صفقة “ستارلينك” مريبة وغير قانونية.. ومساءلة نيابية للحكومة

وضع مجلس الوزراء على جدول أعماله لجلسة غداً الثلاثاء في 14 تشرين الثاني “طلب وزارة الاتصالات الموافقة على تقديم خدمة الإنترنت بشكل مؤقت عبر شبكة الأقمار الاصطناعية، ستارلينك، وعلى قبول هبة من جمعية P-Foundation لتقديم الخدمة المذكورة”.

التبريرات التي سيقت لموافقة الحكومة على طلب وزارة الاتصالات هي حال الطوارئ التي قد تنشأ في حال اندلاع حرب على لبنان وتوقف الإنترنت فيه، ما يستدعي مد المرافق الحيوية بخدمة الانترنت. وقيل عن أن الجمعية المذكورة قدمت هبة عبارة 150 جهاز استقبال لتوزيعها على المؤسسات الحيوية مثل وزارة الصحة والصليب الأحمر والمؤسسات التي تعمل في حال الطوارئ. لكن تبين أن الجمعية المذكورة قدمت الهبة لوزارة الاتصالات فحسب. والأخيرة قررت توزيع تلك الأجهزة على المؤسسات الحيوية، لتبرير إقرار مجلس الوزراء قراراً لعقد اتفاق مع ستارلينك. هذا رغم أنه لا يحق لمجلس الوزراء إقرار هكذا اقتراح لأنه بحاجة لقانون يصدر عن المجلس النيابي، لا سيما أن القانون 341 بنظام قطاع الاتصالات يحصر تقديم الانترنت بالدولة اللبنانية.

من دون تشريع أو قانون

اعتاد لبنان على أن يصبح “المؤقت”، الذي طلبته وزارة الاتصالات، مكرساً بشكل دائم. بمعنى استغلال حجة مد المؤسسات الحيوية بالإنترنت من ستارلينك لتكريس إدخال لاعبين جدد على قطاع الانترنت ومن دون تشريعات قانونية، تقول مصادر مطلعة. وتضيف أن طلب وزارة الاتصالات هو “تقديم الخدمة” وليس “استخدام ستارلينك” أو غيرها، كبديل في حال اندلاع حرب وتعطل إنترنت الدولة. كما أن حالة الطوارئ في حال حصلت لا تستدعي قراراً حكومياً من الأصل. بل إن البعض في وزارة الاتصالات يريد إدخال وكلاء على هذا القطاع، فتحيَّن حالة الطوارئ وتقديم الجمعية الآنفة الذكر 150 جهاز استقبال كهبة للوزارة، ليمرر ما يريده. وتبين أن تلك الجمعية أنشأت في واشنطن منذ نحو سنتين، تحت عنوان “تدعيم الدول بالإنترنت المفتوح والصحافة الحرة”. ما يضع علامات استفهام حول الجمعية ومن يقف وراءها، وإذا كان لها صلات بمتمولين لبنانيين يريدون الاستثمار في خدمة الإنترنت التي تقدمها ستارلينك. وبالتالي، يكون القرار الذي يصدر عن الحكومة بمثابة فتح الباب على هذا القطاع.

إدخال وكلاء بحجة الحالة الطارئة

ملابسات طرح موضوع ستارلينك استرعى اهتمام النواب ياسين ياسين وإبراهيم منيمنة وفراس حمدان وبولا يعقوبيان وملحم خلف ونجاة صليبا، الذين تقدموا بسؤال عبر مجلس النواب منذ ثلاثة أيام للحكومة، وبشكل خاص للرئيس نجيب ميقاتي ووزير الاتصالات، حول خطة الطوارئ التي حصرت بتأمين الانترنت عبر ستارلينك، والأسباب التي دفعت إلى طلب الحصول على موافقة مجلس الوزراء من خارج إطار القانون 431.

وتقول المصادر إن وزارة الاتصالات تتحجج بإصدار قرار عبر مجلس الوزراء لحالة الطوارئ بغية تكريس خدمة الإنترنت عبر ستارلينك لاحقاً بشكل دائم، وإدخال وكلاء لها، ومن دون صدور تشريعات حول كيفية تقديم هذه الخدمة في لبنان. فهذا القطاع محصور بالدولة ولا يمكن إدخال خدمات من دون تشريعات ووضع ضوابط وأسس له. وهذا يحتاج إلى قانون من المجلس النيابي لتحديد الشروط الخاصة به. غير ذلك تصبح هذه الخدمة من الإنترنت شبيهة بالإنترنت غير الشرعي ومشرّعة لمختلف التجاوزات. فلا يجوز إدخال خدمة كهذه وتخطي رقابة الدولة من ناحية، وإدخال مضارب على الدولة في هذا السوق، من دون وضع أقله أسس لكيفية استفاء الدولة رسوماً من المشتركين.

تلاعب على ستارلينك والدولة

وتشرح المصادر أن هذه الخدمة تحتاج تقنياً إلى معدات بسيطة مثل “المودم” والصحن اللاقط. وحددت الشركة ثمنها بخمسمئة دولار. أما الاشتراك الشهري فمحدد بمئة دولار للأفراد ويرتفع إلى 600 دولار للمؤسسات الصغيرة، حسب السرعة والسعة. بمعنى آخر، هي خدمة تحل مكان الخدمة التي تقدمها الدولة من دون المرور بخوادم الدولة، بل يتم الاتصال مباشرة بالأقمار الاصطناعية لستارلينك. ما يستدعي وضع أسس وضوابط بين الدولة والشركة لكيفية استفادة مواطنيها من الخدمة. وهذا يحتاج إلى تشريعات وصدور قانون عن المجلس النيابي سواء للحفاظ على الأمن القومي، أو لناحية جباية الرسوم من هذا المُضارِب للدولة.

وتضيف المصادر أن شركة ستارلينك لا تغطي لبنان لأنه لا يوجد اتفاقية معها من الدولة اللبنانية. بمعنى أنه لا يمكن شراء المعدات من الخارج وتشغيلها في لبنان. ورغم ذلك دخلت هذه التقنية إلى لبنان وهناك من يستفيد منها من خلال التلاعب على ستارلينك نفسها وعلى الدولة.

وتشرح المصادر أن الاشتراكات التي يستفيد منها البعض في لبنان تتم من خلال الاشتراك في الدول التي سمحت لمواطنيها الاستفادة من الخدمة ووقعت اتفاقيات مع ستارلينك. لكنهم يشتركون بما يعرف بخدمة “الرومينغ” التي يصل ثمنها إلى 250 دولاراً بالشهر، علماً أن هذا الاشتراك متاح لمن يمتلك يختاً أو سفينة خاصة ويتجول فيها. لكن تبين أن في لبنان باتت بمثابة “خدمة ثابتة” بالمعنى المكاني للكلمة، ما استدعى من ستارلينك وقفها في الوقت الحالي، في انتظار صدور قرار عن الحكومة لعقد اتفاق مع الشركة لتأمين الخدمة للبنان. وهنا تشدد المصادر على أنه في حال اندلاع الحرب وتوقف إنترنت الدولة تكون خدمة ستارلينك المخصصة بالأساس للأفراد والمؤسسات الصغيرة، باباً للاحتكار ولو على مستويات ليست واسعة النطاق.

مصدرالمدن - وليد حسين
المادة السابقةتجارنا “يشفطون” المستهلكين: لبنان أغلى من فرنسا وسويسرا وتركيا
المقالة القادمةالاقتصاد ما بين الحرب الباردة والساخنة