يشكو الصيداوي غسان القطب مثل غيره من آلاف اللبنانيين من ضعف «الإنترنت» التابعة لـ»أوجيرو» وتقطّع الاتصالات من دون أن يتمكّن من فهم الأسباب، فكلّما إتصل بالهيئة أبلغوه أن لا أعطال على الشبكة ولكن هناك ضغطاً كبيراً. لم يقتنع بالمبرّرات، في اعتقاده أنه يجري التحضير لرفع أسعار الخدمات وفرضها كأمر واقع على المشتركين والتكيّف معه والقبول به. منذ أسابيع، طلب مجلس الوزراء من وزارة الاتصالات التريث في تطبيق رفع أسعار خدمات هيئة «أوجيرو». طلب موقت وحتى إشعار آخر، إذ له رمزية مختلفة تماماً عن سواه من باقي الخدمات، بعدما تسبّب اقتراح قرار وزير الاتصالات الأسبق محمد شقير فرض رسم 6 سنتات على الاتصالات عبر «الإنترنت»، باندلاع انتفاضة تشرين الأول 2019، وما زال لبنان يعاني من تداعياتها. ويقول القطب لـ»نداء الوطن»: «يريدون رفع الأسعار سبعة أضعاف.
في نهاية المطاف سندفع، في تكرار لمشهد أزمات البنزين والخبز والدواء والغاز والأهم الكهرباء وسواها، وسيتم إجبار المواطنين على القبول بالزيادة بعد فقدان الخدمات أو توقف «أوجيرو» نفسها عن تقديمها بالجودة المطلوبة». ويؤكد نقابي مخضرم في هيئة «أوجيرو» لـ»نداء الوطن» أنّ «محاكاة رفع الأسعار لم يكن عادلاً أو مدروساً بشكل متوازن أو منطقي»، إذ كشف «أن الزيادة المقترحة على المواطنين تساوي سبعة أضعاف، بينما على الشركات أقل من ذلك، فيما المنطق أن يكون العكس تماماً، لأنّ الشركات تستطيع أن تتحمّل الأعباء المالية الإضافية، بينما المواطنون يئنّون تحت وطأة الأزمة المعيشية والاقتصادية الخانقة ولا يستطيعون تحمل المزيد من الغلاء وإن كان معقولاً للحصول على الخدمات بجودتها الطبيعية».
ويتوقّع «أن يؤدي عدم رفع الأسعار سواء على رسوم الخطوط الثابتة أو كلفة المكالمات، أو أسعار باقات الإنترنت لـ419 ألف مشترك لدى «أوجيرو»، إلى المزيد من تدنّي الخدمات، ليس لأنّ الموظفين يريدون ذلك، بل لأن كل الموازنة المالية تُصرف على تأمين المازوت لاستمرار تشغيل السنترالات، من دون أن تتمكّن الهيئة من إجراء الصيانة والإصلاحات المطلوبة عند أي طارئ سريعاً».
في ظل هذه المعادلة، ستصمد السنترالات بعض الوقت ولكنّ المواطنين سيواجهون الحقيقة لاحقاً في قبول رفع الاسعار بالزيادة عن سبعة أضعاف أو بالناقص، وسط اقتراح أن تكون متحرّكة ربطاً بجدول أسعار للاتصالات وحركة سعر المازوت، فيما أكثر من 600 ألف مشترك في الشبكات غير الشرعية، سيُتركون فريسة موزّعي الأحياء الذين تتخطّى أسعارهم السعر الرسمي.
وتصبّ سامية زيدان جام غضبها على الواقع المتردي، وتقول لـ «نداء الوطن»: «منذ أيام والإنترنت والاتصالات الهاتفية وعبر النت على غير طبيعتها، تذهب وتجيء وكأنها تعمل «مس كول» أو «مس نت»، لتذكّرنا بأنّ الجودة السابقة والرفاهية قد انتهت بلا رجعة دون كلفة باهظة الثمن» وواقع الموظفين ليس أفضل حالاً، إذ يقعون بين تقصير الدولة في اعطائهم حقوقهم، وبين عتب المواطنين عليهم وكأنّهم هم سبب المشكلة وتراجع الخدمات، ويؤكد نائب رئيس نقابة موظفي «أوجيرو» في لبنان مازن حشيشو لـ»نداء الوطن»: «لسنا هواة تعطيل أو إضراب أو إضرار بمصالح الناس، ولكننا بشر نريد أن نعيش بكرامة، لقد حصلنا على بعض حقوقنا في غلاء المعيشة الذي اقترحه وزير العمل ووافق عليه مجلس الوزراء ويقوم على قاعدة أن الحد الأدنى 9 ملايين ليرة لبنانية، ثم يزداد حسب التراتبية، بينما لم يحصل الموظفون على بدل النقل العادل مثل القطاع العام أي 450 الف ليرة، ما زلنا نتقاضى 250 ألف ليرة لبنانية. المطلوب اليوم هو تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي حتى لا تطير الرواتب مجدّداً، ونعود إلى السيرة الأولى مع ارتفاع سعر صيرفة، خاصة وإننا نعمل طوال أيام الأسبوع بينما باقي موظفي الدولة يعملون يوماً واحداً أسبوعياً، وقد خسرت رواتبنا نحو 90% من قيمتها أمام انهيار العملة الوطنية مثل كل القطاع العام».