سلطت وسائل إعلام سورية الضوء على جدوى مشاريع أنابيب الغاز والنفط والهيدروجين من الخليج عبر سوريا إلى دول المنطقة والعالم. وأشارت إلى الموقع الجيوسياسي الذي تتمتع به سوريا على خطوط التجارة الدولية وخطوط أنابيب الطاقة وربطها بين مناطق إنتاج الغاز والنفط في دول الخليج والعراق وبين تركيا التي تشكل بوابة السوق الأوروبية.
وتحدثت وسائل إعلام عربية وأجنبية عن إمكانية تنفيذ مشروع خط أنابيب غاز بين قطر وتركيا وجدواه الاقتصادية بعد سقوط النظام السوري وانتهاء نفوذ إيران وتقلص النفوذ الروسي.
ولفتت إلى نقطة مغيبة هي أن فكرة المشروع التي طرحت عام 2008 بنيت في معظمها على تصدير الغاز الإيراني، وبدرجة أقل على تصدير الغاز القطري، لأن خط الأنابيب كان سيضخ الغاز من حقل الشمال المشترك بين إيران وقطر ليعبر الأراضي السعودية والأردن كي يرتبط بخط الغاز العربي عند مدينة دمشق، ويتم بعد ذلك تنفيذ خط أنابيب إلى الأراضي التركية وصولاً إلى الأسواق الأوروبية. ولقي المشروع حينذاك دعماً من تركيا ودول الاتحاد الأوروبي ورفضاً من روسيا التي ضغطت على الحكومة السورية لرفض المشروع آنذاك.
ويرى خبراء أن من الأجدر، في ظل الظروف الحالية، إيجاد صيغة للتعاون في مجال استيراد وتصدير النفط العراقي إلى الأسواق الدولية عبر الأراضي والموانئ السورية، خاصة أن العراق لا يملك خيارات واسعة لتصدير النفط بسبب محدودية ميناء الفاو التصديرية، ومع تمديد خط الأنابيب من العراق إلى الموانئ السورية سترتفع قدرة بغداد التصديرية إلى الأسواق الدولية بمقدار مليون برميل يوميا عبر سوريا فقط.
وهذا سيسمح أيضا لسوريا بأن تستورد كميات من النفط هي في أمس الحاجة إليها، وتحصل على إيرادات مالية، وسيعزز موقعها على خطوط التجارة الدولية دون إغفال التحديات التمويلية والسياسية والأمنية لبناء هذا الخط.
وهناك فرصة أخرى أمام المسؤولين في سوريا للاستفادة من تركيز السعودية جهودها لتصبح أكبر منتج للهيدروجين في العالم. ويرى خبراء أن من الأجدر التركيز على نقل الهيدروجين.
وبحسب رؤية 2030 تهدف السعودية إلى أن تصبح أكبر منتج للهيدروجين في العالم بإنتاج سنوي يبلغ 2.9 مليون طن، ووفق نفس المصادر ستصل الكمية المنتجة من الهيدروجين إلى 4 ملايين طن سنويًا في عام 2035، وهو رقم كبير مقارنة بخطة الصين لإنتاج ما بين 100 و200 ألف طن سنويًا، وخطة أوروبا لإنتاج مليون طن من الهيدروجين سنويًا.
وتعتزم الرياض أن تصبح المورد الرئيسي للهيدروجين في العالم كما هو الحال في النفط. وتهدف السعودية إلى التصدير للسوق الأوروبية، وسيكون هدف السعودية ممكناً وقابلاً للتنفيذ ويحقق الجدوى الاقتصادية عبر خط أنابيب يعبر الأردن وسوريا ليغذي السوق التركية ومن ثم السوق الأوروبية.
وتطور الرياض مجموعة من المشاريع الداخلية الخاصة بإنتاج الهيدروجين الأخضر وهي من أكبر المشاريع على مستوى العالم بحسب ما نشرته شركة “أكوا باور” السعودية المتخصصة في إنتاج الطاقات المتجددة.
وإذا كانت سوريا دفعت ثمنا باهظا بسبب موقعها الجيوسياسي الذي شجع أطراف عديدة على التدخل في شؤونها، فإن نفس هذا الموقع على خطوط التجارة الدولية يوفر للبلاد فرصا يجب أن تحسن الحكومة السورية الجديدة توظيفها لتكون جزءا من مشاريع طرق الأنابيب الدولية التي قد تطرح مستقبلا، وبذلك تحقق الدولة إيرادات مالية هي أحوج ما تكون إليها في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده حاليا، بعد 53 عاما من حكم آل الأسد، وتصل إلى نقطة توازن في تنويع واردات واستهلاك موارد الطاقة، والأهم من ذلك يصبح أمن واستقرار سوريا مرتبطين بمشاريع ومصالح دولية.
وكانت مصادر عراقية كشفت في الأيام الأخيرة عن معلومات تفيد بأن الحكومة في بغداد قررت استئناف تصدير النفط الخام إلى سوريا خلال أيام، وذلك وفق آلية جديدة أكثر تنظيما ودقة قياسا بما كان معمولا به سابقا.
وقال وزير النفط والثروة المعدنية في سوريا غياث دياب إن قطاع النفط بعد سقوط النظام السابق يعاني من عدة صعوبات وتحديات تشكل عائقا في طريق تأمين المشتقات النفطية.
وانخفض إنتاج النفط السوري إلى نحو 80 ألف برميل يوميًا فقط بعد أن كان 400 ألف برميل يوميًا قبل الثورة. ويباع النفط حاليًا بأسعار متدنية تصل إلى 15 دولارًا للبرميل، أي ما يعادل 20 في المئة من سعره العالمي، بسبب سيطرة مجموعات مسلحة على عمليات الإنتاج والبيع غير القانوني، وفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز.
وتطمح شركات غربية، علقت عملياتها بعد فرض العقوبات على سوريا، إلى استئناف عملياتها النفطية لرفع الإنتاج إلى مستويات ما قبل عام 2011 وبيعه بأسعار تتوافق مع السوق العالمية، إلا أن هذه العودة مرهونة بالتطورات السياسية التي سيكشف عنها خلال الأشهر القليلة القادمة.