سياسة الحاكم بلإنابة منصوري تضع السياسيين تحت مسؤولياتهم

تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين RDCL برئاسة نقولا بو خاطر طرح الصوت عاليا لان استمرار الانهيار دون معالجة سيؤدي الى تفاقم التحديات لدى القطاع الخاص وقد دقّ ناقوس الخطر مع حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري خلال الزيارة التي قام بها لتأييده في الطروحات والثوابت التي اعلن عنها في المؤتمر الصحافي الذي عقده ابان تسلمه الحاكمية وخصوصا في ما يتعلق بتطبيق الاصلاحات وعدم اقراض الدولة والمس من الاحتياطي الالزامي وطبع الليرة لتغطية الحجز في الموازنة.

الديار التقت بو خاطر وكان هذا الحديث عن الزيارة والاستنتاجات

ما أهمية لقاؤكم الأخير مع حاكم المصرف المركزي بالإنابة ولماذا قمتم بزيارته؟

أن الأهمية في البداية هي بإعادة خلق الثقة بين القطاع الخاص والنظام المالي الذي يمثله حاليا حاكم المصرف المركزي بالإنابة د. وسيم منصوري وهذه الثقة تحتاج الى وقت طويل لإعادتها .القطاع الخاص هي الجهة الوحيدة القادرة على النهوض اقتصاديا بالوطن وقد برهن هذا القطاع طوال السنوات الماضية أنه قطاع صلب وحي ويمثل مقاومة حقيقية لحياة الناس، لكن لكي يعود هذا القطاع الخاص للنهوض والازدهار يوجد ثوابت وإصلاحات وقوانين يجب تطبيقها. لقد قال الحاكم للقطاع العام بانه لن يقرض المال. ان السياسات النقدية للقطاع العام المبنية على تثبيت سعر الصرف وتمويل عجز الموازنات كان السبب الأساسي لإفلاس القطاع المالي وخلق بالنتيجة فجوة ماليه كبيرة تفوق الـ٧٠مليار دولار. أي برنامج هيكلي عليه أن يكون مبنيا على إعادة الثقة. أن الهدف من الزيارة كان إعادة إطلاق مسار الثقة بين القطاعين الخاص والحاكمية. فهذا المسار طويل. فالقطاع الخاص سوف يتتبع عن كثب تطبيق الوعود والبرنامج الذي تحدث عنه الحاكم. هذه هي أول نقطة في بحر واسع فالثقة لا يمكن خلقها باجتماع واحد إلا أننا رأينا تصميما لدى الحاكم على الشفافية واعتماد مبدأ فصل السلطات بين السياسة النقدية العائدة للحاكمية والسياسة المالية العائدة للحكومة والسياسة التشريعية العائدة للمجلس النيابي. أن مبدأ فصل السلطات وبالنتيجة استقلالية مصرف لبنان هو مبدأ قانوني أساسي هام جدا لحماية ممتلكات المصرف المركزي من دعاوى محتملة على الدولة اللبنانية بنتيجة التخلف الحكومة عن دفع اليوروبوندز بقيمة 33مليار دولار.

بالإضافة أن مبدأ فصل السلطات هو مبدأ تسير به كل دول العالم المحترمة. اننا نرى حاليا أن كل الموازنات غير متوازنة وفيها عجز كبير كان يغطيه المصرف المركزي والدولة لن تستطيع تغطيته إذا لم تنفذ الإصلاحات المطلوبة .ثم كيف باستطاعتها ذلك إذا لم تخفف من عدد موظفي القطاع العام وإذا لم تتخذ القرار السياسي النهائي بإقفال المعابر غير الشرعية واذا لم تتتبع وتقفل الشركات الوهمية على مرافىء لبنان الشرعية واذا لم تتابع أيضا موضوع التهرب الضرائبي. انا اتساءل كيف باستطاعتها ذلك إذا لم تصلح قطاع الكهرباء وقد كلفها فوق ٤٠ مليار دولار بما فيها الفوائد وكيف باستطاعتها تنفيذ ذلك كله دون أن تطبق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهو قانون يسمح للقطاع الخاص إدارة أملاك الدولة على أن تبقى ملكيتها بيدها وكيف باستطاعتنا استقدام مستثمرين من الخارج لا يثقون بالقضاء؟.. هذا كله لن يكون إلا إذا قرّت كل الإصلاحات الضرورية، وطبقت القوانين المرعية الاجراء ورسمت سياسة واضحة لحماية القطاع الخاص الشرعي كأولوية.

مسؤولية السلطة التنفيذية

لماذا توجهتم بمطالبكم هذه إلى السلطة النقدية بينما يجب التوجه بها إلى السلطة التنفيذية المسؤولة عنها؟

يوجد مثل فرنسي يقول”Celui qui donne ordonne” أي أن من يعطي المال هو الذي يأمر. لقد كان المصرف المركزي يعطي الدولة المال دون مقابل وقد قال لهم الحاكم اليوم :”كفى” . أن مستقبل لبنان اليوم على المحك فحجم الاقتصاد النقدي يشكل خطرا كبيرا على تصنيف لبنان فالاقتصاد النقدي يتفاقم يوم بعد يوم وقد ينتج عن زيادة التهرب الضريبي والفساد وتمويل الإرهاب وتبيض الأموال ويخفف من ايرادات الدولة. ونتيجته قد تؤدي الى وضع لبنان تحت العقوبات وفصل القطاع المالي عن النظام المالي الدولي. انا أتساءل إذا كان أصحاب القرار لم يروا هذا الخطر المحدق بنا خلال فترة وجيزة فأنا لا أدري واقعيا إلى أين سنسير وماذا سيحدث للمؤسسات الصناعية والتجارية والمالية وغيرها التي تبيع خدمات وماذا سيحدث لسمعة لبنان المتدهورة أصلا؟

أليس المشرعين وأصحاب القرار معنيين بذلك؟

اليس هم مسؤولون عن حماية لبنان ومجتمعنا ومستقبل أولادنا؟

اين الحاكم ؟

برأيكم أين الحاكم في كل ذلك؟

لقد ظهر موقف الحاكم في البيانات الذي تلاها في المؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه عن التداعيات الخطيرة للاقتصاد النقدي بالنسبة للتصنيف

برأيكم ماذا فعل للتخفيف من هذه الكارثة؟

سياسة الحاكم بالإنابة تضع السياسيين تحت مسؤولياتهم.

بمواقفه وقرارته (خصوصاً عدم تمويل الدولة) إنه يضغط على السلطة التشريعية لوضع القوانين الإصلاحية كالكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف وإعادة التوازن المالي وتنفيذ الإصلاحات مما يسهم بإعادة الحياة للنظام المصرفي والقضاء على الاقتصاد النقدي.

ماذا قال لكم خلال الاجتماع؟

أكّد لنا أنّ مهما كانت الضغوط لا أحد يستطيع تغيير سياسته النابعة من القوانين المرعية الإجراء. ونحنا إلى جانبه في هذا الموقف.

لكنه سبق وطالب بتشريع قانوني لاقراض الدولة فما قولكم بذلك؟

لقد تكلمنا معه عن ذلك وقد قال انه سيرفض إقراض الدولة حتى في ظل قانون يسمح بذلك. أن الحاكم كان واضحا في هذا الأمر خلال اجتماعنا. وأكدّ لنا استقلالية قرارات البنك المركزي.

هل نفهم أنكم خرجتم بعد الإجتماع على رضى وارتياح؟

لقد خرجنا برسالة واضحة هي اعتماد الشفافية المطلقة وبأن السياسة النقدية ستعود لممارسة دورها الحقيقي في ظل وجود الحاكم بالإنابة. لقد خرجنا متفائلين بانه سيقوم بما وعدنا به .

لقد ذهبتم إلى الحاكم بدافع خوفكم على القطاع الخاص الشرعي والخوف من الإتجاه إلى مرحلة أصعب أليس كذلك؟

أجل هذا أكيد. اننا نعمل لإعادة إطلاق التمويل للقطاع الخاص وإعادة إطلاق عملية أحياء القطاع المصرفي القانوني والسليم. أن القوانين التي يجب بتها هي القوانين التي تساعدنا كقطاع خاص على الانطلاق مجددا اننا اليوم بصدد تقديم قانون معجل مكرر للنواب يقضي بأن كل تمويل جديد بالعملة الأجنبية يجب أن يتم رده بنفس العملة والوسيلة .لقد اعددنا نصا قانونيا سنجول به على النواب للتوقيع وهو يحمي التعاقد والسندات الجديدة وهو سيطلق الدورة الاقتصادية فالاقتصاد اليوم دون تمويل لا يخلق فرص عمل جديدة ولا ينمو.

منذ فترة طويلة يتم الحديث عن الإصلاحات دون أن تقر سياسيا فإذا لم تنفذ هذه الإصلاحات كيف سيكون وضعكم كقطاع خاص شرعي؟

سيكون صعبا جدا وسندخل في مرحلة أكثر صعوبة فالتكاليف تزداد يوما بعد يوم بالنسبة للفاتورة الكهربائية وفاتورة أجور العمال والايجارات التي تتحول كلها من الليرة إلى الدولار كما أن التكاليف الطبية ازدادت خصوصا في ظل تراجع تقديمات الضمان الصحي الاجتماعي لا سيما بشأن تعويض نهاية الخدمة وكيق سيتم معالجة ذلك قانونيا . أن هذا كله سيتسبب للشركات بثقل كبير في موازنتها ويؤدي إلى افلاسات. اذا لم نحدث الإصلاحات التي تسمح للقطاع الخاص بالمقاومة وإذا اقفل البلد على التحويلات الخارجية بفعل عقوبات أو غيرها سنواجه العديد من المشاكل الصعبة خلال الأشهر القادمة . لقد أردنا زيارة الحاكم بالإنابة لكي ندق ناقوس الخطر معه.

هل يوجد زيارات أخرى بغرض التحذير من الكوارث القادمة؟

اننا لم نوقف تحركاتنا ونحن مستمرون بذلك في العلن وغير العلن وبشكل رسمي وغير رسمي وعلى جميع الاصعدة . إن تدفق الدولارات خلال الصيف كان لمرحلة وجيزة فإذا تدهور الوضع الأمني بفعل عدم القيام بالإصلاحات فلن يأتي أحد إلى البلاد. للأسف يوجد قلة شجاعة لدى المسؤولين في مواجهة ومصارحة الناس والمودعين بشأن خطورة الوضع وهذا لأسباب شعبوية وانتخابية. إذا تدهور الوضع الأمني لن يبقى شيئا. لدينا اليوم عملية استكشاف نفطي على البحر وهذا يحتاج إلى سنوات طوال لتحقيق المداخيل إذا وجدت .بالطبع هذا سيخلق ثقة اضافية وسيعطي مؤشرات إيجابية لكن لبنان اليوم على مفترق طرق وعليه اختيار المفترق الصحيح من خلال الترتيبات الجيوسياسية الحاصلة والتي ستساهم بعودة لبنان للانطلاق وان نحلم بلبنان جديد يشبهنا قي بلد حضاري منفتح وحيادي. اننا لا نستطيع النظر الى الإقتصاد بعيدا عن السياسة فهما مترابطان. يوجد لدينا حل داخلي مرتبط بنا وآخر خارجي بعيد عنا لكن على الاقل علينا القيام بالحل الداخلي وان نقوم بواجباتنا الإصلاحية سواء في المصارف او الكهرباء او غيرها. اننا ندفع اليوم أغلى فاتورة كهرباء في العالم إذ اننا ندفع ما بين ٥٠و٦٠سنتا للكيلووات بينما يجب إلا تتجاوز ٢٠سنتا .هل هذا معقول؟!

كيف بإمكانية القطاع الخاص اللبناني أن يكون منتجا ومنافسا مع كلفة كهذه.

كما ألقينا نظرة سريعه على الموازنة المقترحة لسنة ٢٠٢٤ . أتساءل كيف نزيد الضريبة على الاقتصاد الشرعي الذي يزداد تقلصا وهو يدفع ضرائبه كاملة بينما نشجع الاقتصاد الغير شرعي الذي يزداد توسعا في العادة نحن لا نزيد الضرائب عندما يشكل الاقتصاد غير الشرعي أكثر من ٧٠%. أن هذه السياسة الضريبية ستقلص حجم الإقتصاد الشرعي وتوسع حجم الاقتصاد غير الشرعي حتماً وستبقى خزينة الدولة فارغة.

برأيكم كم سيتوسع حجم الاقتصاد غير الشرعي؟

أكثر من ٧٠% رغم كل التحذيرات التي أطلقها البنك الدولي في دراسته لعام 2202 وقد قال يومها ان الاقتصاد النقدي يشكل ٤٦% من الناتج المحلي. أن سياسة التهرب من المسؤوليات وعدم تطبيق القوانين الإصلاحية تؤدي إلى توسيع الإقتصاد غير الشرعي .

في ظل عدم تطبيق الإصلاحات، والوسيلة الوحيدة لزيادة إرادات الدولة المعتمدة حالياً هي رفع الضرائب التي يتحملها المواطن الصالح والقطاع الخاص الشرعي. ولكن هذه السياسة ستشجع التهرب الضريبي.

المثل الفرنسي المعروف ”Trop d’impôt tue l’impôt” أي ”كثرة الضرائب تقتل الضرائب وإمكانية الجباية” .

 

مصدرالديار - حوزف فرح
المادة السابقةإنشاء محطات التغويز حلّ مُستقبلي مُستدام لكهرباء 24/24
المقالة القادمةالحكومة ترضخ وتتراجع عن إعفاء أثرياء ونافذين من ضريبة CRS