اعتُبر هجوم إلكتروني أحدث شللا في عدد من موانئ أستراليا الرئيسية مؤخرا بمثابة ناقوس خطر حيال ما تراه حكومات وخبراء تهديدا متزايدا للملاحة البحرية التي تعد شريان حياة الاقتصاد العالمي.
وأدى الهجوم على مرافئ شركة موانئ دبي العالمية التي تتولى 40 في المئة من تجارة الشحن الأسترالية إلى خروجها عن الخدمة لأيام، واعتُبر الأخير ضمن سلسلة اختراقات استهدفت موانئ حول العالم في السنوات الأخيرة.
وعطّلت الهجمات الإلكترونية أو أوقفت العمليات في عدد من موانئ العالم الأكثر انشغالا في السنوات الأخيرة.
وعطّل هجوم ببرامج الفدية استهدف في يوليو الماضي أكثر الموانئ اليابانية انشغالا وهو ناغويا، العمليات على مدى أيام.
ولم تتمكن المحطات النفطية في بعض أكبر موانئ غرب أوروبا من التعامل مع السفن بسبب هجوم إلكتروني.
وفي عام 2017، انتشر برنامج نوت بيتيا الخبيث في الأنظمة حول العالم متسببا بشل عمليات شركة الشحن العالمي العملاقة ميرسك.
كما تعرّضت موانئ رئيسية في هولندا وكندا والهند وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة لهجمات إلكترونية.
ويقول نحو 75 في المئة من الرؤساء التنفيذيين في قطاع الشحن البحري الأميركي إن شركاتهم تعرّضت لهجمات إلكترونية، وفق استطلاع أجرته شركة جونز ووكر القانونية عام 2022.
ويعد الشحن البحري ضروريا بالنسبة للاقتصاد العالمي، إذ ينقل أكثر من 80 في المئة من السلع التجارية، وفق مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).
وتضم البنية التحتية بأكملها ما يصفه خبراء بنقاط فشل فردية إذ بإمكان هجوم إلكتروني واحد في ميناء أن يؤدي إلى كارثة لوجستية في سلسلة التوريد بأكملها.
وقال الأستاذ المساعد في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني روب نيكولز لفرانس برس “إذا كنت تبحث عن هدف، فسيكون هذا هو الهدف”.
وتابع “لذلك فإنه بموجب القانون الأسترالي وبشكل متزايد حول العالم، تعد الموانئ بنى تحتية حيوية نظرا إلى أنها نقطة إخفاق واحدة ضمن سلسلة إمداد”.
وحذّرت لجنة سايبرسبيس سولاريوم الأميركية في تقرير هذا العام من أن “هجوما سيبرانيا على منظومة بيئية بحرية معقّدة يمكن أن يكون مدمّرا بالنسبة لاستقرار الاقتصاد العالمي”.
وازدادت أتمتة واتصال عمليات الملاحة البحرية العالمية بشكل سريع في السنوات الأخيرة، إذ تربط كل شيء انطلاقا من آلات التعامل مع الشحن في الموانئ مرورا بضبط حركة الملاحة في الممرات المائية، وصولا إلى أجهزة الاستشعار على متن السفن.
وبينما عزز ذلك الفعالية، إلا أن شركات أمنية وهيئات حكومية حذّرت من أنه باتت هناك الآن المزيد من النقاط التي يمكن لمنفذي الهجمات الإلكترونية استهدافها.
وعلى سبيل المثال، يمكن لعملية تسلل في مكتب مدير أحد الموانئ أن تسمح لمنفّذ عملية الاختراق بإدخال برمجية خبيثة قادرة على شل المنشأة بأكملها.
وقالت شركة مايتر الأميركية الأبحاث في تقرير هذا العام إن “الموانئ تمثّل بيئات غنية بالأهداف” بالنسبة لمنفذي الهجمات الإلكترونية.
ويمكن لتداعيات شلل ميناء واحد أن تصل إلى العالم بأكمله، وفق نيكولز الذي طرح مثال أزمة حركة الملاحة عام 2021 بعد جنوح سفينة حاويات عملاقة أدى إلى إغلاق قناة السويس.
وجاء في مسح للقطاع نشرته شركة دي.أن.في لإدارة المخاطر وتصنيف حركة الملاحة العالمية هذا العام أنه كان هناك “توقع عالمي تقريبا” بهجمات إلكترونية على قطاع الشحن البحري.
وقال كنوت أوربيك نيلسن من دي.أن.في إن “الأمن الإلكتروني هو خطر متزايد على السلامة.. قد يكون حتى الخطر الفعلي في العقد المقبل”.