في 5 كانون الأول، وجّه رئيس جمعية مصارف لبنان، دعوة لانعقاد جمعيتين عموميتين، إحداهما غير عادية في 8 كانون الثاني 2025، والثانية عادية في 29 كانون الثاني 2025. خلاصة الدعوة الأولى، تعديل النظام الأساسي للجمعية لزيادة عدد مقاعد مجلس الإدارة بشكل استثنائي ولمرة واحدة إلى 14 بدلاً من 12 يمكن تجديدها لمرّة واحدة مع ولاية الرئيس، وإفساح المجال أمام تجديد ولاية رئيس الجمعية لمرّة ثالثة متتالية بشكل استثنائي ولمرّة واحدة. وتتضمن دعوة الجمعية العمومية العادية، جلسة انتخاب الرئيس والأعضاء.
التباعد الزمني بين الدعوتين، والذي جاء بعد مفاوضات دارت بين رئيس الجمعية المنتهية ولايته سليم صفير، وبين مجموعة من المصارف الصغيرة التي تمكّنت في السابق من تعطيل انعقاد الجمعية العمومية مطالبة بمقعدين في مجلس الإدارة، إضافة إلى توجيه الدعوتين من دون أي تنسيق أو تعاون مع مجموعة المصارف الصغيرة، أثارت شكوكاً بأن صفير يعدّ فخّاً للمجموعة الصغيرة، إذ لا توجد ضمانات بأن موافقة هؤلاء على تأمين نصاب للجمعية العمومية غير العادية، يعني أن انتخابات مجلس الإدارة ستتم بالشكل المطالب به، بل قد تأتي بنتائج عكسية بأن تنتخب مجموعة المصارف الكبيرة عضوين جديدين من ضمن نفوذها لا صلة لهما بمجموعة المصارف الصغيرة التي تسعى إلى تأمين حضور لها في مجلس الإدارة.
وكان صفير حاول في تموز الماضي أن يؤمن نصاب انعقاد لجمعية عمومية غير عادية حُدّد جدول أعمالها بالتمديد لرئيس الجمعية المنتهية ولايته (صفير) لسنة كاملة بعد تمديد سابق لمدّة سنة أيضاً، إلا أنه فشل في ذلك بعدما اعتراض مجموعة من 15 مصرفاً على ما وصفه أحدها أنه «استئثار من المصارف الكبيرة في التعامل مع طروحات إعادة هيكلة المصارف التي تصبّ في مصلحة الكبار حصراً وتمنحها فرصة ابتلاع المصارف الأصغر والسوق المالية عموماً، بشكل شبه مجاني». يومها طالبت هذه المجموعة بزيادة عدد أعضاء مجلس الإدارة مقعدين يتمثّل فيهما المصارف الأصغر حصراً مقابل تأمين نصاب انعقاد الجمعية العمومية غير العادية لتمديد ولاية الرئيس لسنة. وتزعّم هذه المجموعة رائد خوري من سيدروس بنك ويقف إلى جانبه من خارج مجموعة المصارف الصغيرة، «فرنسبنك» الذي يبدو أنه يخالف الاتجاه العام لدى المصارف الكبيرة مثل عودة وبلوم وبيبلوس التي تعدّ رأس الحربة في المعركة التي يمثّلها صفير. وفي وقتها، سجّلت مجموعة المصارف الصغيرة، «عتباً» على زملائهم الساعين إلى ابتلاع السوق في عملية إعادة الهيكلة، وذلك سنداً إلى ما قامت به مجموعة المصارف الكبيرة من زيارات متتالية وغير معلنة إلى رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان، إضافة إلى ممثلي صندوق النقد الدولي وموفديه إلى لبنان، بهدف مناقشة خطط التعافي ومشاريع إعادة هيكلة المصارف وإعادة التوازن إلى القطاع المالي والكابيتال كونترول وغيرها. وهذا الأمر لم يكن محصوراً بالمدة الأخيرة، بل بدأ يحصل منذ انهيار النظام المصرفي والنقدي قبل نحو خمس سنوات.
وممّا تنامى إلى هذه المجموعة من صغار المصارف، فإنهم يتّهمون المصارف الأكبر، بأنها تعمل وفقاً لمصالحها الخاصة بعيداً من مصالح القطاع المصرفي بكامله، محور الأمر كلّه يتعلق بتوزيع الخسائر، إذ يتبيّن أن المصارف الأكبر لديها قدرة معيّنة على توزيع الخسائر لأنها حصلت في السابق على «عدد من جوائز الترضية من الحاكم السابق رياض سلامة وحققت بموجب هذه الجوائز أرباحاً حوّلتها إلى الخارج على شكل أصول، ثم بعد الأزمة باعتها وتنوي استعمالها في سياق إعادة الهيكلة بدلاً من توزيعها على المودعين كحقوق» يقول أحد المصرفيين الذي رفض الكشف عن اسمه. برأي هذه المجموعة من صغار المصرفيين، فإنه لهذا السبب كانت المصارف الأكبر تتماهى مع ما يقوم به مصرف لبنان وتصنع «الاتجاهات المالية في السوق مثل أسعار الفائدة وتكريس الإيداع لدى مصرف لبنان بدلاً من الاستثمار في السوق… وصولاً إلى الهندسات المالية التي كان هدفها استدراج الودائع وتبديدها مع مصرف لبنان».