بات محسوماً أن الدولار يستعد لتوجيه ضربته القاضية لليرة ويشطبها من المعادلة المالية، بعدما اجتاح كل الخطوط الحمر، وأفشل كل محاولات الإحتواء والإنضباط. ومع خسارة الليرة لأكثر من 99 بالمئة من قيمتها، قد يكون من المفيد طرح السؤال حول اقتراب مدة نهاية صلاحيتها. وفي هذا الإطار، يجزم رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني، أن “صلاحية الليرة اللبنانية قد انتهت، وهي اليوم عملة سيئة والناس تسعى إلى التخلّص منها، ولذلك، فالمعادلة اليوم، هي الهروب وعدم الثقة بالليرة، وهو هروبٌ مبرّر، وسببه طباعة الليرة والسياسات الخاطئة”.
ويؤكد الدكتور مارديني ل”ليبانون ديبايت”، أنه طالما أن هذه السياسات مستمرة، فانهيار الليرة مستمر وحتمي، وبالتالي، لا يمكن العودة إلى الوراء، أي إلى ال1500، ولكن على الأقلّ من الممكن لجم الإنهيار، وتجميده عند المستوى الذي وصل إليه اليوم، عن طريق القرار السياسي المتعلق بوقف طباعة الليرة.
ووفق الدكتور مارديني، فإن الحدّ من ارتفاع سعر الدولار مرتبط بالقرار السياسي، وعندما “تقرّر الحكومة وقف طباعة العملة سوف تسترجع الليرة قيمتها”.
وعليه، وانطلاقاً من التوجّه نحو الدولرة، يتهم الدكتور مارديني “الدولة”، بالإقتصاص من الناس، لأنها “تعالج الأزمة المالية عن طريق الإقتطاع من قيمة الليرة، وهو نوع من الضرائب التي نسمّيها ضريبة التضخم، وتُستعمل اليوم من قبل السلطات السياسية والنقدية لإجبار الناس على دفع ضريبة التضخم، فالمواطن الذي كان يقبض راتباً بقيمة 3 ملايين ليرة قبل الأزمة، أي ما يساوي ألفي دولاراً، بات راتبه لا يساوي 50 دولاراً اليوم، وبالتالي، وكأن الحكومة فرضت ضريبة على المواطن بقيمة 95 بالمئة أو 99 بالمئة، ولكنها، وبدلاً من أن تقرّها كضريبة في البرلمان، نفّذتها عن طريق انهيار سعر صرف الليرة”.
ويكشف مارديني، أن “هذه الضريبة تُستخدم من أجل تغطية الخسائر التي تسبّبت بها الدولة على القروض التي حصلت عليها من المصارف ومن المودع، وانهيار الليرة تحوّل إلى وسيلة من أجل جباية ضريبة التضخّم من المواطنين لتسكير خسائر مناطق أخرى”.
وعن الواقع المرتقب بعد هذا الإنهيار، يشير مارديني إلى أنه “كلما تأخر الإصلاح المالي والنقدي، زادت الأزمة وتسارع الإنهيار بعدما مرّت 3 سنوات على الأزمة، فيما السلطة في موقع المتفرِّج، حتى أنها دفعت بالناس نحو الهاوية”.
وعن تأثير إضراب المصارف والدعاوى القضائية على ارتفاع الدولار، يؤكد مارديني، أن “الكل بانتظار التسوية الكبرى وإعادة التوازن المالي أو الهيركات والكابيتال كونترول”، مشيراً إلى أن “المصارف كما الحكومة، على قناعة بأنه لا يمكن إقامة الدعاوى القضائية على المصارف، لأن الأزمة ليست أزمة مودع مع مصرف، بل كل المصارف مع كل المودعين، ولا يمكن حلّها بدعاوى فردية، ويجب أن يأتي الحل عن طريق إقرار سياسة إقتصادية ونقدية للحكومة، وكان من المفروض القيام بها منذ 3 سنوات، وطالما أن هذا الامر لم يحصل، فإن الواقع سيبقى سياسة تبويس اللحى والدعاوى، مع العلم أن هناك قناعة لدى كل المعنيين، بتأجيل الدعاوى حتى إقرار التشريعات المالية، علماً أن هذا الأمر صعب بسبب تأخير الإصلاحات”.