بعد الهرج والمرج الذي ساد إثر تقاعس مصرف لبنان عن تلبية طلبات الـ100 مليون ليرة على منصة صيرفة، طلبات عالقة منذ شهرين تقريباً وبعضها اخذت عملية إعادته بالدولار الأميركي وبالتقسيط أسابيع عدّة، عاد مصرف لبنان منذ يومين وأعلن عن جولة جديدة من العمل بصيرفة، وهذه المرّة بقيمة 10 مليارات ليرة للشركات ومليار ليرة للأفراد. على أن تصرف المبالغ بالدولار الأميركي وفق سعر منصّة صيرفة التي رفعها المركزي الى 70 ألف ليرة من 45400 ليرة.
هذا الإعلان أو التدخّل لـ»المركزي» بعد نحو شهرين على توقف عمل «صيرفة» الأفراد أو القطاع الخاص، خفّض سعر صرف الدولار بقيمة 13 ألف ليرة لبنانية من 92 ألف ليرة.
المصارف بدأت العمل بـ»صيرفة المليار ليرة»، ولكن كلّ بحسب شروط خاصة به وعمولة وقيمة محدّدة، مع محاولة البعض حفظ حقوقه من خلال الزام المستفيد بالتوقيع على ورقة ترفع عن البنك مسؤولية عدم إعادة تلك الأموال خلال فترة 3 أيام المحدّدة من مصرف لبنان.
ورغم العرض المغري من «صيرفة» بسبب الربح الذي سيحققه الفرد وهو لغاية اليوم بقيمة 9 آلاف ليرة للدولار الواحد، وهو الفارق بين سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي سجّل أمس 79 ألف ليرة و»صيرفة» الـ70 ألف ليرة، إلا أن عدداً كبيراً لا يستطيع القيام بها للأسباب التالية:
– عدم توفّر 12820 دولاراً (لصيرفة المليار ليرة) أو 6410 دولارات (لصيرفة الـ500 مليون ليرة).
– لا يتجرأ كثيرون على تجديد التجربة السابقة وهدر أعصابهم على الدولارات التي سيخرجونها من تحت الوسادة ليصرّفوها ويضعوها في حساباتهم المصرفية بالليرة بانتظار دولار مدعوم. صحيح أنه في المرة السابقة حقّق افراد ربحاً بقيمة 340 دولاراً على الـ100 مليون ليرة إلا أن ذلك أتلف أعصاب المستفيد وأصابه بإحباط الخسارة التي سيُمنى بها اذا استعاد تلك الأموال بالليرة اللبنانية.
أما من كانت تجربته جيدة واسترجع دولاراته من المصرف خلال اسبوع أو أسبوعين او شهر ولديه فائض من الدولارات المخبأة في المنزل، فتحمّس للفكرة رغم تردّده وقد يعيد الكرّة، ويحقق «دخلاً» من خلال «مشوارين» الى المصرف، بقيمة نحو 590 دولاراً لـ500 مليون ليرة اذا احتسبنا العمولة المصرفية بحدّها الأقصى وهي نسبة 5%.
الشروط المحدّدة من المصارف
أما عن الشروط التي فرضتها المصارف على المودعين لديها للتمكن من الإستفادة من «صيرفة المليار ليرة» للأفراد، فهي كما يلي وفقاً لما تبيّن لـ»نداء الوطن» في جولة أجرتها على بعض المصارف:
– بنك «عوده» على سبيل المثال اشترط للتمكن من القيام بصيرفة الـ50 مليون ليرة ان يكون لدى المودع رصيد بقيمة 20 ألف دولار على الاقل، وللقيام بصيرفة الـ500 مليون ليرة وهي الحدّ الأقصى لديه أن يكون لديه في الحساب أقلّه 50 ألف دولار، مع عمولة بنسبة 3%.
– أما بنك «سرادار» فتتطلب عملية إجراء «صيرفة» لديه أن يحصل الفرد على موعد مسبق ويوقّع على طلب لإجراء «صيرفة»، مع تقديم تبرير حول مصدر تلك الأموال وكيف حصل عليها. أما العمولة المحددة لديه فهي بنسبة 3%.
– بنك «بيبلوس» بدوره حدّد سقفاً للإفادة من «صيرفة» وهو 500 مليون ليرة، على أن يكون لديه في الحساب مبلغ يصل الى 20 ألف دولار، واذا تخطى رصيده في المصرف الـ500 مليون ليرة أو 20 ألف دولار فيمكنه إيداع مليار ليرة. أما العمولة التي يتقاضاها بيبلوس فهي متدنية اذ تبلغ 2.5% ولكن يقابلها رسم سحوبات الدولار بنسبة 7 بالألف.
– بنك «لبنان والمهجر» اشترط لمن لديه رصيد في المصرف يتخطّى الـ 50 ألف دولار أن يستفيد من 200 مليون ليرة فقط وفق منصّة «صيرفة». ومن تتخطّى وديعته الـ 200 ألف دولار يمكنه الإستفادة بمبلغ 500 مليون ليرة فقط.
– بنك «بيروت» من ناحيته حدّد الحدّ الأدنى لصيرفة عند 250 مليون ليرة، وفي تلك الحالة لا تتطلب عملية الإستفادة الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان. أما في حال أراد المودع الإستفادة من مبلغ يفوق الـ250 مليون ليرة ويصل الى المليار ليرة، فيترتّب عليه الحصول على موافقة مسبقة.
اذاً اختلفت الشروط التي حدّدتها البنوك للاستفادة من منصّة «صيرفة» وفق سعر 70 الف ليرة للدولار، ولكن معظم المصارف التزم بها بعد أن كان القطاع الخاص والأفراد فقدوا الإستفادة مجدّداً من «صيرفة» (ما عدا موظفي القطاع العام)، وعادوا للتلهّي في اقتناص فرصة اللجوء الى الصرّافين لتصريف ما لديهم من دولارات وإيداعها في المصرف بهدف استعادتها بربحية تعتبر عالية في زمن الشحّ بالعملة الخضراء وصعوبة الحصول عليها في ظلّ الرواتب شبه المعدومة بالدولار التي يتقاضاها الموظفون وانهيار العملة الوطنية!