منذ قرّر مجلس الوزراء، في 5 أيار، تكليف وزارة الاتصالات نقل إدارة شركتَي زين وأوراسكوم إلى الدولة، لم يحصل أيّ تقدم. كل من يُسأل في وزارة الاتصالات عن تعيين مجلسَي إدارة للشركتين، يقول إن الأمر لن يتأخر. لكن الواقع مختلف. 25 يوماً مرت على جلسة مجلس الوزراء، من دون أن يتغير شيء. في شركتَي الخلوي، تأكيد أن آخر خطوة تتعلق بمسألة الاسترداد كانت لقاء وزير الاتصالات بممثليهما في 6 أيار. منذ ذلك الحين، لم تطرق الوزارة أبواب الشركتين، لكن مع ذلك لا يتردد الوزير طلال حوّاط في القول، عبر «المركزية»، إن عملية الاسترداد تسلك المسار المتفق عليه وفق العقد.
يشير أيضاً إلى أن قطاع الخلوي يدار اليوم من قبل الدولة والشركتين معاً، وفق ما يعرف بـCombination، وهي فترة التسلّم والتسليم. لكن الوقائع تقول عكس ذلك. قطاع الخلوي يُدار اليوم بقوة دفع ذاتية، بإشراف شركتَي «أوراسكوم» و«زين»، وهو للمناسبة يشهد تراجعاً ملحوظاً في الخدمة. أما مرحلة التسلّم والتسليم، فهي لم تبدأ بعد، إلا عند وزير الاتصالات. التسلم والتسليم يحتاجان إلى طرفين، والشركتان لم تسلما أو تستلما شيئاً. في الأساس، لم تعيّن وزارة الاتصالات لجان الاستلام بعد.
وإذا كانت الحجة في تأخير تعيين مجلسَي الإدارة هو التناتش السياسي والطائفي، فإن لا سبب واضحاً لتأخير تشكيل لجنة الاستلام، التي كان يفترض أن تؤلّف فور إبلاغ الشركتين بقرار مجلس الوزراء. لجنة الاستلام، بالنظر إلى واقع القطاع، تفوق أهميتها أهمية تأليف مجلس الإدارة، الذي سيكون بمثابة مجلس تمثيلي لوزير الاتصالات، الذي انتقلت إدارة القطاع إليه فعلياً. فهذه اللجنة، التي يفترض أن تؤلف من اختصاصيين وخبراء في القطاع مشهود لهم بالنزاهة، عليها التحضير لإجراء المخالصة مع الشركتين، والأهم المطلوب منها إجابات على عشرات الأسئلة التي دأبت لجنة الاتصالات النيابية على طرحها خلال سنتين، على كل من وزارة الاتصالات وشركتَي الخلوي، والمتعلقة بصرف مئات ملايين الدولارات.
شركة زين تسعى لتثبيت نفسها في إدارة الخلوي
خلافاً لشركة «أوراسكوم» التي أعلنت استعدادها للتسليم فوراً، كل المؤشرات تؤكد أن شركة «زين» تعقّد مسألة استلام القطاع من قبل الدولة. وهي لا تألو جهداً في استخدام كل الأسلحة التي تمكّنها من الاستمرار في إدارة «تاتش» («ميك – 2»)، بما فيها استخدام الموظفين وحقوقهم. أكثر من ذلك، ثمة من يتهم الشركة بالتواطؤ مع وزير الاتصالات لتهيئة الظروف الملائمة لعودتها إلى إدارة «ميك – 2» عبر إعداد دفتر شروط للمناقصة يعطيها الأفضلية.
الملاحظات على أداء وزير الاتصالات تزداد، ولا سيما ربطاً بملف الخلوي. ولذلك، تعقد لجنة الاتصالات النيابية اجتماعاً الأربعاء المقبل يُخصص لمتابعة ما يجري في القطاع. ولأن التململ بين الكتل يزداد، يُتوقع، إذا لم يحرز حواط أي تقدم جدي في استعادة القطاع حتى تاريخ عقد الجلسة، أن يتعرّض لمساءلة قاسية. عندها سيكون قد مرّ شهر كامل على قرار مجلس الوزراء، الذي لم يُنفذ بعد، من دون أي سبب مقنع.
الأغرب أن الكل يدرك أن المماطلة في هذه الفترة قاتلة. فالقطاع يتعرض لتحديات كبيرة مرتبطة بالواقع الاقتصادي والمالي المستجد. الإيرادات بالدولار انخفضت إلى مستوى قياسي قارب الـ10 في المئة، فيما كل المصاريف والتكاليف تدفع للموردين بالدولار، ما يقلص الأرباح بشكل ملحوظ. ذلك سيطاول تأثيره رواتب الموظفين أيضاً، الذين لا يزالون حتى اليوم يقبضون بالدولار. الكل يدرك أن مسألة تحوّل الرواتب إلى الليرة اللبنانية هي مسألة وقت، لكن السؤال الأساس هو على أي سعر صرف سيتم هذا التحويل؟
أكثر من ذلك، تشير التوقعات إلى أن إيرادات القطاع لن تزيد هذا العام عن 400 مليار ليرة، مع مؤشرات إلى إمكان تحقيق خسائر في العام المقبل، خاصة إذا حافظ سعر الدولار على وتيرته المرتفعة.
في هذا السياق، يشتكي مشتركون من محاولة الشركتين إلزامهم دفع الفواتير بالدولار، خاصة أولئك الذين يوطّنون فاتورتهم بالليرة.