سوريا “تأكل حصرم” جذب الرساميل الأجنبية… ولبنان “يضرس”

لم تعد حيازة القطع الأجنبي (الدولار) مُخالفة يحاسب عليها القانون في سوريا بناء على المرسوم 54. وتم السماح بادخال الأوراق النقدية (البنكنوت) حتى مبلغ 500 ألف دولار من الحدود البرية، شريطة التصريح عنها أصولاً وفق النماذج المعتمدة من قبل هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وشرّع النظام تسليم الحوالات المالية على سعر الصرف المرفّع حديثاً إلى 2500 ليرة، بعدما كان قد ألزم السوريين استلامها على سعر 1250 ليرة لفترات طويلة. في المقابل لم يلغ النظام قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية مقابل دفع 3 آلاف دولار على سعر صرف 2500 ليرة سورية. وأبقى كذلك على إجبار كل سوري يدخل إلى البلد تصريف 100 دولار على سعر الصرف الرسمي.

على الرغم من التشابه الشكلي في سياسات المصرفين المركزيين السوري واللبناني، فقد “أظهر الأخير أنه أكثر كفاءة من نظيره اللبناني”، يقول الكاتب في الإقتصاد السياسي د. بيار الخوري. فـ”سوريا تحركت من نظام صرف ثابت الى التحرير، بينما لبنان انتقل من نظام صرف حر الى نظام عائم متسخ (dirty float) وهو نظام غير واقعي، أدى إلى ظهور السوق السوداء.

خطوة المصرف المركزي السوري تخفيض قيمة عملته من 1250 إلى 2500 ليرة صراحة، لحق بها المركزي اللبناني مواربة. حيث شكل إطلاق منصةSAYRAFA “صيرفة” إعترافاً رسمياً غير مباشر، بان سعر الصرف الأقرب إلى الحقيقة هو 12 ألف ليرة، وليس 1515 ولا 3900 ليرة كما ظلوا يدعون طيلة الفترة الماضية، يقول الخبير الإقتصادي د. باتريك مارديني. و”هذا الإعتراف الذي سيدار بواسطة المنصة، يشكل المقدمة لاعتماد نظام صرف عائم لليرة اللبنانية يسمح بتدخل المركزي عند الضرورة، ما يعرف نقدياً بـ MANAGED FLOAT”. إلا أن هذا الإجراء الذي قد يؤدي إلى انخفاض طفيف بالدولار في القريب العاجل نتيجة توهم المواطنين، أو بسبب ضخ المركزي بعض المبالغ بالعملة الأجنبية في الأسواق، سيفشل في النهاية. فارتفاع سعر صرف الدولار برأي مارديني “مرتبط بحجم طباعة الليرة اللبنانية. وكلما طبعنا أكثر ارتفع سعر الصرف أكثر”.

الإعتراف بالدولارات الجديدة التي تدخل سوريا وشرعنتها، قابله لبنانياً ترسيخ مبدأ الفصل بين الدولار القديم والدولار الجديد. فالقديم ما زال واقفاً على عتبة 3900 ليرة، في حين اصبحت قيمة الجديد 12 ألفاً. هذا الترسيخ يعني عملياً “إعتراف بـ”الهيركات”، حيث أصبحت قيمة الدولار الجديد ثلثي قيمة الدولار القديم”، برأي مارديني. في الوقت الذي تعمل فيه سوريا الإشتراكية على فتح اقتصادها واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، يقيّد لبنان الليبرالي، الإقتصاد الحر أكثر، ويدفع إلى “تهشيل الرساميل”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةتضخّم أسعار الاستهلاك بلغ 25,6% في الأشهر الـ4 الأولى من السنة
المقالة القادمةالدواء مقطوع… فهل يفجّر غيابه الشارع؟!