عقد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام مؤتمراً صحافياً، تناول فيه مسألتي التسعير بالدولار وتنفيذ المرحلة الاولى من قرض البنك الدولي للقمح.
وقال سلام: “كما وعدنا منذ قرابة الشهر أن نعقدَ مؤتمراً صحافياً حول القرار الصّعب الذي بني على مسؤوليّة تامّة تجاه حماية المستهلك والحفاظ على استقرار القطاع الخاصّ، وهو قرار السّماح بالتّسعير بالدولار، حينها أعلنّا أنّنا سنجري تقييماً للموضوع، وهذا لن يتحقّق اليوم لأنّ البلد لا يزال يتخبّط وسعر صرف الدولار يتأرجح، بالرغم من أنّنا شهدنا نوعاً من الاستقرار خلال الاسبوع الماضي، لكنّنا لم نصِل إلى مشارف برّ الأمان لاستقرار سعر الصّرف أو إستقرار الوضع الاقتصاديّ”.
أضاف: “خلال هذا الاسبوع، صدرت عشراتُ التّقارير الصحافيّة والريبورتاجات المصوّرة على وسائل الاعلام المحليّة وبعض وسائل الإعلام الاجنبيّة، حيث جرى استمزاجُ آراء المستهلكين ومعرفة مدى إنعكاس هذا القرار بعد مرور شهر. وكانت كلّ التقارير إيجابيّة وواعدة لأن نبني عليها آملاً للوصول إلى حلول جذرية، وهدفنا استعادة دور العملة الوطنية”.
وتابع: “لقد أنَرْنا طريق المستهلك في دخوله إلى المتاجر والسوبرماركت لناحية إجبار الجميع على عرض سعر الصّرف المعتمد سواء صعوداً أو نزولاً، وبات بإمكان المستهلك الإطّلاع على السعر، ما انعكس ارتياحاً لديه بعدما كان خائفاً من هذه الخطوة، إذ بات يعلمُ على أي سعر صرفٍ يشتري أغراضه، ففي الماضي، عندما كان سعر الصّرف ينخفضُ لم تكُن المتاجر تُخفّض أسعارها، واليوم الأمر بات صعباً وخلق وضوحاً لدى المستهلك وحسّاً بالمسؤوليّة لدى أصحاب المتاجر، كما وساعدت حماية المستهلك على الرقابة من خلال الفواتير التي طبع عليها سعر الصّرف لدى عددٍ كبيرٍ من السوبرماركت، ونعمل على التزام الجميع بهذا الموضوع”.
وقال: “كل التقارير أظهرت انخفاضاً على الاقلّ بـ 5 – 10% في الاسعار، وهناك جدولٌ وضعناه وسنُعمّمه كوزارة اقتصاد: في موضوع الخضار، كان الانخفاض 1%. الفواكه ارتفاع 3.6% ليس بسبب التسعير بالدولار بل لأنّها لا تزال تُسعَّر بالليرة وتأثّرت بشهر رمضان حيثُ الاستهلاك الكبير لها. اللّحوم ومشتقاتها الانخفاض نحو 5%. البيض ومنتجات الحليب إنخفاض 6%. الحبوب والبذور والثمار الجوزية انخفاض 22%. المنتجات الدهنية انخفاض 7%. المعلبات انخفاض 7% ومواد غذائية متفرقة تقريباً 7 – 8%. “.
اضاف: “الانخفاض ليس كبيراً، إلّا أنّنا بدأنا نتحدث عن إنخفاص، في حين أنّ الامر قبل اعتماد تلك الالية كان نحو الارتفاع خلال السنة والنصف الماضية. وهذا المؤشر مبنيّ على دراسة السوق ومقارنة الاسعار في عدد كبير من المتاجر للوصول الى هذه النتائج وهي وقائع ومتابعة حثيثة من وزارة الاقتصاد وجميع المعنيين”.
وتابع: “نحن أوقفنا أكثر من 20 ألف نقطة بيع كانت تعمل كصرافين وعمليّة الصيرفة والمتاجرة بلقمة عيش المواطن تحديداً الموادّ الغذائية ولم يعد كل سوبرماركت يعمل صرافاً. في السابق كانت تضاف هوامش ارباح إلى جانب أرباح في الصّيرفة وهذه العملية انتهت اليوم. واليوم وصلتنا أصداء من الصرافين بأن هناك هدوءاً بنسبة 60% في اعمال الصيرفة لأنّه كان هناك طلب على الدولار من قبل التجار والمواطنين لتحقيق الارباح، وهذا الامر هدأ بعد اتخاذ القرار، خصوصاً بعد أسبوعَين إلى ثلاثة أسابيع، حيث بدأت تظهر النتائج”.
وقال: “حديث البعض عن إمكان أن يحدثَ القرار تضخماً، أثبت علمياً وبالمعطيات أنّها غير صحيحة، فمن أراد الدّفع بالدولار نحن لم نجبره، واليوم هناك استقرار يشعر به الجميع في مقابل التخبط قبل اتخاذ هذا القرار وسوق الصرف تأثر بشكل ايجابي وهو منع التضخم ومنع طبع المزيد من الليرة اللبنانية بشكل كبير”.
اضاف: “سوق الصرف تأثر إيجاباً ومنع تضخّم وطبع العملة الوطنيّة بشكلٍ كبيرٍ وهذا الموضوع تم حله، وهذه انعكاسات ايجابية أولاً على المستهلك وعلى التجار، وأدّت الى الاستقرار في الأسعار وحدت من الهوامش الكبيرة تخوُّفاً من الخسائر بسبب عدم استقرار سعر صرف الدولار، وهذه الهواجس زالت الى غير رجعة”.
وأشار سلام الى أن “التسعير بالدولار لا يؤثر على الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة، لان التسعير بالدولار حمى المستهلك من عشوائية التسعير لحماية سعر الصرف، ولذلك المستهلك الذي يقبض بالليرة لم يتضررّ، بل تمت حمايته”.
وقال: “بعد القرار انخفضت الاسعار بشكل عام لكنها ارتفعت في الاسبوع الاول، بسبب تخوف التجار من انعكاس القرار عليهم وعدم الوضوح في التسعير. لقد اثبتت التجربة ان ارتفاع الاسعار ليس نتيجة القرار انما بسبب تجار الازمات الذين يتلاعبون بالأسعار سواء تم التسعير بالدولار او بالليرة لتحقيق هامش ربح غير مشروع، فهذا موضوع منفصل عن آلية التسعير بالدولار وانعكاسه الكبير على السوق وعلى المستهلك”.
أضاف: “من خلال هذا القرار، أصبح بإمكان المستهلك مراقبة الاسعار بشكل أسهل من خلال تخفيض هامش الاسعار بالدولار، ودورنا نحن كوزارة أيضاً القيام بدورنا الرقابيّ ومديريّة حماية المستهلك موجودة على الارض يومياً للمراقبة، ولن نكل عن القيام بواجبنا”.
وتابع: “مديرية حماية المستهلك لم تنشأ كي تتصدى لانهيار اقتصادي بهذا الحجم، وللأسف، هناك سوق يتضرّر بما يقارب 60 بالمئة من سوق موازية، وهذه معركة كبيرة على الدولة أن تُواجهها إضافةً إلى تفلُّت كبير جدا بهذا الحجم. وقد قيل لي يلزمكم جيش لضبط كلّ مخالف، وما من مديرية حماية مستهلك في العالم يمكنها مراقبة سوق بهذا الحجم من المخالفات لا سيما في ظل تفلّت العملة واقفال المصارف وهي المشكلة الاساسية التي لن نصل إلى بر الامان قبل إيجاد الحلول لها. كما ان تجربة “الشرطي والحرامي” ليست هي الحل لإنقاذ البلد وخلق استقرار وحماية الناس. نعود ونكرر أنّ القرارات التي نتخذها لها طابعٌ استثنائيٌ لكي نصلَ إلى بر الامان”.
وقال: “أودّ أن أشير إلى أنّ مديريّة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد تعملُ مع جهتَين دوليَّتَين مشكورتَين، تُقدّمان الحلولَ للوزارة وهي دعم المكننة الكاملة للمديريّة كي تباشر بإصدار التقارير الاسبوعيّة بدقّة أكبر لضبط الاسعار في السوق بشكل أكبر، وتشمل أكثر من 60 سلعة. وستصدر هذه التقارير وتنشر في الاعلام بطريقة تقنية متطورة، وهذا الامر مهم جدا ليس فقط لهذه المرحلة، بل لدراسة السّوق بشكلٍ عام حالياً ومستقبلاً في مرحلة الاستقرار”.
أضاف: “هذا أمر أساسي لأنّه يُعطي وضوحاً والتزاماً أكبر إذ تُقارن هذه السلع الـ 60 بما يقارب 300 أو 400 نقطة بيع أساسيّة في لبنان وتعطي معدلاً وسطياً لأسعار السلع، ما يُخوّل المستهلك ان يرى عبر التطبيق وبمعدل وسطي اسعار كل سلعة ويجب الا يكون سعرها اعلى من ذلك. وهذا يعني انها تلجم على الاقل 60 سلعة اساسية بما فيها مواد غذائية ومواد تنظيف واستهلاك يومية”.
وتابع: “لقد شهدنا في الاسبوع الماضي، أمراً آخر بغاية الأهميّة، نأمل ألا يكون مرحلياً، وهو أنّ عدداً كبيراً من البلديات بدأ التحرك في المناطق ولا نعلم إذا كان الأمر قبل الانتخابات او ان كانت هناك نيّة للمتابعة. نأمل أن تستكمل لا سيما وأنّ بعض البلديات بدأ باتّخاذ الاجراءات من مراقبة وملاحقة الموتورات وهذا هو دورها الطبيعيّ والذي طالبنا به منذ أكثر من سنة ونصف السنة، وهو شراكة السلطات المحلية ودورها الاساسي بدعم عمل وزارة الاقتصاد، فهذا واجبها”.
وقال: “نأمل أن تكمل هذه البلديات عملها والا يكون الموضوع مرحلياً قبل الانتخابات. هذه مسؤوليّة وطنية علينا لكي نصل الى اقتصاد سليم متعاف من خلال اعادة فتح المصارف واعادة تنظيم عمل القضاء ووقوف القضاء الى جانب العمل الرقابي لأنه ومع هذه العناصر يكون العمل الذي نقوم به اليوم ادارة ازمة بامتياز، ونحن نفتخر بأن نكون قرب الناس ونعطي نتائج ايجابية تحمي المواطن الذي ينتظر من الدولة القيام بهذه الامور لحمايته ومعالجة مشاكله الحياتية. وهذا صلب وعمل وفخر وزارة الاقتصاد ولن نألو جهدا لمتابعة هذا العمل”.
اضاف: “بالنسبة لقرض البنك الدولي أريد الطمأنة الى ان هذا الملف خلق استقراراً كبيراً في موضوع سعر ربطة الخبز والتي هي اليوم تقريباً أرخص سلعة في البلد، وسنحافظ عليها كما سنحافظ على امدادات القمح. هذا الملف أساسيّ بالنسبة الينا ويوجد كميات كافية في السوق، وان شاء الله سيبقى الاستقرار في سعر ربطة الخبز، كما وعدنا وقلنا، سيكفينا لغاية تسعة أشهر الى سنة”.
وختم: “الارقام اليوم تبين انخفاض الاستهلاك الى 23 ألف طن، بعدما ضبطنا السوق وضبطنا الكميات والتهريب كما ضبطنا السوق السوداء في موضوع الطحين والقمح، وهذا يعطينا الهامش للاستفادة من قرض البنك الدولي لأكثر من سنة، ونأمل ان يبقى هذا الاستقرار في سعر ربطة الخبز التي هي اولى مقومات الهرم الغذائي في لبنان”.