أثيرت مجدّداً شكوك حول مزايدة تلزيم خدمة «International A2P» (خدمة تلقّي العملاء لرسائل من التطبيقات العالمية) التي أطلقتها شركة «تاتش» نهاية عام 2021، ورست على شركة «In Mobile» التي قدّمت السعر الأعلى بقيمة 7.37 ملايين يورو، فيما أظهرت نتائج مزايدة نظّمتها شركة «ألفا» قبل أشهر للخدمة نفسها فوز شركة «Vox Solution» بمجموع إیرادات بلغ 17 مليوناً و900 ألف يورو، أي بفارق 10 ملايين يورو، علماً أن عدد مشتركي «تاتش» يفوق عدد مشتركي «ألفا» بحوالي 300 ألف.
قبل عام، أثارت «الأخبار» قضية المزايدة، وفي بداية أيلول 2022 أعلن وزير الاتصالات جوني القرم أنّه سيشكّل لجنة لدرس خيارات إعادة المزايدة أو الترسية على ثاني أعلى الأسعار المقدّمة، بعدما تلقّت الوزارة اعتراضين من شركتين مفادهما أن «In Mobile» لا تملك مؤهّلات الفوز لأنها لا تلبّي عدداً من الشروط المطلوبة في المزايدة. وقد رفض رئيس مجلس إدارة «تاتش» سالم عيتاني حينها توقيع المزايدة، على خلفية معلوماتٍ بأنّ «In Mobile» زوّرت مستندات معيّنة لدخول المزايدة، وأوحى بأنّ القرم يغطي على شبهة التزوير، بالتزامن مع هجومٍ شرس شنّه تيار «المستقبل» (مرجعية عيتاني السياسية) على القرم، يتعلّق بفضائح طاولت ملف الترقيات في «تاتش». وتوقّع البعض أنّ الصراع الحقيقي يدور حول شركة يريد «المستقبل» منحها المزايدة، ونبش ملف الترقيات للضغط على القرم الذي يعنيه فوز «In Mobile» لصاحبها شربل ليطاني المقرّب من جورج الدويهي، صهر وزير الاتصالات وأحد مستشاريه.
سُحِبَ الملف من الضوء، من دون أن يعلم أحد ما آلت إليه الأمور. إلى أن أطلقت «ألفا» مزايدة لتلزيم الـ(A2P)، فُضّت عروضها المالية في أواخر شباط 2023، حيث قدّمت «Vox Solution» السعر الأعلى، وأُعلِنَ في حزيران الماضي على موقع هيئة الشراء العام منحها المزايدة. الأمر الذي أثار الريبة لجهة الفارق الكبير، بين السعر المقدّم من «Vox» (17 مليوناً و900 ألف يورو على ثلاث سنوات واعتماد تعرفة 7.5 Euro Cents لكل رسالة)، وذلك المقدّم من «In Mobile» (7.37 ملايين يورو على ثلاث سنوات واعتماد تعرفة 10.5 Euro Cents لكل رسالة)، وكذلك أعيد طرح التساؤل حول نتائج التدقيق في مستندات «In Mobile».
وعلمت «الأخبار» أنّ «تاتش» وقّعت العقد مع «In Mobile» في أيار 2023، أي بعدما تبيّن أن حوالي 10 ملايين يورو، ستستوفيها «ألفا» لمصلحة الخزينة، ستُحرَم منها «تاتش»، دون أن يستدعي ذلك من القرم إعادة النظر في المزايدة، طالما أن فضّ العروض في «ألفا» حصل قبل توقيع العقد في «تاتش» بشهرين. وهو ما دفع كثيرين إلى طرح سؤالٍ عما إذا كان هناك من «ديل» بين القرم وعيتاني أفضى إلى تغيير الأخير لموقفه والسير بـ«In Mobile».
القرم أكّد لـ«الأخبار» أنّ اللجنة المكلّفة بالتدقيق في قانونية أوراق «In Mobile» خلُصت إلى أن «الشركة لم تزوّر الوثائق، وهي تستوفي الشروط». ولم يجد ما يستدعي للاستغراب في استغراق عمل اللجنة 9 أشهر، من أيلول 2022 إلى أيار 2023، مع العلم أنّ المماطلة التي حصلت في بتّ النتائج وتوقيع العقد وتفعيله فوّتت على الخزينة إيرادات ضخمة بالدولار الفريش، في وقتٍ رفعت فيه الوزارة تعرفة الإنترنت 7 أضعافٍ بذريعة حاجة قطاع الاتصالات إلى الأموال.
وفي ما يتعلّق بالإيرادات المحقّقة من العقدين، أوضح القرم أنّ «الاحتساب يجري على أساس السعر الإفرادي للرسالة، لا وفق القيمة الإجمالية للعقد»، وللغاية طلب من «تاتش» استيفاء 10.5 Euro Cents من «In Mobile»، أي السعر الأعلى الذي سيُعتمد في «ألفا» بهدف توحيد السعر بينها وبين «تاتش». في المقابل، تظهر في إعلان النتائج المنشور على موقع الشراء العام، القيمة الإجمالية لعقد «ألفا» مع «Vox» من دون أي ذكر للسعر الإفرادي للرسالة. ويشرح متخصّصون، بأنّ «هذا النوع من العقود يُبرم وفق سعر إجمالي، هو حدّ أدنى مرشّح للارتفاع، تتعهّد الشركات الملتزمة بدفعه لشركات الاتصالات، حفاظاً على حقّ الدولة في استيفاء إيراداتٍ معيّنة مضمونة، بمعزلٍ عن مدى تفاعل الرواد مع التطبيقات، لذلك لا يُبرم العقد وفق السعر الإفرادي للرسالة».
وفيما أشار القرم إلى أنّ «In Mobile» ملتزمة بدفع 300 ألف يورو كحد أدنى شهري لـ«تاتش»، يؤكّد الخبراء، أن «الدفع يحصل عادة إمّا مرة واحدة وإمّا مرتين في العام ولكن بصورة مسبقة». وهو ما أكّده أيضاً مطّلعون على العقود. ما يعني في النتيجة، أن الوزارة ارتضت حداً أدنى في «ألفا» يقارب 18 مليون يورو، وفي «تاتش» 7.3 ملايين يورو، مرشّحاً للزيادة قليلاً.
وقد تلقّى النائب ياسين ياسين جواباً من القرم على سؤالٍ كان قد وجّهه إليه، يستوضح فيه عن جميع النقاط المثارة، إلا أن ما تلقّاه ياسين خلا من أي مستند أو عقد. فيما طلب رئيس هيئة الشراء العام جان العلية من شركة «تاتش» إيداعه ملف المزايدة لدرسه.
خدمة الـ A2P
تحصّل وزارة الاتصالات من التطبيقات العالمية كـ«فيسبوك» و«تويتر»… رسوماً بالعملة الصعبة، مقابل إرسال تلك التطبيقات رسائل نصية إلى الرواد كرسائل الـ«verification» وغيرها، لمجرّد أنها تصل عبر شبكتَي شركتَي الاتصالات «ألفا» و«تاتش»، وهو ما يُعرف بخدمة الـ(A2P).