مع إنطلاقة عهد الرئيس جوزاف عون وتباشير حكومة جديدة يعيش لبنان جوا من التفاؤل والأمل بغد مشرق مختلف عما عاشه لسنوات خمس ماضيه ومن هذا المنطلق يستعد رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (ايدال ) الدكتور مازن سويد لاستقبال المرحلة الجديدة بجملة من المشاريع التي قامت المؤسسة بدرسها وهي التي صمدت رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها والميزانية التي لا تتعدى الـ ١٥٠ الف دولار ،وقد آمنت بأن التفاتة دولية وعربية ستحدث نحو لبنان لأنه بوابة الشرق والعالم العربي وهو زاخر بالكفاءات والطاقات البشرية .
جاء ذلك في حديث سويد للديار على النحو الاتي :
بعد انتخاب الرئيس عون وتكليف القاضي نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة يتم التركيز في كل الأحاديث على موضوع الإستثمار في لبنان لذا أين مؤسسة تشجيع الاستثمارات “ايدال”من هذه الحركة الحالية؟
لقد مرت المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات بظروف صعبة جدا في السنوات الخمس السابقة وانا لست بحاجة الآن للإفاضة عما مرت به البلاد والادارات والمؤسسات والرواتب وما عانته الإدارة من هجرة الكفاءات إلى القطاع الخاص الإقليمي والعربي وليس القطاع الخاص المحلي لأنه كان أيضا يعاني ما يعانيه. لكن رغم ذلك استفادت المؤسسة من الظرف وحضرت نفسها جيدا إذ كانت تؤمن بأن البلد سيعود إلى عافيته وبانه سيتم انتخاب رئيس للبلاد وستؤلف حكومة وستحدث التفاته دولية نحو لبنان لأنه بوابة الشرق والعالم العربي وهو يملك الكفاءات العلمية والطاقات البشرية التي تكفي بلدانا عدة وليس بلدا واحدا. لقد عملنا في المؤسسة على تحضير الملفات وتعديل المراسيم التطبيقية لكي يستطيع أكبر عدد ممكن من المستثمرين الإستفادة، وسنطلق هذا التعديل قريبا في مؤتمر كبير تماشيا مع ولادة الحكومة الجديدة . لقد اجرينا دراسات مهمة لمشاريع ستفيد لبنان وستمثل قاطرة للنمو . لقد استطعنا رغم كل الظروف من جذب أكثر من ٣٠٠مليون دولار من الاستثمارات خلال السنوات الثلاث الماضية في قطاعات اساسية مثل صناعة الأدوية، الغذاء والسياحة وعلى وجه الخصوص السياحة البيئية.
استثمارات لبنانية هل هي استثمارات اجنبية ام انها لبنانية فقط؟
“انها بمعظمها من الاغتراب اللبناني. اعتقد بانه على المغتربين لعب دور اساسي جدا وهذا متاح لهم ضمن خطة ايدال التي تعتبرهم شركاء في عملية النمو والإنماء التي ستنطلق في البلد . سنتوجه إلى العالم بمشاريع مربحة وهي مشاريع محددة في قطاعات اساسية “.
اية قطاعات تحديدا؟
“القطاعات الأساسية التي سبق وذكرتها والقطاعات اللوجستية والسياحة الاستشفائية والبيئية والدينية ومشاريع لها علاقة بتطوير المناطق الصناعية وصناعة ما يحتاجه الذكاء الاصطناعي. اننا جاهزون لذلك لكنني اود ان اطلق صرخة تتعلق بضرورة تفعيل المؤسسة من خلال تخصيصها بموازنة مهمة لكي تستطيع العمل كما يجب إذ أن موازنتها الحالية هي فقط ١٥٠٠٠٠دولار سنويا وهو تغطي كل شيء من إيجار ورواتب ومهمات.لقد كانت موازنتها في العام ٢٠١٩ خمسة ملايين دولار وقد تراجعت لتبلغ اليوم ١٥٠٠٠٠ فقط . يمثل هذا الأمر تحديا اساسيا أمام الحكومة اذ أن وضع الإدارة في حالة يرثى لها وقد كان نابليون يقول : “الدولة هي الإدارة”. اليوم ليس لدينا إدارة قادرة على تنفيذ الخطط خصوصا ان العبرة هي بالتنفيذ.. كل حكومة تولت المسؤوليه في البلاد وضعت خطة لذا اتمنى على الحكومة الجديدة التي ستتولى المسؤولية أن تتبنى اي خطة تناسبها وتباشر بالتنفيذ لأنه لا وقت لدينا لوضع خطط جديدة”.
هل لديكم خطة معينة لجذب الاستثمارات؟
“طبعا وهي موجودة وقد اطلعت الرئيس عون عندما زرته عليها. انا اتوسم فيه الخير وقد لمست لديه رغبة شديدة بتحقيق النمو المستدام بشكل فعلي وكذلك التنمية المناطقية التي لم نشهدها منذ عهد الرئيس فؤاد شهاب. نحن اليوم لدينا فرصة لعهد شهابي آخر”.
من الملاحظ أن الكثير من الشركات والمؤسسات قد اتصلت بعدد من الأشخاص لدراسة كيفية الإستثمار في لبنان حاليا فكيف تقيمون الأمر وماذا تقولون بهذا الصدد؟
“انا اقول انه رغم كل ما مر به لبنان في السنوات الأخيرة من انهيار مالي وافلاس واقفال مصارف ووباء كورونا وانفجار المرفأ وعدوان إسرائيلي وحرب مدمرة بقي البعض على إيمانه بهذا البلد وبقي يستثمر فيه حتى أنه يقول بأنه افضل مكان للإستثمار ،وانا انصح بالاستثمار في قطاعات حقيقية ومنتجة كالتي ذكرتها سابقا. ان بعض رجال الأعمال اللبنانيين يستثمرون حاليا بمالهم الخاص لأنه لا يوجد تسليف مصرفي والمعروف أن المستثمر يستثمر عادة بالدين فإذا كانت كلفة المشروع مليون دولار فهو يرصد من ماله الخاص مثلا١٥٠٠٠٠دولار والباقي يقترضه من المصرف . في ظل غياب التسليف المصرفي حاليا نجد هؤلاء المستثمرين يغامرون بمالهم الخاص وهذا يدل على مقدار حبهم وثقتهم بالبلد ونحن في المؤسسة نقف إلى جانبهم ونحفزهم ونشجعهم على ذلك .أما اليوم في ظل العهد الجديد فقد جاء خطاب القسم ليعطي المزيد من الثقة والناس تتوسم به خيرا وقد ذكر الرئيس في خطابه كلمة استثمارات أكثر من مرة ، كذلك اليوم يتضاعف الأمل مع وجود القاضي نواف سلام في رئاسة الوزراء وهو كان عضوا في المجلس الإقتصادي الإجتماعي ،وهو يعلم أن السياسة أساسها الإقتصاد والتنمية والالتفات إلى المناطق وخلق فرص العمل لذا أعتقد أن هذا المزيج ما بين رئيس جمهورية يؤمن بالأمن وسيادة دولة القانون ورئيس حكومة يؤمن بالقضاء الذي يعتبر أساس الثقة والاستثمار سيكون ناجحا وواعدا بالخير للبلاد”.
في ظل ذلك ما هو دور ايدال؟
نحن لدينا دراسات ومشاريع نعمل عليها.
كيف تجذبون المستثمر اليكم؟
“ان قانون رقم ٣٦٠واضح جدا . نستطيع منحه اعفاءات ضريبية ومساعدات تقنية وفنية وقانونية إلى جانب تخفيضات كبيرة قد تصل إلى اعفاءات على رخص محددة . هذا هو دور ايدال لكن لكي توصل هذه الرسالة إلى المستثمر تحتاج الى موقع إلكتروني على الأقل. كيف لها أن تتصرف بموازنة لا تتجاوز ١٥٠٠٠٠دولار؟!.. لكن بالرغم من ذلك لدينا دراساتنا ومن يتواصل معنا نزوده بما لدينا من فرص متاحة في البلاد الا أنه حاليا يوجد مشاكل كبيرة في البلاد ويجب التنبه منها والرئيس عون للمناسبة على دراية بالموضوع فإذا لم يستعد القطاع المصرفي دوره في التسليف كيف سنجد اقبالا على الاستثمار ؟إذن يجب حل مشكلة المصارف ومشكلة اللائحة الرمادية بما يخص التحويلات المالية والنقدية وحل مشكلة الأمن والقضاء قبل كل شيء. لدينا تحديات كبيرة متعلقة بوضع المصارف وباصلاحات ضرورية لقانون العمل والتجارة والحكومة الإلكترونية. علينا النظر حولنا في المنطقة ومشاهدة مدى تطور دول المنطقة واين أصبحت من التقدم والتطور مما يحتم علينا بذل الكثير من الجهد للحاق بها . لقد كان الناتج المحلي في العام ٢٠١٩ حوالي ٥٥مليار دولار واليوم تراجع إلى ٢٢مليارا بينما كان المفروض ان يكون ٧٠مليارا . ما عاد لبنان بمزاياه التنافسية وحيدا في المنطقة إذ أن كل الدول حوله تنافسه لكنه لديه ميزاته التفاضلية المختلفة كما لكل منطقة فيه مميزاتها التفاضلية وهذا ما يجب العمل عليه وخلق التنافس الإيجابي بين المناطق وخلق انماء حقيقي يراعي العرض والطلب . علينا اليوم إعادة النظر بالنظام الإقتصادي المتعلق بعجلة النمو وعلينا التفكير بشيء جديد وانا أعتقد أنه حان الوقت لذلك.ان مؤسسة ايدال موجودة منذ فترة التسعينات ولديها قائمة طويلة بالمستثمرين الموجودين في لبنان في مختلف القطاعات .كما أننا عندما نكون في المؤتمرات نجتمع مع المستثمرين الذين يصارحوننا بانهم ينتظرون عودة لبنان إلى وضعه الطبيعي لكي يعودوا فيستثمرون فيه”.
عودة السعودية
الا تعتبرون عودة السعودية حاليا بارقة أمل كبيرة؟
“أجل إذ انها الأساس. لقد حدثت بعض الإتصالات بخصوص الإستثمار لكن هذه الإتصالات غير كافية وليست مؤشرا رسميا. كل الإتصالات اليوم تسأل متى ستعود المصارف إلى التسليف، وما هي الفرص الإستثماريه المتاحة . علينا الا نتوهم بأن المليارات ستنهمر علينا وان الاستثمارات عائدة بمجرد انتخاب رئيس وقيام حكومة” .
ما المطلوب اذن؟
“المطلوب إصلاحات تطمئن المستثمر. إصلاحات تمكن المستثمر من الوصول إلى تمويل . لقد ورث العهد الجديد جبلا من المشاكل”.
هل يوجد استثمارات معينه يمكن طرحها حاليا بعد سنوات من جمود الحركة الإستثماريه العربية والخليجية في لبنان؟
“أعتقد أن كل ما يصدر هو استثمار حاجة وليس ترفا . على لبنان أن يضاعف صادراته وان يسد العجز بميزانه التجاري فهو يستورد بمعدل اربع مرات زيادة عما يصدره وهو لا يستطيع أن يستمر على هذه الحال إذ أنه يحتاج إلى نموذج اقتصادي جديد ويجب تشجيع استثمارات تحقق عملة صعبة لأنه إذا لم يترافق تثبيت سعر الصرف مع زيادة التصدير واستبدال المستورد سنذهب حتما إلى مشكله كبيرة بعد سنوات كما سبق وعانيناه . في النهاية ان لبنان وهو بلد نامي يملك كفاءات ومقومات لا يمكن أن تبقى فيه فاتورة الاستيراد تزيد بمعدل اربع مرات عن ايرادات التصدير .إذن بجب إيجاد نظرة اقتصادية جديدة تهتم بهذا الأمر. لدينا قيمة مضافة في قطاع الخضار والفواكه مثلا ونحن باستطاعتنا أن ننتج في هذا القطاع وان ننتج في سلع مهمة مثل الشوكولا والنبيذ والمجوهرات والالبسة الفاخرة التي ننافس بها دول أوروبا المتقدمة . كما لدينا قطاع الأدوية لكن علينا تسريع عملية الترخيص وقد بدأ بعض المستثمرين في هذا المجال يتذمر. لقد رأينا بناء العديد من مصانع الأدوية في السنوات الأخيرة رغم الظروف الصعبه والمجال أيضا متوفر في السياحة بمختلف مجالاتها من البيئية إلى الدينية والاستشفاءية وغيرها. المجالات عديدة ومتوفرة للإستثمار. لقد قامت ايدال بواجبها حتى في ظل الظروف الصعبة ورغم الأجور المتدنية فيها وقد استطعنا الحفاظ على المؤسسة والصمود رغم كل شيء ونحن جاهزون اليوم”