طلاب الجامعات الخاصة في مواجهة التسليع التربوي والتعليمي

وللصروح الجامعية أيضاً “كارتيلاتها” و”سلطويّوها” أصحاب المداخيل الطائلة الذين لا يفوّتون فرصة للتعامل مع “العلم” في لبنان كبضاعة استهلاكية تخضع لقانون العرض والطلب ويفضلون حصر “التعليم ذي الجودة” بفئة ميسورة من الأوليغارشيين دون غيرهم بذريعة “صعوبة المرحلة”. وعليه، تجدد حراك طلبة الجامعات في لبنان، وخرج التلاميذ في سلسلة تظاهرات مطلبية يدعمهم مواطنون وناشطون لمناصرة قضيتهم في مواجهة قرارات الجامعات الخاصة دولرة رسومها وزيادتها أضعافاً بنحو 160% بما يهدد مستقبل عشرات آلاف الطلاب.

“الحال من بعضه” هو عنوان المرحلة، وعنوان الخوف من قوة هذا الاتحاد الطلابي بين مختلف الطبقات الاجتماعية التي عملت سياسات مختلفة على فصلهم. وللمرة الأولى منذ سنوات، تم توحيد الصفوف بين تلامذة الجامعة اللبنانية الرسمية وتلامذة الجامعات الخاصة إذ اعتبر طلاب لبنان أن قضيتهم “التربوية” موحدة ومتشابكة في مصائرهم المجهولة بين طلاب في “اللبنانية” يعانون سياسات تدمر وتهمل التعليم الرسمي بشكل ممنهج يفسح المجال أمام إدارات الجامعات الخاصة للتسليع التربوي والاستفراد بطلاب “الخاصة” وذويهم ليصبح الحال واحداً بين مختلف الطبقات الاجتماعية إذ أنه في آخر المطاف يُدفع بكليهما إما نحو وقف المسيرة التعليمية أو السفر بهدف التحصيل العلمي ليصطدما أيضاً بأزمة التحويلات إلى جامعات الخارج! رأت ديما الأعور، وهي طالبة في الجامعة اللبنانية، في حديث مع “نداء الوطن” أن “قرار الجامعة الأميركيّة في بيروت إتخاذ قرار دولرة الأقساط قد مهّد الطريق أمام سائر الجامعات الخاصّة وأن “السبحة ستكرّ” على غير ذلك من القرارات ما لم تنتصر المعركة الطلابية لوقف استنزاف الأهالي، وقد أتت اللافتات المطلبية موحّدة بين سائر المتظاهرين لتؤكّد أنّ “الطالب ليس زبوناً” وأن التعليم حق وليس سلعةً أو امتيازاً”، معتبرة أن “حقوق طلاب “الأميركية” لا تختلف عن حقوقها كطالبة في “اللبنانية” وأن هناك تقاعساً كبيراً للجهات الرسمية المعنية بكل الجامعات سواء الرسمية منها أو الخاصة في التصدي للتحديات التي تواجه الطلاب من “الحدت” إلى “بلس”. ففي المحصلة علينا أن نعترف أنه ان استمرت الأزمة الإقتصادية الحالية، وهو الشيء المرجح، ستشهد الجامعة اللبنانية التي تلفظ انفاسها الأخيرة بعد أن اقتُطعت ميزانيتها، نزوحاً لأعداد كبيرة من الطلاب وهو ما يطرح فعلاً تساؤلات عن القدرة الاستيعابية لهذا النزوح المتوقع”.

في السياق نفسه، أكد عضو النادي العلماني ورئيس مجلس الطلبة في الجامعة الأميركية، جاد هاني لـ”نداء الوطن” أنّ الهدف الأول والأخير للتحرّكات المطلبية المستمرة هو لمطالبة إدارات الجامعات الخاصة “بالتراجع عن الزيادة المحدّدة لفصل الربيع القادم بمعزل عن أسعار الصرف”، شارحاً أن “قرارات الجامعة الأميركية مثلاً قد اتخذت في زمن الامتحانات ومن دون سابق تحذير أو الجلوس الى طاولة الحوار مع الهيئة الطلابية المنتخبة بهدف تحديد قيمة الزيادة على الأقساط بالتفاهم مع الطلاب وفقاً لمبدأ الإدارة التشاركيّة لتأمين انخراط الطلاب عبر الممثلين الشرعيين في المجالس الطلابية، في اتخاذ القرارات المصيرية” وهو ما وجده “أمراً مستنكراً ومرفوضاً بخاصة أنه وبمقابل رفع الأقساط بنسبة 160% هناك عجز بنسبة 4.8% فقط (وهو نسبة بسيطة لا تبرر كل هذه الزيادة في الأقساط)” ويُمكن أن يوضع “في مقام “ليّ أذرعة الأهالي” الذين تمت مباغتتهم بقرار سيادي لا نقاش فيه ينقض مبدأ الاتفاق الأساسي الذي على أساسه تم تسجيل ابنائهم في الجامعة، فما الذي يمنع تكرار الأمر لاحقاً، وهل علمنا سيبقى عرضة لتغيّرات السوق؟!”.

أما عضو النادي العلماني في الجامعة الأميركية كريم صفي الدين فقد أوضح لـ”نداء الوطن” أن معركة الطلاب قد انطلقت في البدء اعتراضاً على “إقصاء الطلّاب من عملية إتخاذ وإنتاج القرارات التي تؤثر بالدرجة الأولى عليهم بشكل خاص” ورفضاً “لعدم اعتماد الجامعة مبدأ الشفافية الماليّة مع الطلاب بما يحفظ حقهم بالاطلاع والمساءلة والمحاسبة لأن الجامعة الأميركية هي منظمة حكومية لا تبتغي الربح ولديها استثمارات في جميع أنحاء العالم وتستفيد من هبات تفوق الـ700 مليون دولار” وامتعاضاً من “سياسات توزيع الأولويات غير المنصفة في الجامعة الأميركية والمتمثلة بإدارة توزع مواردها بشكل غير عادل وبطريقة منحازة تأتي في غالب الأمر على حساب العمال الذين يتقاضون حداً أدنى من الرواتب أو الطلاب من الفئات الضعيفة والمهمشة مادياً” لافتاً إلى أن “تبرير العنف ضد الطلاب مرفوض، وتحويل الصرح الجامعي لثكنة عسكرية ووصف الطلاب بصفة “المقتحمين” لها غير مبرر، أما المضحك جداً فهو اتهامهم كطلاب بالتآمر مع “الممانعة” او “حزب الله” بسبب ظهور شخص مسن على احدى الشاشات مستخدماً بعض المصطلحات التي لم تعجبهم!”.

وختم “أما بالنسبة لموضوع عدم تصرّف القوى الأمنية بشكل لائق مع المشاركات من النساء إذ أظهرت الصور بعض اللقطات الصادمة والتي يظهر فيها ما هو “تحرش” واضح، فهو أمر مستنكر”. في المحصلة، شعر البعض بعودة روح الثورة عبر الشعارات المرفوعة من الطلاب والمطالبة بـ”اسقاط تسليع ودولرة التعليم” و”إنتاج العقد الطلابي” و”استعادة الجامعة اللبنانية” كمطالب محورية في مسار التغيير السياسي والاجتماعي الذي ثار من أجله اللبنانيون في 17 تشرين، فهل سيكون “العلم” هذه المرة هو “الشعرة التي قصمت ظهر البعير؟”.

 

 

مصدرنداء الوطن - مريم مجدولين لحام
المادة السابقةهاتف متطور بسعر مقبول من سامسونغ مخصص للعمل مع شبكات 5G
المقالة القادمةجمعية الصناعيين: لن نخذل المواطنين في ظل الأزمة المالية والإقتصادية