سيناريو خطير: وقف الإستيراد والتحويلات المالية

لم يسبق للبنان أن شهد أزمةً مالية ومصرفية شبيهة بالأزمة الراهنة، بفعل تقدم الإنهيار وتعدد مفاعيله لتطال المشهد السياسي العام، وصولاً إلى تهديد الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي، مع تراجع عدد المصارف المراسلة مع المصارف اللبنانية وتلويح البعض منها بوقف التعامل مع مصارف لبنانية، إضافةً إلى انعدام الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، نتيجة الشبهات بعمليات تبييض الأموال والتي تتكرر في الدعوى القضائية المحلية بحق بعض المصارف اللبنانية، تزامناً مع ارتفاع مستوى الدولرة والإقتصاد النقدي أو الكاش، الذي يساهم بشكلٍ أو بآخر في تعزيز هذه الشبهات.

المحلل والباحث الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة تحدث ل”ليبانون ديبايت” عن تأثير التطورات القضائية على العلاقة ما بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة، خصوصاً في ضوء المعلومات التي تشير إلى أنه في الآونة الأخيرة، قد بادرت بعض المصارف المراسلة الغربية إلى إبلاغ مصارف لبنانية بوقف التعامل معها نتيجة تنامي الإتهامات الموجهة إلى هذه المصارف بتبييض الأموال، فأوضح أن مجرد توجيه واستخدام تهمة تبييض الأموال في بعض الدعاوى القضائية ضد المصارف، هو تهمة خطيرة جداً، خصوصاً بعدما تحولت إلى الإطار الوحيد الذي يتمّ اعتماده في الإشارة إلى الأموال “المشبوهة” ، وهو ما يؤدي إلى مخاوف جدية لدى المصارف المراسلة ، وقد تدفعها إلى إقفال حسابات المصارف التجارية اللبنانية، وإلى وقف التعامل مع القطاع المصرفي اللبناني ومع مصرف لبنان المركزي، وذلك تفادياً لأي ملاحقات من قبل القضاء الأجنبي بسبب التهم الموجهة من قبل القضاء اللبناني أو الأوروبي، إلى بعض المصارف اللبنانية.

وعن تأثير مثل هذا القرار على الواقعين المالي والإقتصادي، رأى الدكتور عجاقة، أنه تأثير بالغ الخطورة، ومن الممكن رسم سيناريو خطير وسيء للمرحلة المقبلة، في ضوء احتمال أن تترجم المصارف المراسلة مخاوفها هذه، من خلال حسابات المصرف المركزي كما المصارف، ما سينتج عنه ضرب الإستيراد والتصدير وتحويل الأموال من وإلى المصارف اللبنانية.

وأضاف عجاقة أنه في حال الوصول إلى هذا السيناريو، فإن لبنان سيصبح بحاجة إلى الإستيراد عبر وسيط أي دولة ثالثة تستورد بالنيابة عن لبنان أي تكون وسيطة بين لبنان والدولة المصدرة، كما مع المصارف الأجنبية والمؤسسات المالية أو النظام الإقتصادي العالمي.

أمّا بالنسبة لارتدادات مذكرة التوقيف الفرنسية التي صدرت ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على القطاع المصرفي والعلاقة مع المصارف المراسلة، فإن عجاقة وجد أنه بمعزلٍ عن هذه المذكرة، فإن ما يسجل في الملاحقات القضائية المحلية لبعض المصارف، من استسهال رمي تهمة تبييض الأموال إليها، قد بات يشكّل خشيةً وحذراً لدى كل القيمين على القطاع المصرفي، حيث أن بعض المصرفيين قد باتوا متهمين بتبييض الأموال، وذلك لسببٍ متصل برفضهم الإدلاء بأي معلومات في التحقيقات الجارية، وهو ما يكشف عن وجود اعتبارات سياسية في بعض هذه الملاحقات.

مصدرليبانون ديبايت
المادة السابقةإنخفاض في أسعار المحروقات!
المقالة القادمةمواطنون يستهلكون “رقاب” و”أرجل” الدجاج عوضا عن الدواجن لمكافحة الغلاء