سيارات الهيدروجين في مفترق طرق التحديات المعقدة

خلايا وقود الهيدروجين تعد الطاقة الأكثر كفاءة اليوم ولكن من أجل تحقيق الاستفادة منها فلابد من مواصلة دراسة بعض التحديات أهمها عملية تخفيض التكلفة.

تتقاطع استراتيجيات المصنعين للسيارات وفق أهدافهم، فمن المنافسة على تقديم أفضل الموديلات، مرورا بالسباق نحو ابتكار مركبات صديقة للبيئة، وصولا إلى تطوير خلايا الوقود، وفي خضم ذلك تبرز مدى التحديات المعقدة لتحقيق تلك الطموحات ولاسيما في ما يتعلق بسيارات الهيدروجين، والتي تتزايد الشكوك حول قدرتها على الانتشار مستقبلا.

عكفت كبرى الشركات العالمية للسيارات طيلة السنوات الخمس الماضية على تطوير مركباتها التي باتت تجذب أعدادا متزايدة من الناس وذلك باعتماد الكهرباء والهيدروجين كوقود في المستقبل للابتعاد تدريجيا عن المركبات التي تعتمد على الوقود الأحفوري.

وبالنظر إلى السباق المحتدم بين المصنعين لاعتماد معايير تنسجم مع البيئة، اتسع تباين المواقف بين المسؤولين التنفيذيين في عمالقة هذه الصناعة، حول أيها أفضل للمستقبل استخدام البطاريات الكهربائية أم وقود الهيدروجين المثير للجدل.

وبينما يتخذ الجميع نفس المسار تقريبا عبر التركيز على المركبات الصديقة للبيئة، يبدو الحماس بشأن الهيدروجين له سبب بسيط، سواء تم استخدامه في خلية وقود أو حرقه لتوليد الحرارة، فإن العادم الوحيد الذي ينبعث منه هو المياه النظيفة.

ولذلك، أينما حل الهيدروجين محل الوقود الأحفوري، فإنه يساعد في إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري. وهذا يفسر السباق العالمي للسيطرة على مختلف منافذ السوق التي يُتوقع أن تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات بحلول عام 2050.

ويقول المتخصصون إن السيارات التي تعمل بتقنية خلايا الوقود لا ينبعث منها أي من أنواع التلوث، وهي تعمل على الطاقة التي تنشأ عند اتحاد الهيدروجين المُخزّن كوقود مع أكسجين الهواء لتكوين المياه.

وتعد خلايا وقود الهيدروجين، الطاقة الأكثر كفاءة اليوم، وفق الخبراء، لأنها تعمل بصفة مستمرة بحيث لا يسبب فقدانا للطاقة، ولكن من أجل تحقيق الاستفادة منها أكثر ما يمكن فلابدّ من مواصلة دراسة بعض القضايا، ولعل عملية تخفيض التكلفة من أكبر هذه التحديات.

ولكن بالرغم من ذلك، هناك شق يرفض تلك الفكرة على اعتبار أنها صعبة التنفيذ على الأرض، حيث يعتقد البعض من المهتمين بعالم صناعة السيارات أنه مهما كان الهيدروجين مصدرا مهما للطاقة وخاصة في السيارات، التي يتم تصنيعها حاليا، لن يتم اعتماده على نطاق واسع إذا ظلت تكاليفه باهظة.

ولعل انضمام ماركوس دوسمان، الرئيس التنفيذي لشركة أودي الألمانية للسيارات، إلى رأي إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا الأميركية، حيث قال في تصريحات نقلتها صحيفة “دي تسايت” الألمانية إنه لا يرى مستقبلا للهيدروجين وخلايا الوقود كمحرك للسيارات، وهو دليل على أن الفكرة لا يمكن تطبيقها في الواقع.

وموقف دوسمان جاء بعد وقت وجيز من إعلان هيونداي وإنيوس البريطانية أنهما اتفقتا على تقييم نظام خلايا الوقود الخاص بالشركة الكورية الجنوبية لاستخدامه في السيارة إنيوس جيوندير، التي تم الإعلان عنها مؤخرا، مما يعني أن هناك اتجاهين مختلفين حول وقود الهيدروجين.

وكان ماسك قد قال في مقابلة مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في شهر أبريل 2018 إن “تقنية خلايا الوقود وسيلة احتيال حمقاء وذلك لأن فصل الهيدروجين عن الماء من خلال عملية التحليل الكهربائي يستهلك قدرا أكبر من الكهرباء عما ينتجه الهيدروجين”.

ورغم أن هذه التقنية التي لا تزال تسير ببطء تتلاءم مع الاتجاه نحو تقليل انبعاثات الكربون من السيارات مع العمل على تسويق مركبات كهربائية للحدّ من استخدام محركات الاحتراق الداخلي، لكن من الواضح أن الشكوك تتزايد حولها.

وينتج الهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي للماء، حيث تقوم البطاريات بإرسال تيار كهربائي عبر قطبين لفصل الماء السائل إلى غاز الهيدروجين والأكسجين، وعلى العكس من أجهزة فصل المياه الأخرى التي تستخدم المعادن النفيسة كمواد محفزة، فإن الجهاز الجديد يستخدم أقطابا مصنوعة من النيكل والحديد، وهي مواد متوفرة بكثرة وغير مكلفة.

وقال دوسمان “لا يمكننا في العقود المقبلة إنتاج كمية كافية ومتعادلة كربونيا من الهيدروجين المطلوب للمحركات، ولهذا فأنا لا أؤمن باستخدام الهيدروجين في السيارة”. وأضاف “الحل بالنسبة لسيارات الركاب يتمثل في البطارية”.

ومع ذلك، يرى الرئيس التنفيذي لأودي أن العالم كبير، وليست الكهرباء الوسيلة المناسبة لكل بلد في العالم، مشيرا إلى أن السائقين يوجهون لأنفسهم العديد من الأسئلة تتمحور حول إلى أي مدى يمكن الوصول بالسيارة الكهربائية؟ ومن أين يتم التزود بالتيار الكهربائي؟ وكم المدة التي تستمر فيها البطارية؟ وماذا سيفعل عندما يسافر في عطلة؟

ويمكن أن تعطي سيارات الهيدروجين نصف كفاءة قياسا بنظيراتها التي تعمل بالبطاريات، فإذا قامت سيارة كهربائية بتحويل 86 في المئة من الطاقة التي تم تسخيرها في الأصل بواسطة توربين الرياح لتحريك السيارة للأمام، فإن السيارة الهيدروجينية يمكنها الوصول إلى حوالي 45 في المئة فقط.

وتضم السيارات، التي تحتوي على خلايا وقود على أجزاء متحركة أكثر وتكون تكلفة صيانتها أعلى من تلك التي تحتوي على بطارية، وعلى عكس السيارة التي تعمل بالبطارية، لا يمكن إعادة تزويدها أو شحنها في المنزل.

وبالتأكيد هذه أخبار سيئة خاصة لتويوتا وهوندا اليابانيتين وهيونداي الكورية الجنوبية، وهي شركات وضعت أكبر رهاناتها على الهيدروجين في النقل المستقبلي.

وأشارت العديد من الدراسات إلى أن التحسينات التكنولوجية ستجعله أرخص بسرعة في السنوات القادمة، ولكن حتى ذلك الحين، لا يزال من الصعب النقل والتخزين ما لم يتم دمجها مع مواد كيميائية أخرى.

ولعل ما يثير الاهتمام هو أن مزيج خلايا الوقود والمواد المضافة يجب ضغطها إلى نحو 700 مرة من الضغط الجوي أو تبريدها إلى 253 درجة مئوية تحت الصفر.

وكل هذه العيوب تستبعد الهيدروجين من التطبيق الذي يحصل حاليا على أكبر قدر من الضجيج، كوقود لتشغيل السيارات والشاحنات الصغيرة والشاحنات. وفي كل إحصاء تقريبا، تفقد المركبات التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين زخمها مقابل منافساتها السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةرينج روفر تدعم طرز الديزل بالكهرباء
المقالة القادمةالقطاع السياحي يستعد للاعياد رغم التحديات