خلية نحل في وزارة الاقتصاد والتجارة بقيادة الوزير أمين سلام، الذي ادرك أن لبنان في حالة طوارئ وأعد مع فريق عمل الوزارة خطة طوارئ ليس لمواجهة الحرب فقط، بل منذ بدء الأزمة في لبنان منذ اكثر من سنتين ونصف.
إجتماعات مستمرة ولقاءات وقرارات تواكب الأزمة بقدر الإمكان، منها دولرة الأسعار والمكننة وتكثيف الدوريات لمراقبة الأسعار والمخالفات في موضوع المولدات وغيره، مع المحافظة على عدم انقطاع المواد الغذائية والقمح في ظل كل الأزمات التي مرت وتمر بلبنان.
واليوم يؤكد سلام أنه في حال توسعت الحرب فمخزون المواد الغذائية والقمح يكفي لثلاثة او أربعة أشهر، وان هناك “طلبيات” قائمة وبواخر تصل إلى مرفأ بيروت خلال الأسبوعين المقبلين تكفي لغاية خمسة أو ستة أشهر مواد غذائية إضافة إلى الموجود في البلد .
الديار كان لها هذا الحديث مع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام الذي قال: كوزارة اقتصاد بدأنا بإعداد خطة الطوارئ منذ سنتين ونصف السنة بعد استلامنا مهامنا في الوزارة بأشهر، وأدركنا ان البلد في حالة طوارئ غير معلنة، بلد بلا إهراءات ويوجد فيه قوانين عمرها ٥٠ سنة، سيما التجارية التي تعيق المعاملات، كما أدركنا أن هناك فوضى في مجال الاستيراد والتصدير، معتبراً ان هذا الأمر كان صحوة كي نبدأ بالعمل كانننا في حالة طوارئ منذ اكثر من سنتين ونصف ، مؤكداً ان وزارة الاقتصاد تعمل في حالة طوارئ وضمن خطة طوارئ منذ اكثر من سنتين ونصف اي قبل بدء الحرب ،” في مواضيع الخبز والقمح والأسعار ولقمة عيش الناس إضافةً إلى الحرب الأوكرانية الروسية واحداث البحر الأحمر “…
و من خلال الممارسة الطويلة للوزير سلام يتأمل الخير في المستقبل ويخطط لمواجهة التحديات، ويتمنى الأفضل ويحضر للأسوأ، ولأنه يعمل في هذه الذهنية كان يتأنى في كل الخطوات التي يتخذها، ولذلك يقول سلام : لجأنا في البداية إلى البنك الدولي في مرحلة معينة لأن البلد لا يوجد فيه إهراءات ولا اموال في المصرف المركزي ولا يمكن الحفاظ على استقرار أسعار القمح والطحين، إلا من خلال برنامج شفاف مع البنك الدولي للمحافظة على الكميات ومكافحة التهريب والسرقة، لافتاً أنه تم تخفيض الكميات إلى أكثر من النصف.
ويتابع سلام: كان من المفترض ان ينتهي قرض البنك الدولي لدعم القمح بعد سنة من إقراره لكنه استمر لسننين ونصف، لأننا أوقفنا التهريب وحصرنا الكميات، ولأول مرة في تاريخ لبنان تصدر جداول تظهر كميات الطحين التي تاخذها الأفران، و لهذا السبب أقمنا من خلال البرنامج ما يسمى بترشيد الدعم، اي بالتوازي مع الوضع الاقتصادي وارتفاع سعر صرف الدولار رُفِع سعر ربطة الخبز تدريجياً كيلا يكون تأثير هذا الارنفاع كبيراً في المواطنين (أي كيلا يرتفع سعرها من ١٥٠٠ ليرة إلى ٥٠ الف ليرة دفعة واحدة) .
واكد سلام على أنه بعد انتهاء برنامج البنك الدولي ورفع الدعم عن القمح والطحين لن يرتفع سعر ربطة الخبز أكثر من ١٣ او ١٥ الف ليرة، معتبراً ان التهويل برفع الدعم ليس اكثر من مزايدات لغايات شخصية وطمعاً بتحقيق أرباح، لافتاً ان سعر القمح لا يؤثر بشكل كبير في سعر ربطة الخبز كما تؤثر اسعار المازوت والسكر وأكياس النايلون ورواتب الموظفين والعمال، مؤكداً ان ٩٠% من المواطنين لن يشعروا بارتفاع سعر ربطة الخبز لأننا عملنا على رفعها تدربجياً بطريقة علمية .
وطمأن سلام ان لا خوف من انقطاع الخبز ، كاشفاً أن المستوردين سيستمرون في استيراد الحبوب و القمح حتى بعد رفع الدعم بشكل طبيعي ، بحيث يصبح الاستيراد محرراً ويمكنهم استيراد كميات كبيرة وربما اكثر من السابق لأنهم سيتحررون من قيود البنك الدولي.
والشيء الوحيد الذي يتخوف منه الوزير سلام هو ان يحصل حصار مقصود على لبنان عبر مرفأي بيروت وطرابلس ومطار رفيق الحريري الدولي وتحديداً المرافق البحرية التي يدخلها عبرها القمح ومعظم المواد الغذائية .
وفي موضوع المواد الغذائية اشار سلام إلى ان وزارة الاقتصاد عملت على خطتين الاولى تعتمد على متابعة حثيثة جداً مع القطاع الخاص لوضع “الطلبيات” فور انخفاضها ” وتواصلنا مع كل المستوردين ونقابات السوبرماركت والدواجن واللحوم وغيرها، وشددنا على ضرورة بقاء “طلبيات” قائمة يخبرون عنها وزارة الاقتصاد كي نغطي أي نقص في السوق بشكل سريع، كما طلبنا التسريع بالإجراءات في مرفا بيروت “.
ورداً على سؤال حول انتهاء مدة قرض البنك الدولي في شهر اب الحالي قال سلام: استطعنا ان نحافظ على القرض لشهر إضافي أي لنهاية شهر أيلول، وما زال لدينا ما يقارب الشهرين من القمح المدعوم وموجود في البلد.
والخطة الثانية التي عملت عليها وزارة الاقتصاد في موضوع المواد الغذائية يقول سلام هي إعادة توزيع مدروسة لكل المنتوجات المستوردة سيما في المناطق التي حصل فيها نزوح من الجنوب وبعض مناطق البقاع، بحيث قمنا بتخزين المنتوجات في المتاجر بشكل أكبر من اجل تأمين تغطية حاجيات النازحين مؤكداً ان هناك متابعة يومية في هذا الموضوع مشيراً أن هذا الأمر سيستكمل تدريجياً في حال ارتفعت نسبة النزوح .
وضمن إطار خطة الطوارئ تحدث سلام عن مكننة معاملات وزارة الاقتصاد للمستوردين والتجار من اجل التخفيف من أعباء الوقت عليهم، سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد بحيث أصبح بإمكان المستوردين والتجار إنجاز معاملاتهم مع وزارة اقتصاد اونلاين، ويصبح بإمكانهم إدخال بضائعهم عبر المرفأ دون الذهاب إلى المرفأ، لافتاً ان هذه العملية توفر على المستوردين أسابيع من المماطلة، كما توفر كلفة باهظة تدفع لمعقبي المعاملات، وتمنع أي فساد إن كان في المرفأ أو في اي إدارة، كما تخفف أعباء مالية على المستهلك لأن هذا الأمر ينعكس على الأسعار وعلى وجود البضائع .
ويشرح سلام أن الخطة يتم تحديثها بحسب الوضع وتم دمجها مع خطة الحكومة من أجل أن تكون خطة متكاملة.
واستغرب الوزير سلام عدم إعلان حالة الطوارئ التي تعطي الحكومة صلاحيات استثنائية في هذه الظروف الاستثنائية بأخذ قرارات دون الرجوع إلى مجلس النواب ومنها أن تطلب الدعم من المجتمع الدولي سيما للمحروقات والمواد الطبية والأدوية.
وفي موضوع المولدات قال سلام: عندما لاحظنا بعض التجاوزات من أصحاب المولدات الذين حاولوا استغلال الناس في هذه الظروف الصعبة عبر زيادة الرسوم أو عدم الالتزام بتسعيرة الدولة أو فك العدادات، ” من هنا اطلقنا شعار العصا لمن عصا وطلبت من الأجهزة الأمنية توقيف المخالفين ( الزعران) و تمت عدة توقيفات واستدعت مديرية امن الدولة العديد من أصحاب المولدات الذين أتوا إلى مكتبي بعدما ( تزعرنوا) على المراقبين وهددوا المشتركين وبقطع الاشتراك عنهم “.
و في حين أشار انه “خلال ١٢ ساعة تواصلت مع الأجهزة الأمنية والقضاء وتمكنّا من توقيفهم وفي اليوم التالي حضروا إلى مكتبي واعتذروا وتعهدوا بعدم التلاعب بالتسعيرة وعدم قطع الاشتراك”، كشف أن ( الضربة الكبرى) ستكون في مدينة بيروت لجهة تركيب العدادات ومحاسبة أصحاب المولدات، “وسنقوم بحملة شعواء في مدينة بيروت المظلومة في موضوع المولدات لأن التجاوزات لم تعد مقبولة وسنبدأ بالتنفيذ ابتداءً من الأسبوع المقبل ” .
وأصر الوزير سلام أن يثني على الجهود القطرية لمساعدة لبنان ، مؤكداً أنه لن يتراجع عن متابعة ملف معامل الكهرباء المقدمة من دولة قطر حتى الوصول إلى ننيجة، لأنها حلول مستدامة، معتبراً ان هناك أسباباً غير مبررة وغير معروفة لعدم قبول المساعدة القطرية، ( رغم ان الوزير سلام طرح الموضوع في مجلس الوزراء)…
وفي الختام كلمة للوزير سلام في السياسة وقراءة للمرحلة المقبلة، اكد فيها أنه سيبقى متفائلاً كي نصل إلى لبنان الذي نريد ، ” وأنا في قراءتي السياسية والاقتصادية في العام ٢٠٢٥ سيكون هناك نقلة نوعية على صعيد المنطقة ككل، ضمن إطار مبادرة المملكة العربية السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان، سعياً إلى صفر نزاعات في المنطقة ” وانا مؤمن بها وأن معالمها ستظهر قريباً “، متمنياً ان يركب لبنان هذا القطار الذي تنادي به السعودية، صفر نزاع وازدهار وراحة لهذه الشعوب التي تعبت وان نستفيد من الفرصة .
ورأى أن الغيمة السوداء التي تمر بالبلد لن تكون طويلة وستكون عابرة وستتضح معالمها في اواخر العام الحالي بعد الانتخابات الأميركية، مؤكداً ان عام ٢٠٢٥ سيكون افضل اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً متوقعاً ان يبدأ الحديث عن رئيس الجمهورية في صيف ٢٠٢٥ مع أنه يرى أن قمة الطوارئ اليوم هي انتخاب رئيس للجمهورية كي يتعاطى معنا المجتمع الدولي بشكل سيادي وكي يساعدوا لبنان.