبنان في السوق، لأنه لا يوجد عرض للدولار بل طلب. ما يهدد الليرة، والأوضاع مستقرة اليوم”.

ويجزم سلامة بأنه لا يمكن لأي كان أن يتلاعب بالسوق. فالسوق أصبح تحت قبضة مصرف لبنان. وقد تمكنا من سحب الليرات من السوق بموجب دولارات نملكها “هذه الآلية دفعت السوق إلى الانتظام وكل الحديث عن تلاعب بالسوق لا أساس له”.

وعما إذا كانت توقفت ماريان الحويك عن العمل بفعل الدعاوى القضائية بحقها، وتأثير ذلك على سير عمل منصة صيرفة، باعتبار الحويك الناظم التقني للمنصة، قال سلامة إن المؤسسات استمرارية وماريان الحويك عملت على المشروع، لكن أي أداة موجودة يمكنها أن تتطور وتتغير. ويبقى الأهم ما هي السياسة التي سيعتمدها البنك المركزي. وعما إذا كان سعر الصرف سيتأثر بمغادرة سلامة البنك المركزي قال: أتأمل أن لا تحصل اضطرابات بالسوق وأتأمل أن تستمر السياسات التي أعطت نتيجة.

نواب الحاكم

وفي موضوع نواب حاكم مصرف لبنان أعرب سلامة عن تقديره للنواب الأربعة الذين عمل معهم، وقال: هناك تباينات في اجتماعات المجلس المركزي، وكان همنا الأساسي أن نقدّم للبنان ما نستطيعه، واليوم نحن أمام مفترق طرق في ظلّ عدم تعيين حاكم جديد، وحالياً هناك نواب الحاكم وفي طليعتهم نائب الحاكم الأوّل. وهم عليهم أن يستلموا المؤسسة، وأتمنى أن تبقى كما هي صامدة، ولدى نواب الحاكم مطالب وقد وضعوها أمام مجلس النواب والرأي العام. وهذا لا علاقة له لا بالمركزي ولا بالعلاقات بيني وبينهم.

واعتبر سلامة بان “أزمة نواب الحاكم ترتبط بمطالبهم، أي التغطية القانونية التي طالبوا بها لجهة استعمال الاحتياطي، ولم يقل النواب أنني خالفت القوانين، جازماً بأنه لا يخالف القوانين. وقال أن القرارات الصادرة عن المجلس المركزي أي التعاميم (151 و161 و158 وغيرها) فالحاكم ينفذها لكنها تُتخذ بموافقة المجلس. لافتاً إلى أنه لا يمكن ان يمارس أي كان الديكتاتورية ويفرض إرادته على أعضاء المجلس المركزي.

وذكّر بأن التدخل بسوق القطع لبيع وشراء الدولار تمّ بالاتفاق بين مصرف لبنان مع وزير المالية وبموافقة رئيس الحكومة، وليس بقرار صادر عن المجلس المركزي، وذلك بعد أن شهدنا ارتفاعاً كبيراً في سعر صرف الدولار الذي تخطى الـ140 ألف ليرة لبنانية.

تضليل باسيل

وردًا على تصريح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لفت سلامة إلى أن هناك تضليل من قبل باسيل فالبنك المركزي يعالج نتائج سياسات الحكومة التي أدت إلى عجز في الكهرباء، والسياسات التى أدت الى الضغط بخطة الكهرباء التي صرفنا عليها 25 مليار دولار خلال 10 سنوات، وسياسة الدعم التي كلفت المركزي 7.5 مليار دولار، وسلسلة الرتب والرواتب التي حذرنا من خطورتها، وتعثر الدولة عن سندات اليوروبوندز في عهد رئيس الحكومة السابق حسان دياب، التي كان للتيار الوطني الحر دور فيها، وصولاً إلى انهيار العملة وتراجع قيمة الودائع.

وشدّد سلامة على ان أول خطوات الإصلاح الجدية تبدأ بإلغاء إمكانية استدانة الدولة من مصرف لبنان. وعلى مرّ السنين كان هناك اعتماد على المصرف المركزي لتسيير القطاع العام ما يخلق هشاشة في الوضع عامة، وخلال المفاوضات مع صندوق النقد طالبت بإلغاء المادة 191 من قانون النقد والتسليف التي تجيز للدولة الاستدانة من مصرف لبنان.

مصير الودائع

يصر سلامة على أن أموال المودعين ليست في مصرف لبنان، وليس هو من أخذ أموال المودعين مطالباً بمعرفة “اين ذهبت تلك الأموال”، ولفت إلى أن الودائع في القطاع المصرفي. فالمصارف تودع في المركزي وتقرض الدولة والقطاع الخاص. وإذا كان هناك إرادة لإعادة الودائع فهي في مصرف لبنان. فالمركزي لم يُعلن إفلاس مصارف حرصاً على الودائع. ومن ناحية أخرى يجب المحافظة على النظام في لبنان. كل من ينتقد مصرف لبنان لم يطرح اي شيئ، لا بل المبادرة الوحيدة التي قاموا بها هي التوقف عن دفع اليوروبوندز.

وعما إذا كانت المصارف قادرة ان تكمل بالقطاع قال سلامة أن الأمر يتطلب ان يكون هناك رؤية واضحة لدى الدولة، حول كيفية الاصلاح المصرفي. وهناك مصارف يمكنها ان تمر واخرى لا تمر. ورسملة المصارف غير كافية رغم انها أساسية. إذ يجب ان يكون هناك سيولة. فمن دونها لا يمكن للقطاع المصرفي ان يستمر. لذلك يجب ان يوضع مشروع واضح لإصلاح القطاع يبدأ من تقييم الوضع ثم تأتي هيئة معينة تحدد مَن مِن المصارف يمكنه ان يستمر.

وعن التحويلات إلى الخارج ذكّر سلامة بانه راسل الدولة بكتاب عام 2022 مطالباً إياها بتأمين الغطاء لتنظيم التحويلات للخارج ولم يأت جواب. ولفت إلى ان المصارف اخرجت 3 مليارات دولار لكنها ادخلت في المقابل 4.5 مليار دولار. وقد قامت بالتحويلات لانها كانت مضطرة للتحويل للبنوك المراسلة، والا لكانت افلستها وكانت الخسارة حينها أكبر بكثير بالاضافة الى ان الأموال المحولة اموالهم.

أما عن التعاميم التي يتم تذويب الودائع من خلالها قال سلامة: إن التعاميم كانت ولا تزال اختيارية ولم نجبر احد على الاستفادة منها. فالتعميم 151 اراح الناس وعندما اقتربت السلطة من تعليق العمل بالتعميم لأن بحقها دعوى قضائية خرجت الناس الى الشوارع. اما التعميم 158 فهناك آلاف المودعين استوفوا كل اموالهم بموجبه.

ونفى سلامة علمه بما يتم الحديث عنه بأن هناك اهتمام عراقي بشراء مصارف لبنانية.

لست مذنباً

يجزم سلامة بأنه ليس مذنباً ويقول فيما خص التسريبات التي حصلت من القضاء في الخارج “تبين أن وراءها مجموعة استهدفتني لأسباب معينة. فهذه المجموعة كلفت محامياً لم يكن صادقاً في تقريره الذي على أساسه قدم شكواه مع جمعيات “غب الطلب” وفي ظرف أسبوعين ادعت علي”.

وتابع: لم أمثل أمام القضاء الفرنسي كما فعلت ماريان الحويك، لأنني لم أتبلغ حسب الأصول والمحامي في فرنسا طلب من القاضية أود بوريزي تبليغي وفق الأصول. لكنها رفضت وطلبت إصدار مذكرة توقيف دولية.

وختم سلامة مقابلته التلفزيونية وولايته أيضاً بالقول “قدمت الكثير للبنان ولا أحمل نفسي مسؤولية الإنهيار. إذ يريدون تحويلي لكبش محرقة وأرفض شخصنة المصرف برياض سلامة وهو مول الدولة ولم يصرف الأموال”.

مصدرالمدن
المادة السابقةفتوح يؤكد الاهتمام العربي بتملّك مصارف لبنانية: سأسعى لإنجاحه
المقالة القادمةمرافعة سلامة الأخيرة: الكذب الخمول والممل