سيّارات بلا صيانة… طرقات بلا ضوء

في نظرة على ما رصدته جمعية “حقوق الركاب” من أرقام بناء على إحصاءات غرفة التحكم المروري لضحايا حوادث السير وبعد مقارنتها بأرقام الأعوام السابقة يتبين أن شهرحزيران من هذا العام شهد أعلى نسبة ضحايا منذ العام 2017 إذ وصل عدد قتلى الطرقات الى 57 شخصاً. وبلغ مجمل عدد الضحايا من شهر كانون الثاني حتى تشرين الأول من العام الحالي 340 ضحية عدا الجرحى والمصابين. وحتى اليوم سُجّل وقوع سبع ضحايا في شهر تشرين الثاني. وقد شهدت سنة 2021 بدءاً من شهر كانون الثاني حتى تموز نسبة ضحايا أكبر من العام السابق لكن الأعداد تراجعت بشكل طفيف في اشهر آب وأيلول وتشرين الأول وذلك ترافقاً مع أزمة البنزين التي شهدتها هذه الأشهر من ثم ارتفاع سعره وتراجع عدد السيارات في الطرقات. وسجّل النصف الأول من العام 2021 عدد جرحى بلغ 2001 جراء وقوع 1632 حادثاً.

وحمل شهر تشرين الأول وحده وقوع 36 ضحية و267 جريح وتسجيل 223 حادثاً. وكانت أسوأ حوادثه قتيل داخل نفق الأوزاعي وتهشيم جثته من قبل بعض السيارات نتيجة غياب الإضاءة عن النفق. قد لا تكون هذه الأرقام دقيقة جداً كما يشرح الناشط في جمعية “حقوق الركاب” فادي الصايغ الذي يقول رغم متابعته اليومية ونشره لها أن أرقام الصليب الأحمر تفوق دوماً الأرقام التي تصدرها غرفة التحكم المروري وتكون أعلى منها ولا سيما على صعيد الجرحى. ولكن مهما يكن من اختلاف في الأرقام فإنها مؤشر يدل على خطر حقيقي على طرقات لبنان نسبة الى مساحة البلد وطول طرقاته وعدد السيارات فيه. إذ أن بلداناً أكبر من لبنان بكثير مع شبكة طرقات أطول لا تشهد هذا العدد من الضحايا سنوياً ولا يتعدى عددهم المئة سنوياً فيما يشهد لبنان شهرياً عدداً يتراوح بين 30 و40 ضحية. كما أن هذه الأرقام لا تذكر الإصابات الطويلة الأمد التي تنتج جراء حوادث السير أو الإعاقات الدائمة، ولا تحتسب ضمن الاحصاءات أية وفاة تحدث بعد شهر على حصول الحادث جراء إصابة.

في محاولة لفهم أسباب ازدياد الحوادث سألت نداء الوطن السيد زياد عقل رئيس جمعية “اليازا ” الذي أكد أن حوادث السير التي شهدت ارتفاعاً في الأشهر الماضية ولا سيما في شهر حزيران الذي حصد 57 ضحية قد تراجعت قليلاً في الشهرين الماضيين لا لسبب إيجابي بل لأن استخدام السيارات قد تراجع بنسبة كبيرة مع الارتفاع الخيالي في سعر صفيحة البنزين ولكن هذا التراجع ليس مؤشراً إيجابياً لأن انعكاس الأزمة الاقتصادية على قطاع النقل ككل وعلى حال الطرقات وإدارات الدولة المعنية بشؤونها كارثي وينذر بتفاقم الحوادث.

إضافة الى عجز الدولة عن تأمين صيانة الطرقات وردم الحفر وتفعيل وضع الزفت والخطوط، تأتي مشاكل عدة لتزيد الطين بلة. فإشارات السير على التقاطعات في بيروت والمناطق معطلة بغالبيتها نظراً الى غياب الصيانة عنها بسبب مشاكل في العقود مع الشركة المشغلة ما يجعل عملية اجتياز اي تقاطع عملية انتحارية عدا عما يسببه ذلك من خطر على المشاة. وإذا أضيف الى تعطل الإشارات الضوئية غياب الإضاءة ليلاً عن الطرقات مع الانقطاع المتواصل للكهرباء وحالة الغضب الدائم التي يعيشها المواطنون او حالات الشرود الذهني فإن اسباب الحوادث تتضاعف. ولا شك أن نسبة هذه الحوادث ستزداد ارتفاعاً مع قدوم فصل الشتاء حيث لا قدرة للبلديات على تنظيف الطرقات ومنع تراكم الأوساخ والردميات في المجاري ما سوف يؤدي بلا شك الى غرق الطرقات بالمياه وازدياد عدد الحوادث. وستزداد المشكلة حدة على الطرقات الجبلية مع تراكم الثلوج والجليد عليها وعدم قدرة آليات البلديات الجبلية على جرف الثلوج ومعالجة الجليد بانتظام في ظل ارتفاع سعر المازوت.

تندرج العوامل التي تؤثر على تنقل المركبات وفق ما يشرحه لـ»نداء الوطن» الناشط في حقوق الركاب فادي الصايغ الى خمسة:

– الطرقات وحالتها وصيانتها الدورية.

– المركبة سواء كانت سيارة او دراجة او شاحنة او حافلة وحالتها العامة وصيانة قطعها الأساسية.

– السائق ومهاراته في القيادة واحترامه للقوانين.

– المشاة وعلاقتهم بالمركبات على الطرقات واحترامهم لقوانين السير.

– قانون السير والأجهزة المكلفة بتطبيقه ومعرفة المخالفات وقمعها.

وفي نظرة الى هذه العوامل في لبنان يتبين لنا بوضوح أنها جميعها تعاني بدرجات متقاربة فالكل يعرف حالة الطرقات واستحالة صيانتها ووجود نقاط ضعف فيها باتت معروفة وواضحة بأنها المسبب الأول لحوادث السير.

مصدرنداء الوطن - زيزي إسطفان
المادة السابقة“ليلرة” الودائع أحدث “صيحات” خطة التعافي
المقالة القادمةإنتهت طوابير الذلّ على المحطات شمالاً لتبدأ الشكاوى من البنزين المغشوش