تلقت سلطنة عُمان اهتماما كبيرا من شركات الطاقة العالمية للظفر بصفقة إقامة مشروعين للهيدروجين الأخضر سيتم طرحهما مطلع العام المقبل، وقد يتطلبان استثمارات بنحو 10 مليارات دولار.
وتسرع الحكومة من وتيرة إيقاع الاستثمار في القطاع الواعد بعرض حزمة من العطاءات لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للمساهمة في تنميته بما يحقق أهدافها التجارية وفي الوقت ذاته المضي قدما في مسح بصمتها الكربونية.
ويشكل الهيدروجين الأخضر قاطرة التحولات إلى الطاقة المراعية للبيئة، حيث تتزايد رهانات البلدان المتقدمة وأيضا في منطقة الخليج على الاستثمار في هذا المجال لتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري مما يمهد لقلب خارطة الطاقة العالمية.
وقال عبدالعزيز الشيذاني مدير عام المديرية العامة للطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية إن المشاريع جاءت بتوقيت مناسب بعد إعلان الوزارة عن الفرص الاستثمارية الأولى في القطاع مؤخرا.
وأوضح أن الفرصة الأولى للاستثمار في هذا المجال طرحت في السادس من نوفمبر الماضي وهي عبارة عن قطعتي أرض، مبينا أنه بحسب المخطط سيتم الإعلان عن المشروع الأول في الربع الأول من عام 2023.
وتخطط الحكومة لاختيار الفائزين بحلول نهاية مارس للمشروعين الواقعين بالقرب من ميناء الدقم، وهو جزء من منطقة اقتصادية متكاملة أنشأتها لتعزيز الأعمال والتجارة مع العالم.
ومن المتوقع أن يقوم المستثمرون بتطوير المناطق باستخدام الألواح الشمسية وتوربينات الرياح لتشغيل المحللات الكهربائية الضخمة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو وقود يُنظر إليه على أنه حاسم للانتقال العالمي إلى طاقة أنظف.
ويعد البلد الخليجي، الأضعف اقتصاديا بين جيرانه الخليجيين، واحدا من عدة دول في الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية ومصر والمغرب، التي تسعى إلى أن تصبح من كبار المصدرين للهيدروجين الأخضر في العقد المقبل.
ولا يصدر هذا الوقود أي غازات تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب عند حرقه، على الرغم من أن إنتاجه لا يزال أغلى بكثير من تكلفة النفط والغاز الطبيعي.
واشترت أكثر من 40 شركة، بما في ذلك توتال إنرجيز وبي.بي مستندات طلب التأهل لتطوير المشروعين العمانيين، وهي خطوة مبكرة قبل تقديم العطاءات بشكل رسمي.
وقال وزير الطاقة سالم العوفي في مقابلة مع وكالة بلومبرغ في العاصمة مسقط “كل الأسماء الكبيرة تقدمت”.
ولفت إلى أن ما يجعل عمان جذابة هو “توافر موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأراضي الشاسعة المتاحة، وهذا يجعل تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة في عُمان رخيصة بقدر الإمكان”.
وتأتي التعليقات بعد يومين من أعمال مؤتمر “قمّة عُمان للهيدروجين الأخضر” هذا الأسبوع، والتي هدفت إلى استعراض إستراتيجية اقتصاد الهيدروجين الأخضر بالبلاد والبنية الأساسية والقيمة المحلية المضافة في سلسلة القطاع والشراكة والاستثمار.
وكشف وزير الطاقة أن كل مشروع قد يتطلب استثمارات من أربعة مليارات دولار إلى خمسة مليارات دولار في المحللات الكهربائية التي تقسم الماء إلى هيدروجين وأكسجين ومنشآت الطاقة المتجددة.
وبحسب العوفي فمن المحتمل أن يزيد المرفقات السعة الإجمالية لتوليد الطاقة في السلطنة بمقدار يتراوح بين ستة وثمانية غيغاواط من حوالي 12 غيغاواط.
ومن المقرر أن تنطلق جولة أخرى من العطاءات في أبريل المقبل لبيع قطعة أرض لإقامة مشروع بالقرب من مدينة صلالة الجنوبية.
وتهدف البلاد إلى إنتاج مليون طن على الأقل من الهيدروجين الأخضر سنويا بحلول نهاية هذا العقد، بحيث ترتفع إلى نحو 8 ملايين بحلول عام 2050.
وتقدر الحكومة أن الأمر سيتطلب استثمارات بنحو 140 مليار دولار للوصول إلى هذا الهدف، ما يعني أنها تحتاج إلى شركاء عالميين لهم قدرة على التخطيط والتنفيذ.
وستطلب عُمان منح ما لا يقل عن 20 في المئة من الطاقة المولدة في منطقة الدقم للشركات المملوكة للدولة التي تختارها الحكومة.
ويقول محللون إن الأمر يبدو إيجابيا أكثر للمستثمرين، الذين يظهرون أن لديهم اتفاقيات سارية مع المشترين المحتملين، حيث يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر لتشغيل المصانع ومحطات الكهرباء والمركبات بما في ذلك الطائرات.
وتسعى مسقط كذلك إلى استخدام كميات من الهيدروجين من قبل الشركات المحلية لمساعدة البلاد على تحييد انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.
وقال العوفي “ستكون الأولوية لمن لديهم اتفاقيات شراء”. وأضاف “نعتمد على المستثمرين والمطورين لنمو السوق ونحتاج لبلوغ هذه الغاية”.
وتعتبر سلطنة عُمان أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في منطقة الشرق الأوسط بعد قطر، التي تبلغ قدرة إنتاجها السنوية 77 مليون طن، وفقا لبيانات جمعتها بلومبرغ.
وقال العوفي إن بلاده “تنتج بطاقتها القصوى البالغة نحو 11 مليون طن سنويا ومن المتوقع الاستمرار على هذا النحو طيلة 2023”.
ويرتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال في ظل تطلع أوروبا إلى استبدال التدفقات التي قطعتها روسيا.
وقد يتم النظر في بناء منشأة تسييل أخرى بجانب الثلاث المتواجدة بالفعل. وأشار وزير الطاقة إلى أن ذلك لن يحدث إلا إذا تمكنت من ضخ المزيد من الغاز من حقولها أو جعل الصناعات المحلية تتحول إلى أشكال أخرى من الطاقة للسماح للبعض بالتصدير.
ويتطلب تأسيس هذه المرافق عادةً المليارات من الدولارات. وقال العوفي “إذا رأينا أن هناك قدرة إنتاجية تتطلب تأسيس منشآة إضافية، فبالتأكيد سننظر في الأمر ولكن لم يتم تأكيد أي شيء”.
وكانت عُمان قد أسست في أغسطس العام الماضي تحالفا باسم “هاي فلاي” ضم 13 كيانا من القطاعين العام والخاص بقيادة وزارة الطاقة لتعزيز مكانة البلد على خارطة تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف واستخدامه.