الازمات المعيشية انعكست بوضوح على العادات والتقاليد والتصرفات وعلى الترابط العائلي، أدت الى خلافات زوجية وتوترات نفسية وضغوطات جسدية، الى جانب مشاكل لم يتم التوصل الى حلول مرضية لها حتى اليوم، منها قضية ايجار الشقق حيث بدأ الكثير من أصحابها طلب الشهرية بالدولار أو اقفالها حتى إشعار آخر، بعدما شعروا بأنهم غبنوا خلال دفع قيمة ايجارها بالدولار الاميركي على سعر الصرف الرسمي خلال السنتين الماضيتين.
ويؤكد سماسرة ووسطاء ان كثيراً من الشقق في صيدا باتت فارغة من قاطنيها ولكنها مقفلة، لان اصحابها قرروا بيعها، او لانهم رفعوا بدل ايجارها اضعافاً مضاعفة بالليرة اللبنانية او أصروا على تأجيرها بالدولار الاميركي مهما بلغ سعر صرفه في السوق السوداء، بينما المستأجرون لا قدرة لديهم على الدفع بالعملة الخضراء، وخاصة الموظفين واولئك الذين يعملون ويقبضون بالليرة اللبنانية ولا يتلقون اي مساعدة مالية من الخارج.
وتداعيات الازمة لم تقتصر على ايجار الشقق، بل انعكست مع طول أمدها على عمل بعض القطاعات التي كانت تعتبر حيوية وتدرّ الارباح الوفيرة. فعلى طول الاوتوستراد الشرقي تنتشر عشرات معارض السيارات على المسربين، بعضها اقفل، البعض الآخر لم يعد يستورد السيارات بانتظار بيع ما لديه، هبط سوقها ثم عاد وارتفع، والدفع بالدولار او ما يوازيه بالسوق السوداء، ومع ارتفاعه عجز المواطنون عن الشراء، باتوا “يحسبونها على الليبرة” مع الارتفاع الجنوني لسعر صفيحة البنزين، والحبل على الجرّار.
والى جانب هؤلاء، استنكف الكثير من “الضمّانين” الذين يستثمرون البساتين لقطاف محصولها وبيعها على حسابهم في الاسواق وخاصة حسبة صيدا، عن الاستثمار هذا العام، بسبب غلاء كل شيء، من نقل الشاحنات والحافلات والبيك آب، الى أجرة العمال اليومية وكلفة تشغيل المولدات الكهربائية الخاصة لري المزروعات ارتباطاً بثمن المازوت وبالدولار وصولاً الى الاسمدة والمواد الزراعية، كل ذلك يجعل غلة المحصول في ارضه اقل من سعر الكلفة، رغم ارتفاع اسعار بعض الخضار والفواكه.