شي يُطمئن رؤساء شركات أميركية في بكين سعياً لتعزيز الثقة باقتصاد الصين

التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ، امس الأربعاء، في بكين، رؤساء شركات أميركية، في وقت تسعى الصين إلى جذب المستثمرين الأجانب وطمأنتهم بشأن اقتصادها الذي يشهد تباطؤاً، وذلك في متابعة لمأدبة عشاء أُقيمت في نوفمبر (تشرين الثاني) بين شي ومسؤولين تنفيذيين أميركيين في سان فرنسيسكو.

وقالت شبكة «سي سي تي في» التلفزيونية الرسمية إنّ شي «التقى صباح الأربعاء، في قصر الشعب في بكين ممثّلين عن قطاع الأعمال الأميركي»، دون أن تذكر أسماء المشاركين في الاجتماع. وأشارت الشبكة بشكل مقتضب إلى أن «شي جينبينغ التقط صورة معهم قبل بدء الاجتماع».

وجاء في التقرير أن الاجتماع بدأ في تمام الساعة 11 صباحاً (03:00 بتوقيت غرينتش) بعد التقاط صورة جماعية. وأظهر مقطع فيديو مصاحب أن الحضور سيجلسون في شكل مربع. كما أظهر مقطع الفيديو مجموعة كبيرة ومتنوعة من الزهور بألوان الأحمر والبرتقالي والأخضر بين الطاولات الأربع، في غرفة مخصصة للوظائف المهمة في قاعة الشعب الكبرى.

وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أنه لم تتم دعوة الرؤساء التنفيذيين الأوروبيين الذين توافدوا أيضاً إلى بكين في عطلة نهاية الأسبوع لحضور منتدى التنمية الصيني، إلى الاجتماع الأربعاء، وأوضحت أن تنظيم اللقاء جاء رداً على حدث سان فرنسيسكو.

وتسعى الصين التي تواجه تباطؤاً اقتصادياً وتوترات جيوسياسية، إلى طمأنة المستثمرين الأجانب بشأن آفاق النمو في البلاد.

ومن جانبها، تشكو الشركات الأميركية العاملة في الصين من المنافسة غير النزيهة في بلد قلّما يحمي الملكية الفكرية ويمنح الشركات المحلية معاملة تفضيلية. وازدادت مخاوف المجموعات الأميركية في الأشهر الأخيرة بعدما أجرت السلطات الصينية عمليات تفتيش واستجواب استهدفت شركات استشارية أميركية. وأتت هذه الإجراءات في سياق تنافس حادّ بين بكين وواشنطن.

ودعت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، خلال زيارتها بكين في أغسطس (آب) الماضي، إلى إحلال بيئة أعمال «يمكن التكهن بها» أكثر في الصين، وإلا فقد تعد في نهاية المطاف «محفوفة بالمخاطر» إلى حد يُثني عن الاستثمار فيها.

وفي يوليو (تموز) الماضي، دخلت النسخة الجديدة من قانون مكافحة التجسس في الصين حيّز التطبيق، وهي تمنح السلطات هامش تحرك أكبر للتصدي لما ترى أنه يشكل خطراً على الأمن القومي. ومنذ ذلك الحين، تنتظر الشركات الأجنبية تفسير هذا التشريع الذي يتضمن بنوداً غامضة وتعريفاً فضفاضاً للتجسس.

يأتي هذا الاجتماع غداة اختتام منتدى اقتصادي كبير في بكين حضره عدد من كبار قادة الأعمال الأجانب، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» تيم كوك.

وكان رئيس الوزراء لي تشيانغ، قد حدد هدفاً يبلغ «نحو 5 في المائة» لنمو إجمالي الناتج المحلي الصيني هذا العام. ويطمح عديد من الدول المتقدمة إلى مثل هذه النسب، لكنها تبقى بالنسبة إلى الصين بعيدة عن الازدهار الكبير الذي عرفه اقتصادها في العقود الأخيرة.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، استقبل الرئيس الصيني شخصياً، المؤسس المشارك لشركة «مايكروسوفت» بيل غيتس، خلال زيارة لدعم جهود الصين في مجال البحوث الطبية. كما استقبل عدداً من رؤساء الشركات الأميركية الكبرى بينهم تيم كوك، ورئيس «أمازون» جيف بيزوس.

وأفادت «رويترز» بأن إيفان غرينبرغ، الرئيس التنفيذي لشركة التأمين الأميركية «تشب»، وستيفن أورلينز رئيس اللجنة الوطنية للعلاقات الأميركية – الصينية، وكريغ ألين رئيس مجلس الأعمال الأميركي – الصيني، كانوا من بين الذين حضروا الاجتماع.

جاء اجتماع شي بالتنفيذيين الأميركيين بعد عدم استقبال رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ، المسؤولين التنفيذيين الزائرين الذين جاءوا لحضور منتدى التنمية الصيني في بكين يومي 24 و25 مارس (آذار)، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن الشفافية في الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. وأصبحت فرصة تبادل وجهات النظر مع الرجل الثاني في الدولة أحد العناصر الرئيسية في القمة خلال السنوات الماضية.

وتحاول الشركات الأجنبية المواءمة بين المبادرات العامة التي يقدمها القادة الصينيون تجاه الاستثمار الخارجي وبين قانون موسع لمكافحة التجسس، ومداهمات الشركات الاستشارية وشركات الوساطة، والقيود على التخارج.

وقوبل شي بحفاوة بالغة حين تناول العشاء مع مسؤولين تنفيذيين أميركيين على مأدبة نظّمها مجلس الأعمال الأميركي – الصيني واللجنة الوطنية للعلاقات الأميركية – الصينية في نوفمبر الماضي.

دليل جديد على تراجع الثقة

وفي دليل آخر على انخفاض الثقة، تراجعت الأسهم الصينية إلى أدنى مستوى في شهر، يوم الأربعاء، مع تراجع مؤشر شنغهاي القياسي دون مستوى 3000 نقطة المهم نفسياً، مع ضعف اليوان وضغوط البيع القوية من المستثمرين الأجانب على السوق.

وباع المستثمرون الأجانب صافي 7.2 مليار يوان (996.00 مليون دولار) من الأسهم الصينية عبر آلية «ستوك كونيكت» خلال تعاملات الأربعاء، مسجلين أكبر تدفق خارجي يومي منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي.

وافتقرت الأسواق الآسيوية بشكل عام إلى الاتجاه، حيث ينتظر المستثمرون صدور بيانات التضخم الأساسي في الولايات المتحدة، يوم الجمعة.

وتراجعت الأسواق الصينية حتى بعد أن أظهرت البيانات يوم الأربعاء، أن الشركات الصناعية الصينية حققت أرباحاً أعلى في الأشهر الأولى من العام، حيث لا تزال المكاسب الإجمالية محدودة بسبب الهشاشة المستمرة في سوق العقارات في الصين، مما يشير إلى تباين في اقتصاد البلاد بعد الوباء.

وانخفض مؤشر «هانغ سينغ» في هونغ كونغ 1.36 في المائة. وانخفض مؤشر «شنغهاي» المركّب بنسبة 1.26 في المائة إلى 2.993.14 نقطة، ومؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 1.16 في المائة. وأغلق كلا المؤشرين عند أدنى مستوياتهما منذ شهر تقريباً.

وانخفض مؤشر القطاع المالي بنسبة 0.42 في المائة، ومؤشر قطاع السلع الاستهلاكية 0.96 في المائة، ومؤشر العقارات 2.74 في المائة، ومؤشر الرعاية الصحية 1.1 في المائة.

وجاءت التراجعات واسعة النطاق رغم أن الأرباح الصناعية في الصين ارتفعت بصورة ملحوظة خلال أول شهرين من العام، ويرجع ذلك إلى تحسن قطاع الصناعة.

وقد أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني يوم الأربعاء، نمو الأرباح الصناعية بنسبة 10.2 في المائة خلال شهرَي يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين مقارنةً بنفس الشهرين من العام الماضي. وكانت الأرباح الصناعية قد انخفضت خلال أول شهرين من عام 2023 بنسبة 2.3 في المائة.

وقال لين سونغ، الاقتصادي بمجموعة «إي إن جي»، إن الارتفاع المفاجئ في الإنتاج الصناعي في بداية العام وتعافي الأرباح الصناعية بصورة أكبر يبعثان برسالة أخرى بأن الاقتصاد يتعافى تدريجياً بعدما انكمش العام الماضي.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةأميركا قد تواجه صدمة سوقية على غرار «ليز تروس» إذا تجاهلت الحكومة ديونها
المقالة القادمة«المركزي» الأوروبي يزداد ثقة في عودة التضخم إلى هدفه مع تباطؤ نمو الأجور