طلبات الإخلاء تتزايد… أزمة سكن في الأفق؟

انتشرت أخيراً ظاهرة إرسال المالكين إنذارات الى المستأجرين بالاخلاء في حال قاربت مدة عقودهم التأجيرية على الانتهاء والمحدّدة بثلاث سنوات، وذلك خشية تكرار تجربة المالكين القدامى الذين رغم مرور حوالى 40 عاماً على تأجيرهم للمباني القديمة لم يتم إنصافهم بعد، وهم لا يزالون يتقاضون ايجارات بخسة تبدأ من 50 الف ليرة شهريا، فكيف الحال اليوم مع انهيار سعر الصرف؟ أما المالكون الذي ينطبق عليهم قانون الإيجارات الجديد وانطلاقاً من مقولة «ما مِت ما شفت مين مات» يتحركون اليوم تخوفاً من ان يلقوا المصير نفسه كأسلافهم بعدما فقدت الإيجارات الجديدة من قيمتها نتيجة انهيار سعر الصرف. على سبيل المثال، انّ ايجار منزل محدّد بـ300 دولار سابقاً لا يزال يقبضه المالك على سعر صرف 1500 ليرة بما يساوي 450 الفاً فيما تساوي هذه القيمة اليوم ما بين 25 الى 30 دولاراً، فهل بإمكان المالك أن يعيش من هذا المبلغ في حين ارتفعت أسعار السلع 900%؟

لكن، وفي المقلب الآخر للمشهد، يعاني المستأجرون أيضا الضائقة الاجتماعية، وبالتالي ان أي زيادة في العقود التأجيرية ستكون لها انعكاسات اجتماعية كارثية على آلاف المستأجرين الجدد والذين يقدّر عددهم وفق ارقام وزارة المالية الصادر عام 2018 بـ 92.301 مستأجراً لوحدة سكنية و87.089 لوحدة غير سكنية. في المقابل، دعت نقابة مالكي العقارات والابنية المؤجرة كل المالكين للامتناع عن تجديد العقود التأجيرية لخدمة السكن أو غير السكن وذلك عند انتهاء مدة الثلاث سنوات، طالما الدولة لم تحرّر بعد املاكهم القديمة في الإيجارات غير السكنية.

في السياق، يقول رئيس نقابة مالكي العقارات والابنية المؤجرة باتريك رزق الله لـ«الجمهورية» انّ دعوة النقابة هذه أتت انطلاقاً من أن المالك لا يزال يقبض حتى اليوم 50 الف ليرة فقط كثمن ايجارات من المباني القديمة غير السكنية، امّا الإيجارات الجديدة بالعملة اللبنانية فما عادت تساوي شيئاً، اما تلك المسعّرة بالدولار فيرفض المستأجرون تسديدها بهذه العملة وقد رضينا بذلك، انما يكمن الخلاف حول أي سعر صرف نتقاضى الايجار؟ نحن نرفض اعتماد تسعيرة 1500 ليرة للدولار بينما الدولار في السوق الموازي يقترب من 13 الفاً، في المقابل يصرّ محامو المستأجرين على التسديد وفق سعر 1500 ليرة وهم بذلك يدفعوننا للدخول في نزاعات قضائية لا تنتهي. انطلاقاً من ذلك أتت مناشدتنا للمالكين بعدم تجديد العقود التأجيرية، اذ لا يعقل ان يتحمّل المالك الإيجارات القديمة التي لا قيمة لها وتسعير الايجارات الجديدة وفق سعر صرف 1500 ليرة فالمالك بهذه الطريقة يكون قد تأذّى من الجهتين: الإيجارات القديمة والجديدة.

لذلك نحن نطالب الدولة اليوم، إمّا بالسماح لنا بتقاضي بدل الايجار وفق سعر المنصة أي 3900 ليرة، او بدعم قيمة الإيجارات على غرار دعمها لبعض السلع. وأعرب رزق الله عن خشيته من تكرار تجربة الإيجارات القديمة عندما عقدت عام 1984 جلسة لمجلس النواب مدّدت بموجبها عقود الإيجارات تحت حجة الحرب والأوضاع المعيشية المتردية لمدة عام، وسجل في تلك السنة بدء انهيار الليرة اللبنانية امام سعر صرف الدولار اما الاستثناء فنَصّ يومها على الآتي: تمدد عقود الإيجارات من دون زيادات نظرا للظروف المعيشية التي تمر بها البلاد. وللأسف فإنّ هذا الاستثناء استمر من عام الى آخر حتى مضى عليه 40 عاماً.

مصدرجريدة الجمهورية - إيفا أبي حيدر
المادة السابقة«صندوق النقد» يقترح خطة بـ50 مليار دولار لإيقاف «نزف كورونا»
المقالة القادمةهل يُدرك سلامة حجم الورطة التي تنتظرهُ؟