وضعت مجموعة من الصناديق السيادية العربية لبنات جديدة لتوسيع دروب الاستثمار في قارة أفريقيا، ضمن خطط لمشاركة صناديق الثروة في القارة إعطاء قطاع الأعمال حوافز أكبر للنشاط في الفترة المقبلة.
واستغلت تلك الكيانات تأسيس منتدى المستثمرين السياديين في أفريقيا، الذي تنظمه إثمار كابيتال (الصندوق السيادي المغربي) بالرباط والذي اختتم فعالياته الثلاثاء، من أجل عقد شراكات لتحقيق هذه الغاية.
وجمع المنتدى نخبة من صناديق الثروات السيادية في المنطقة لمناقشة المشاريع التنموية الطموحة ودفع عجلة جهود التحول الجارية وتعزيز العلاقات بين الدول الأفريقية ومعالجة التحديات التي تواجه اقتصاديات القارة في مجال التمويل وتسريع تعبئة الاستثمارات.
ويهدف المنتدى إلى الاتفاق على استراتيجية متكاملة للقارة لربط الاستثمارات الخارجية بخطط التنمية المحلية للاستفادة منها بصفتها موارد تمويلية وتوظيفها للمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن عبيد عمران، الرئيس التنفيذي لإثمار كابيتال، قوله إن الشركة بإمكانها أن “تسهل عددا من التحديات التي يواجهها المستثمرون الدوليون عند التفكير في الاستثمار في أفريقيا”.
وأضاف “غايتنا إبراز الفرص والإمكانيات لإحداث تأثير إيجابي على القارة وتطلعاتها لمستقبل أفضل”.
وتجمع المنصة الصناديق السيادية في أنغولا وجيبوتي ومصر وإثيوبيا والغابون وغانا والمغرب ونيجيريا ورواندا، وتهدف إلى تشجيع أعضائها على معالجة التحديات التي تواجهها الاقتصادات الأفريقية في مجال التمويل وتعبئة الاستثمارات.
واستهلت ثلاثة صناديق سيادية خليجية هذا الحدث بإعلان للترويج للاستثمار في القارة مع تسعة صناديق أفريقية يتوقع أن تجني ثمارها خلال سنوات قليلة. وفي حال نجاح التجربة يمكن توسيعها بعقد شراكات أوسع مستقبلا.
ووقع الإعلان جهاز أبوظبي للاستثمار وشركة أبوظبي القابضة (أي.دي.كيو) بالإضافة إلى الهيئة العامة للاستثمار في الكويت على هامش الاجتماع الأول لمنتدى الاستثمار الأفريقي.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي القابضة محمد السويدي إن المنتدى “سيمكننا من استكشاف فرص جديدة مع شركاء محتملين في أفريقيا لإي.دي.كيو والشركات التابعة لها”.
وأكد أن هذه المبادرة من شأنها أن تعزز العلاقات الحالية للقابضة مع شركائها في القارة، كما ستمكن من استكشاف فرص جديدة في القارة مع شركاء محتملين جدد في أفريقيا لفائدة القابضة والشركات التابعة لها.
وقال خادم الرميثي، المدير التنفيذي لجهاز أبوظبي للاستثمار، إن المنتدى منصة جديدة قوية لها القدرة على إتاحة فرص استثمارية كبيرة بهدف تعبئة رؤوس الأموال.
وأضاف “سيكون ذلك من خلال قوة التعاون مع صناديق الثروة السيادية في قارة أفريقيا”.
واعتبر عمران أن الاهتمام الخاص الذي أولته الصناديق الخليجية الثلاثة لمبادرة منتدى يشكل حافزا مهما. وعبر عن تطلعه إلى “تقوية هذه العلاقة لبناء شراكة متبادلة المنفعة وطويلة الأمد”.
وأكد الرؤساء التنفيذيون للصناديق السيادية الأفريقية المشاركة في الحدث أن المنتدى سيركز على حشد رأس المال والأسهم وتعزيز المشروعات الصديقة للبيئة والاستثمار في اللوجستيات لتحسين الترابط بين دول القارة.
ومن بين الصناديق السيادية الأفريقية التي وقعت الإعلان صندوق إثمار كابيتال في المغرب وهيئة الاستثمار السيادية في نيجيريا والصندوق السيادي في مصر.
ولم يكشف منظمو المنتدى عن تفاصيل حول الكيفية التي ستدعم بها الصناديق الخليجية نظيرتها الأفريقية، لكن من المرجح أن يكون ذلك في شكل اتفاقيات ثنائية أو جماعية من أجل ترسيخ أسس قطاع الاستثمار في القارة المتعطشة إلى النمو.
ويقول خبراء إن الصناديق السيادية الأفريقية بإمكانها أن تقوم بدور رئيسي في النهوض بالأولويات الملحة التي تحتاجها الحكومات في القارة.
وأكدوا أن المنتدى يشكل فرصة مثالية لبلورة استراتيجيات على المدى البعيد بعدما حفزت الأزمة الصحية والوضع الجيوسياسي الحالي في شرق أوروبا وتغير المناخ صناع القرار الاستثماري على السير في هذا الطريق بغية مواجهة الأزمات.
وفي رسالة وجهها إلى المشاركين في المنتدى قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن “القارة الأفريقية بحاجة إلى صناعة استثمارية أفريقية حقيقية، قادرة على ضمان التعبئة الكافية والمستدامة لرؤوس الأموال وتحقيق الاندماج الفعلي في الأسواق المالية”.
وأكد في رسالة، تلاها الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، أن “الصناديق الاستثمارية السيادية والاستراتيجية تشكل أدوات فعالة لرصد الفرص، وتساهم في زيادة تدفق رؤوس الأموال نحو القطاعات المنتجة للقيمة الاقتصادية وذات الأثر الاجتماعي الكبير”.
وشدد الملك محمد السادس على ضرورة “الإقرار بأن فرص الولوج إلى رؤوس الأموال ما زالت دون المستوى المأمول، في ظل هيمنة تمويلات وكالات وبنوك التنمية رغم الجهود المبذولة في بلدان أفريقيا على مستوى الإصلاحات”.
وتحتاج أفريقيا إلى الاستثمار في رأس المال البشري والنهوض بالتعليم لتحقيق طفرات اقتصادية تنتشل دولها من الفقر رغم الإمكانيات والموارد الطبيعية المتاحة في جميع دولها.