شركات الصلب العالمية تواكب إنتاجها مع قواعد الكربون الأوروبية

يرجح محللون أن تجني شركات الصلب الخضراء الجديدة المكافآت مع اقتراب فرض الاتحاد الأوروبي لرسوم الكربون، والتي سيخول لها تحصيل إيرادات كبيرة من إنتاج هذه النوعية من المنتجات، لكن البعض يرى أنها ستكون سلاحا ذا حدين قد يفرز مشاكل في الأسواق العالمية.

يجري التخطيط على الساحل الشرقي لتايلاند لبناء فرن قوس كهربائي سيسلم الصلب الأخضر إلى أوروبا، ويستفيد من القواعد الجديدة المثيرة للجدل التي ستجبر المشترين على دفع رسوم جمركية على الواردات عالية الكربون.

وضغطت الحكومات والجمعيات الصناعية في آسيا بشراسة ضد آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية (سي.بي.أي.أم)، وقد تلقي بظلالها على محادثات كوب 29 التي انطلقت الاثنين في باكو عاصمة أذربيجان، مع دعوة الصين وغيرها إلى إنهاء الحواجز التجارية الخضراء.

وتم تصميم الآلية لمنع الشركات الأوروبية من التهرب من تكاليف الامتثال للكربون من خلال الحصول على السلع من المناطق ذات القواعد البيئية الأكثر تساهلا.

وتم إطلاقها رسميا في عام 2023 كجزء من الصفقة الخضراء الأوروبية، وسيُجبر المستوردون على شراء الاعتمادات لتغطية انبعاثات الصلب والألمنيوم والإسمنت والكهرباء والمواد الكيميائية التي يشترونها من خارج الاتحاد الأوروبي.

وابتداءً من عام 2026، ستبدأ سي.بي.أي.أم في فرض رسوم على إنتاج الصلب، وهو القطاع المسؤول عن حوالي 7 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وسيتم تطبيق الرسوم بالكامل بحلول عام 2034.

ولكن في حين أن هذه الآلية قد تفرض أسعارا على بعض الشركات المصنعة خارج أوروبا، فإنها ستجعل التقنيات الأنظف ولكن الأكثر تكلفة أكثر تنافسية وتفتح السوق لشركات مثل ميرانتي غرين ستيل، التي تبني المصنع التايلاندي.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة سيباستيان لانجندورف لرويترز “نرى سي.بي.أي.أم كفرصة ونعتقد أن اللاعبين الجدد في مجال الصلب الأخضر لديهم ميزة تتمثل في أنه ليس لدينا إرث من ثاني أكسيد الكربون.”

واستورد الاتحاد الأوروبي 16 مليون طن من منتجات الصلب النهائية من آسيا في 2023، حيث تتنافس مصانع من كوريا الجنوبية واليابان وتايوان والصين والهند وتركيا في سوق شديدة الحساسية للسعر.

وقال أنطونيو ديلا بيلي، مدير العمليات الأول في مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، والتي تستثمر 60 مليون دولار في مصنع للصلب الأخضر في إندونيسيا، إن الآلية الأوروبية ساعدت في تحويل الإنتاج منخفض الكربون إلى “عامل تمييز في السوق”.

وتستثمر ميرانتي التي يقع مقرها الرئيسي في سنغافورة ملياري دولار في فرن قوس كهربائي ينتج 2.5 مليون طن سنويا في مدينة رايونج التايلاندية والذي سيبدأ في إنتاج فولاذ أكثر خضرة في عام 2028.

وقال لانجندورف إن “ما يصل إلى 70 في المئة من منتجات الشركة سيتم تصديرها إلى أوروبا في المرحلة الأولى، وقد وقعت بالفعل ستة اتفاقيات شراء تركز على الاتحاد الأوروبي.”

ومن المتوقع أن تبلغ الانبعاثات في المصنع حوالي 600 كيلوغرام لكل طن من الفولاذ، وهو أقل بكثير من ألفي كيلوغرام من أفران الصهر التي تعمل بالفحم.

وباستخدام أسعار الكربون الحالية، يمكن أن يمثل ذلك فرقا قدره 100 يورو (107.80 دولار) لكل طن من الفولاذ في ضريبة سي.بي.أي.أم.

وتتوقع ميرانتي الاستفادة من فجوة إمدادات الصلب الأخضر الأوروبي التي قد تتجاوز 20 مليون طن بحلول 2030، فضلا عن علاوة خضراء تصل إلى 300 دولار للطن مع ارتفاع تكاليف الكربون التي تجبر أفران الصهر الأوروبية القديمة على الإغلاق.

كما تعمل الشركات الراسخة على تكثيف قدراتها في مجال الصلب الأخضر، بما في ذلك شركة صناعة الصلب الهندية جي.أس.دبليو، التي تخطط لإنشاء مصنع بطاقة 4 ملايين طن سنويا في سالاف على الساحل الغربي للبلاد.

وقال برابودها أشاريا، كبير مسؤولي الاستدامة في جي.أس.دبليو، “من الواضح أن لوائح سي.بي.أي.أم وضريبة الكربون التي تأتي في أماكن أخرى تعمل على تسريع قراراتنا.”

وأشار إلى أنه بمجرد أن تصل تعريفات هذه الآلية إلى أقصى حد لها في عام 2034، تهدف الشركة إلى إنتاج جميع صادراتها إلى أوروبا في أفران تعمل بالطاقة المتجددة واستخدام الخردة المعاد تدويرها كمواد خام.

وعلى عكس ميرانتي، لن يتم إنتاج سوى نسبة صغيرة من إجمالي إنتاج جي.أس.دبليو من مصانع ذات انبعاثات أقل، ويحذر المنتقدون من أن سي.بي.أي.أم توفر “سوقا من مستويين” يسمح للمصانع العملاقة بإنتاج الصلب الأخضر لأوروبا والصلب القذر للآخرين.

ويزعم أنصار سي.بي.أي.أم أنه بالإضافة إلى معالجة تسرب الكربون، فإنه سيساعد في تشجيع إزالته من الصناعات في الخارج، ولكن في ظل سوق من مستويين، يمكن للشركات أن تستغل النظام، وتبني كمية محدودة فقط من القدرة الخضراء لخدمة أوروبا فقط.

وستضيق الثغرة ذات المستويين بمجرد تقديم أنظمة من نوع سي.بي.أي.أم في أماكن أخرى. وتستعد بريطانيا بالفعل لتنفيذ آلية تعريفة الكربون الخاصة بها في عام 2027، وتدرس أستراليا وكندا والولايات المتحدة خطوات مماثلة.

كما وعد الأوروبيون بتقييم تأثير ومدى مثل هذا “التلاعب بالموارد” في مراجعة سي.بي.أي.أم التي سيتم تقديمها إلى برلمان التكتل قبل يناير 2028.

وعلى الرغم من استمرار الدول في الشكوى من سي.بي.أي.أم، فإنها تتخذ أيضا إجراءات لتقليل تأثيرها وحتى الاستفادة منها.

ووفقا لتحليل رويترز لبيانات منصة غلوبال إنيرجي مونيتور، تمتلك الصين الآن 18 فرنا كهربائيا قيد الإنشاء، بسعة إجمالية إضافية تبلغ 18 مليون طن.

تحل معظمها محل المصانع ذات الكربون الأعلى، بما في ذلك أفران الصهر. سيتم تشغيل اثنين منها بالكامل بواسطة الألواح الشمسية.

وعلى النقيض من ذلك، تبني كوريا الجنوبية واحدة، ولا تبني اليابان أيا منها، وهو ما قد يفسر سبب معارضة شركات صناعة الصلب من البلدين بشكل أكثر صراحة لسي.بي.أي.أم، وفقا لمنظمة أنفليونس ماب.

ورغم معارضتها لآلية سي.بي.أي.أم، فقد اتخذت الصين إجراءات لمساعدة الشركات على الامتثال لمتطلبات الإفصاح الخاصة بالمخطط.

كما أن توسيع سوق الكربون لديها لتشمل الصلب والسلع الأخرى، وزيادة القدرة المتجددة، فضلا عن ارتفاع معدلات إعادة تدوير الخردة، يمكن أن يساعد أيضا في تقليل تعرض الصين.

وبحسب بيانات منصة جي.إي.أم، فإن الهند تبني أيضا ستة مصانع جديدة لإنتاج الكربون بسعة تزيد عن 6 ملايين طن، مع توجه نحو ربع صادراتها من الصلب إلى أوروبا.

وفي إشارة إلى أن الشركات الهندية تتقبل فكرة سي.بي.أي.أم، اعتبرتها غرف التجارة والصناعة الهندية في أغسطس الماضي، فرصة لتطوير سياسات مناخية أقوى وضمان القدرة التنافسية على المدى الطويل.

وقال أشاريا “ندرك أن الضرائب على الكربون ستزداد، وقد تكون أوروبا هي الحد الأقصى ولكن ستكون هناك ضرائب في كل مكان.. غدا، في أستراليا والمملكة المتحدة وكندا والهند. ونحن نقبل أنها حقيقة واقعة.”

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةأوبك+ أمام مشكلة مزدوجة: خفوت طلب الصين وترامب
المقالة القادمة«بتكوين» تتخطى الـ93 ألف دولار للمرة الأولى