في اجتماع لجنة المؤشر أمس، طغى اتفاق ممثلي أصحاب العمل مع العمال على المؤشّرات الفعليّة لانخفاض القوّة الشرائية للأجور. فأعضاء اللجنة التقنيون عرضوا تضخّماً للأسعار يساوي 800%، لكن طرفي العمال وأصحاب العمل اتفقا على استخدام «المقطوع» لترقيع الأجور بدل تصحيحها. فانتهى الأمر بإقرار زيادة هزيلة ومقطوعة بقيمة مليون و325 ألف ليرة على الأجور لغاية سقف 4 ملايين ليرة. أما الأجور التي تفوق هذا المستوى، فتُركت للتفاوض بين صاحب العمل والعامل.
هذه كانت حصيلة الاجتماع. لكن وقائعه تضمّنت دلالات واضحة على هوية الحاكم بأمره في لبنان، أي أصحاب العمل، وعلى التمثيل المزيّف للعمال بقيادة الاتحاد العمالي العام. فقد حاول رئيس الاتحاد بشارة الأسمر تسجيل موقف يُدوّن في المحضر الختامي للجنة مبدياً اعتراضه على الزيادة، ومطالباً بحدّ أدنى للأجور يبلغ مليوني ليرة. لكن موقفه انكشف سريعاً، بعد عبارة واحدة من شقير: «ما انت اتفقت معنا. إذا بدك تحكي هيك أنا بفلّ. ما تخليني إفضحك…»! وقد فعلت عبارات شقير فعلها، إذ أسكتت الأسمر وأجبرته على المضي في الاتفاق الذي حيك في غرف مظلمة.
إصرار وزير العمل مصطفى بيرم على فصل لجنة المؤشّر وظيفياً وجوهرياً عن أي وعود بتعديلات على قانون الضمان مقابل إقرار زيادة مقطوعة للأجور أربك الجميع، ولا سيما الرئيس نجيب ميقاتي الذي يريد تسجيل أي «إنجاز» مهما كان متواضعاً. لذلك، مارس ضغوطاً على الجميع للتوصل إلى صيغة مناسبة تمنحه «الإنجاز» الذي يبحث عنه لتسويقه سياسياً من دون أن يواجه اعتراض وزير العمل. وهكذا حصل. فجأة أصبح شقير مهتماً بإقناع بقية شلّة أصحاب العمل بالتصريح عن الزيادة للضمان الاجتماعي، حتى أنه تصادم مع رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشمّاس الذي اعترض على التصريح عن الزيادة للضمان، مستجرّاً ردّ فعل مبالغاً فيه من الأسمر كاد يطيّر الاجتماع لولا تدخّل شقير وتذكير الأسمر بالاتفاقات الثنائية بينهما وقوله «بفضحك».
بحسب المعلومات التي أعدّها الضمان بناء لطلب وزير العمل، فإن الزيادة المقطوعة ستخلق تدفقاً مالياً إضافياً لصندوق ضمان المرض والأمومة بقيمة تصل إلى 650 مليار ليرة، لكن سيتم رفع سقف الأجور الخاضع لاشتراكات الضمان من 2.5 مليون ليرة إلى 5 ملايين ليرة ما يؤدي إلى زيادة التدفقات بنحو 200 مليار ليرة، ما يسمح بمضاعفة قدرة التغطية الصحية للضمان بنحو ضعفين. لكن، بحسب آراء المعنيين، لا تزال هذه التغطية غير كافية لأنها لا تزيد في التغطية التي يقدّمها الضمان في المستشفيات بأكثر من 10% في أحسن الأحوال. علماً أن تغطية الضمان المنصوص عنها قانوناً تبلغ 90%، لكنها تقدّر فعلياً بسبب تسعير فواتير الاستشفاء بالدولار بنحو 10%، بالتالي سترتفع إلى 15% أو 20% فقط بعد التدفقات الجديدة الناتجة من الزيادة المقطوعة على الأجور