سلطة “تلبيس الطرابيش”: توزيع المال الخاص على الناس!

لم يحدث في الأمس في “الأونيسكو” ما لم يكن متوقعاً. النواب اتفقوا على توزيع المال الخاص على عموم الناس، جرياً على المثل القائل “من غير كيسك يا مدرّي… درّي”. ما لم يقولوه صراحة خوفاً من “الجرصة”، فعلوه جهاراً باقرار مشروع البطاقة التمويلية فارضين على الحكومة المستقيلة تمويلها، مع علمهم المسبق بأن الخيار الوحيد المتاح هو ما تبقى من أموال المودعين.

البارحة، صدّق المشرّعون “نية الحكومة وعزمها اتخاذ الاجراءات وفق صلاحياتها لترشيد الدعم”، بالتزامن مع وضع البطاقة موضع التنفيذ. ليس في الأمر سذاجة، إنما استمرار للعبة “تضييع الشنكاش” التي احترفوها وتجلت في دفن قرض البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار تحت أطنان من الإجراءات الروتينة، وتغيير الشروط بما يتعارض مع معايير الجهة المقرضة. لا أحد سيضع دولاراً واحداً “تحت “بلاطة” السلطة اللاهثة خلف تأمين دولار من هنا وآخر من هناك، بدل الإنطلاق في تنفيذ الإصلاحات”. الحماسة للحصول على النقد الصعب دفعت البعض في الأمس إلى البدء بالتخطيط لكيفية الإستفادة من حصة لبنان من صندوق النقد الدولي، بمجرد سماع خبر مناقشة الصندوق اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء. فأخذ الموضوع بالشعبوية، وانبرى البعض الآخر لطلب حماية مبلغ 900 مليون دولار بقانون يصدر من مجلس النواب، من دون تكليف أنفسهم البحث عن كيفية عمل الصندوق. فـ”المبلغ الذي يحق به للبنان لا يتعدى 225 مليون دولار بالعملة الصعبة، يوضع في مصرف لبنان ولا يحتاج إلى آلية إقرار من مجلس النواب على غرار قروض البنك الدولي”، بحسب مصدر متابع. و”الأهم، إن لم يترافق المبلغ المسحوب مع الدخول ببرنامج مع الصندوق فمن المرجح أن يخسر لبنان عضويته في الصندوق. ويكون مبلغ 225 مليون دولار هو كل ما يحصل عليه لبنان”. في حين أن الفرصة للحصول على مبالغ أكبر والبدء بالإصلاحات متاحة ولا تحتاج إلا لأخذ القرار الجريء.

مرة جديدة تستهل السلطة “تلبيس الطرابيش” من خلال وضع اليد على أموال البعض لتمويل البعض الآخر، خلافاً للمنطق والأخلاق، وجرياً على عادتها بشراء الضمائر والأصوات الإنتخابية قبل كل استحقاق مصيري.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةأفكار جديدة لحماية قطاع السيارات المستعملة
المقالة القادمةجدول سعر ووزن ربطة الخبز