“… واليوم كمان سيزوبيل ما فتحت بوابها”.
كانت هذه آخر رسالة وجّهتها مؤسسة «سيزوبيل» لرعاية ذوي الإحتياجات الخاصة، أمس، للأهالي والمعنيين. ابتداء من مطلع الأسبوع المقبل، تتجه المؤسسة نحو الإقفال التام لأن «سياسة التسكيج» لم تعد تفي بالغرض، في ظل غياب الدولة وتقاعسها عن تسديد «الحقوق التي لنا في ذمتها»، على ما تقول المديرة الإدارية في المؤسسة كارمل خوري.
بالتوازي مع هذا القرار، تنفّذ «سيزوبيل»، فرع جزين – كفرحونة، وقفة تضامنية بعد غدٍ تطلق من خلالها «صرخة من القلب» إلى لتفادي القرار الأكبر بالإقفال العام الدراسي المقبل، وما يتبع ذلك من مصير مجهول لـ«1513 طفلاً وشاباً» من ذوي الاحتياجات الخاصة، يضاف إليهم 230 موظفاً و298 من المختصين.
يقول موسى شرف الدين، أحد ممثلي الإتحاد الوطني لشؤون الإعاقة، إن خطوة «سيزوبيل» تأتي «بالنيابة عن كل المؤسسات التي تحتجز الدولة مستحقاتها وعقودها». صحيح أن معظم هذه الجمعيات تقاضت مستحقات الفصل الثالث من عام 2018، والمقدرة بحوالى 30 مليار ليرة، إلا أن ذلك «ليس كافياً للإستمرار. إذ أننا نعمل على تسديد الديون، وهي بالكاد تكفي لشهرٍ»، تقول الخوري. أما مستحقات الفصل الرابع عن العام الماضي فدونها إجراءات إدارية. يضاف إلى ذلك عدم توقيع عقود العام الجاري، وهي المعضلة الأكبر التي ستدفع بقية المؤسسات لاتخاذ قرارات مشابهة. ففيما ينصّ القانون على توقيع العقود مع المؤسسات في تشرين الأول من العام الماضي لصرف مستحقات العام الجاري في موعدها، لا تزال المؤسسات حتى هذه اللحظات من دون عقود. وهي تعوّل على كتاب رفعه أخيراً وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان إلى مجلس الوزراء طالباً «السماح بتوقيع العقود على جري العادة من دون الرجوع للقاعدة الإثني عشرية» لتسريع الأمور. وقد نال الكتاب موافقة مبدئية، في انتظار أن يصدر مرسوم استثنائي يعرض على ديوان المحاسبة قبل حلول العطلة القضائية. لكن هذه الخطوات تبقى رهن «نوايا» الدولة التي لم تظهر «أيّ نية حسنة حتى الآن».
لم تعد المؤسسات قادرة على الاستمرار فيما تتقاضى حقوقها بالتقسيط، ولا في ظل حلول مؤقتة على قاعدة «التسكيج». ما هو مطلوب، وما يطرحه الإتحاد الوطني لشؤون الإعاقة، «الإلتزام بالقوانين»، أي الإلتزام بتوقيع العقود في موعدها والإنتظام بالدفع تالياً، بما «يعفي أصحاب المؤسسات من الإستدانة»، يقول اسماعيل الزين، المدير العام لمؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات التواصل. وما لم تلتزم الدولة بهذه الإجراءات «فالأكيد أن المؤسسات لن تفتح أبواب عامها الدراسي في أيلول المقبل». وهذه خشية حقيقية، خصوصاً أن أحداً لم يلمس تجاوباً حتى الآن. أما صرف مستحقات الفصل الثالث من العام الماضي، فهو «حق كان يجب أن يأتي في موعده لا متأخراً عاماً كاملاً». المطلوب حل جذري من أجل «9200 طفل تضمهم المؤسسات البالغ عددها 103». ولئن كان البعض يعتبر توجه الجمعيات نحو هذه القرارات بمثابة التهديد، إلا أن المجلس الوطني لشؤون الإعاقة يعتبرها «رسالة ضغط لإنقاذ ما تبقى».