رغم ضبط إيقاع سعر صرف الدولار بالليرة، بما يشكّل انضباطاً للتضخم وانحساراً للكتلة النقديّة بالعملة الوطنية، فإنّ الإجراءات التي اتّخذتها بعض المصارف تشي بأزمة تتمثّل بطلبٍ مُتزايد على الليرة ما يُنبئ بشحّ مُرتقب في حال لم يُبادر المصرف المركزي إلى إجراءاتٍ سريعة لتدارك هذا الأمر.
يتراوح حجم “الكتلة النقديّة بالليرة الموجودة في السوق اللبناني ما بين الـ 500 و600 مليون دولار، بينما في العام 2019 كانت في حدود الـ7 مليارات دولار. هذا يعني أن كميّة الليرات مُتدنيّة جدّاً بالنسبة إلى حجم الاقتصاد لأنّ العديد من المُقيمين لا يحملون الليرة لسبب بسيط ألا وهو دولرة الاقتصاد والتدهور في قيمة العملة من الـ 1500 ل.ل. ووصولها إلى الـ140000 ليرة خلال عهد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.
اللبنانيّون لا يحملون الليرة
يُوضح الخبير الإقتصادي ميشال قزح لـ “نداء الوطن”، أنّ “القيادة الحاليّة لمصرف لبنان تتّبع سياسة تثبيت سعر صرف الدولار على 89500 ل.ل.، تفادياًّ لمزيد من تدهور الليرة. إلى ذلك، كان سلامة اشترى الليرات من السوق قبل مغادرة منصبه واستمرّت هذه السياسة منذ استلام وسيم منصوري الحاكمية. بالتالي عملياً اللبنانيّون لا يحملون الليرة بل الدولار”.
أما المبالغ الموجودة في المصارف التجاريّة، فيشير قزح إلى أنّها “مكشوفة لمصرف لبنان وتدفع عليها فائدة بنسبة 100%. ووقف دفع الفائدة مرتبط بتصريف الدولار إلى الليرة، لذلك، تستدين المصارف الدولار من المودعين بفائدة 45% على مدة سنة، و 20% على مدة شهر، و 25% على مدة ثلاثة أشهر و35%على ستة أشهر، بدلاً من دفع 100% لمصرف لبنان. علماً أنّ المصارف الكبيرة لا تقدم هذه الفوائد بل المصارف ذات الحجم المتوسط والصغير”.
المخاطر على المودع
عن المخاطر التي سيتحمّلها المودع في هذه الحالة، يلفت إلى أنها “على نوعيْن: الأول، هو تدهور العملة ونسبة حصول هذا الاحتمال ضئيلة في ظل الدولرة وقلة التعامل بالليرة، إلّا في حال تغيّرت السياسة الحاليّة لمصرف لبنان. أما الخطر الثاني، فهو وضع وديعة في المصرف واستعادة الثقة به بعد أحداث 17 تشرين الأول 2019 وتبخّر الودائع“.
بالنسبة إلى إمكانيّة تحسّن الليرة اللبنانية واستعادة قيمتها، يرى قزح أنّ “ذلك مرتبط بمؤشريْن “الأوّل انتخاب رئيس للجمهورية الذي يُحدث صدمة إيجابية وما قد يليه من احتمال تعيين حكومة تضع خطة للإصلاحات وتتفق مع صندوق النقد الدولي على برنامج. إذاً، الإصلاحات الجوهريّة والمؤتمرات الدوليّة لمساعدة لبنان على إعادة الإعمار مع تشكيل حكومة اختصاصيين كفيلة بخفض الليرة إلى ما دون الـ 45000 مع إمكانيّة وصولها إلى الـ 30000 مقابل الدولار والواحد”.
إذاً، قد تتعزّز قيمة الليرة اللبنانيّة في حال دخلت مساعدات إعادة الإعمار، حيثُ من المتوّقع وفق الخبراء الاقتصاديين أنْ ينخفض سعر صرف الدولار بما يُعزّز الوضع النقدي في لبنان، لكن تبقى الأمور ضبابيّة بانتظار التطوّرات السياسيّة.