أصبح تقرير «كرول» الخاص بالتدقيق الجنائي في تعاملات مصرف لبنان مع شركة «أوبتيموم» مع 139 مؤسسة مالية دولية، هذا التدقيق صدر في تقرير يتناول شبهات حول عمولات قدرها 8 مليارات دولار. فهل من علاقة بينها وبين أموال المودعين؟
يُشير مؤسس جمعية «أموالنا لنا» فراس طنوس إلى أنّه «منذ أن بدأت الأزمة حتى اليوم، نتفاجأ كلّما دقّقنا أكثر في الموضوع ودخلنا في التفاصيل بشركات جديدة وهمية، منها شركات باتت معروفة بالنسبة لنا وأخرى ما زالت مجهولة ونكتشفها يوماً بعد يوم. والمعروفة منها حتى اليوم «فوري» و»أوبتيموم» وملف شحن الأموال».
وأضاف: نعم للمودعين علاقة بكل ذلك. فعندما تقول المصارف إنها وضعت أموالنا في مصرف لبنان (مع العلم أن المصارف هي من قرّرت أنّ أموال المودعين في مصرف لبنان) نجيبها بأن «أرباح المصارف هي التي وضعت في مصرف لبنان، وأموالنا هرّبوها إلى الخارج. وإذا ثبُتَ بأنهم علّقوا المودعين وهرّبوا أموالهم الى الخارج فهذا يُدينهم، لأنه يسمّى احتيالاً في القضاء، بحسب مواد النقد والتسليف».
«تباين» في ملف «أوبتيموم»
ويضيف طنوس خلال حديث مع صحيفة «نداء الوطن»، «بالإضافة إلى «فوري» التي تم حجز أملاك لها بنتيجة قضيتها بقيمة نصف مليار دولار، غير الأموال الكاش والشركات الوهمية في الكايمان آيلند والجنات الضريبية، هناك شركة «أوبتيموم»، إذ تبيّن بعد التدقيق في الملف، أنّ هناك تبايناً بين الصفحة 99 من تقرير «الفاريز أند مارسال»، والتدقيق الذي أجرته «كرول» في حسابات «أوبتيموم». هذا الأمر يستدعي أن يتم التدقيق مجدداً في ملف «أوبتيموم» في مصرف لبنان. وهذا ما نشدّد عليه ونؤكد أن مطلبنا في هذا الموضوع وفي ملف «أوبتيموم» أن يصار الى إجراء تدقيق جنائي جدي من قبل «كرول»في مصرف لبنان وهي الشركة التي بدأت التدقيق في «أوبتيموم»، وتبيّنت لها فروقات بقيمة 8 مليارات دولار لا نعرف أين ذهبت، كما أن طريقة الربح السريع التي حصلت تثير الشكوك، لذلك من المفترض أن تقوم «كرول» بعملية تدقيق في المصرف المركزي».
منصوري «يتذرّع»
ويشير طنوس إلى أنّ «حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يتذرّع منذ بداية الأسبوع ويقول إنه تعاون مع القضاء وسلّمه كل المستندات المطلوبة، رغم أننا عندما زرناه طلبنا منه هذا الطلب وقال إنه حاضر، لكننا تفاجأنا أنه أعطى المعلومات التي تعتبر بمثابة تعاون مع القضاء للمدعي العام المالي علي إبراهيم، والأخير لم يقم بأي تحرّك باتجاه سرقة العصر منذ خمس سنوات حتى اليوم. ونتذكر جيداً ملف الـ11 مليار دولار، الذي كلف المدعي العام المالي به وانتهى بفنجان قهوة في مكتبه، ونحن نخاف من فناجين القهوة. لأن سرقة طويلة عريضة بمبلغ 8 مليارات دولار لا يمكن حلّها بشربة قهوة، فتهريب الأموال حصل عندما كنا في عز الأزمة والمصارف مقفلة، علماً أنهم أخرجوا بحدود الـ5 مليارات دولار. اليوم إذا حسبنا 5 مليارات و8 مليارات و»فوري» والأملاك المحجوزة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بقيمة نصف مليار دولار عدا الكاش، وحسبنا قيمة أموال المودعين، نجد أنها تغطي 80 في المئة من حسابات المودعين المحجوزة أموالهم التي وهي بحدود الـ8 مليارات. وبالتالي هذه السرقات التي كُشِفت حتى الآن، تساوي 80 في المئة من أموال صغار ومتوسطي المودعين ويُمكن رد أموالهم بنسبة مئة في المئة. هنا نعود إلى مقولة إن البلد منهوب وليس مكسوراً. وهذا ما نشدّد عليه».
أين توزعت الـ8 مليارات؟
ويعتبر أن «هذه الأموال الـ8 مليارات العائدة الى «أوبتيموم، توزّعت على السياسيين والأمنيين الذين يرفضون توقيف رياض سلامة، وعلى الأمنيين الذين يرسلون حماية «طويلة عريضة» إلى عرس ابن شقيقه، وعلى الأمنيين من العناصر الذين تواجهوا مع عناصر أمن الدولة الذين توجّهوا للقبض على سلامة وكان في منزله، وعناصر في فرع المعلومات الذي حماه في الوقت نفسه بغير مسوّغ قانوني أو قرار قضائي، فاشتبكوا مع بعضهم البعض وكادوا يصلون إلى رمي بالنار، ولا ننسى القضاة… كل هؤلاء أخذوا من الـ8 مليارات».
ويضيف: «مثال على تورط القضاة، أمس توجه مواطن الى مصرف معين ليوقع على التعميم 158 للحصول على الـ 400 دولار، وتبيّن أن المستند الذي وقّعه ينصّ في فقرته الأخيرة على: نحن نوافق بصورة غير قابلة للرجوع عنها أن تكون محاكم بيروت وحدها المختصة للنظر في أي نزاع قد ينشأ عن علاقتنا بالمصرف. أي أن المصارف تريد فقط محاكم بيروت، وليس مدعي عام البقاع أو الجنوب أو جبل لبنان أو الشمال أن يتدخلوا، والسبب أن الشبهات على بيروت»، ويستطرد: «نديم قصار قال اذهبوا وادّعوا في بيروت، فهل ساعد قضاة على إخراج أموالهم لأن رواتبهم في فرنسبنك؟؟ كما أن توطين رواتب كل الأمنيين والأمن الداخلي هو في فرنسبنك. هذه المعلومات كلها يجب ربطها ببعضها البعض».
محاسبة حقيقية تساهم في حل جزئي
يؤكد طنوس «ضروة التدقيق في حسابات مصرف لبنان لأن من اطلع على تقرير «ألفاريز أند مارسال» يعرف أنها ذكرت أنه لم يحصل معها أي تعاون ولم يسلموها المستندات اللازمة. لا بل عندما بدأ التدقيق الجنائي الذي طالب به رئيس الجمهورية وقتها، أخّروه نحو سنة في مجلس النواب حتى أقرّوه كما يريدون وألغوا منه عدة بنود، وعدّلوه ليصبح على قياسهم. ومع هذا كله، عندما حصلت قضية «فوري»، أيضاً ذكروا أنّ «حاكم المصرف المركزي لم يتعاون معهم ولم يسلمهم المستندات التي طلبوها خلال التحقيقات الأوروبية في بيروت. التدقيق الذي أجرته «ألفاريز أند مارسال» ورغم شح المعلومات التي تمكّنت الشركة من الحصول عليها، صدر عنه فضائح. واليوم هذه الفضائح التي نتحدث عنها تدخل في أموال المودعين، أي أن المودعين يستطيعون أن يستحصلوا على أموالهم في حال حصلت محاسبة حقيقية وصحيحة في مصرف لبنان، بالإضافة الى المصارف وأرباحها غير الشرعية التي حصلت عليها وأيضاً «فوري» و»اوبتيموم» وشحن الأموال التي حولت الى الخارج أثناء إقفال المصارف في فترة الـ21، هذه كلّها تحل مشكلة جزء كبير لا يستهان به من المودعين».
«حساسية» ميقاتي
ويضيف: «قبل أن نقول نريد أن نحاسب والتدقيق في أموال مشروعة أو غير مشروعة، وقبل أن نقول إننا سنرفع الضرائب ونوقف الفساد على المرفأ، بهذه العملية الحسابية الصغيرة، يمكن أن تحل مشكلة كبيرة. بينما الإتجاه السياسي واتجاه المصارف هو أن الدولة يجب أن تتحمّل المسؤولية. من هي الدولة، وهل يقصدون بالدولة الأشخاص الذين أداروا المرافق العامة ولم يحسنوا الإدارة أو حيث حصلت عمليات فساد في هذه الإدارات، أم يقصدون بالدولة أملاكها أي أننا أمام معادلة «عفا الله عمّا مضى» وعمن سرق الدولة وخزينتها، فنسامحه؟ هل سنسرق الدولة مرة أخرى ونستولي على أملاكها؟ هذه مشكلة كبيرة. لذلك علينا متابعة «أوبتيموم» وغيرها من الشركات التي قد تظهر تباعاً، علماً أن قضية أوبتيموم ستطال مصارف كبيرة وسياسيين كباراً. ولا ننسى أن أوبتيموم مملوكة من «لي بنك» الذي فيه مستشار الرئيس نجيب ميقاتي، نقولا نحاس. والرئيس ميقاتي لديه حساسية على هذا الملف، وقد يستشرس أكثر على القاضي الذي يحرك الملف أو يحاول أن يفتح الملف ويدقّق ويحاسب. ومن الممكن أن نرى في الأيام المقبلة هجوماً أكبر على القاضية غادة عون أكثر من السابق، بحكم أن ملف «أوبتيموم» وضع على النار. وأطمئن كل المواطنين الذين فقدوا الأمل ألا يفقدوه لسبب أن كل ما ترونه يحصل في لبنان، فنحن جمعية «أموالنا لنا» وجمعيات حقوقية والشباب الأوادم الذين يعملون بجدية على موضوع الودائع والمودعين، نتعاون كلنا معاً لإيصال هذه المعلومات والقضية الخاصة بشركة أوبتيموم وغيرها الى المحاكم الأوروبية والدولية والأميركية وربما قريباً البريطانية.
ويطالب المودعين بـ»ألا يخافوا لو مهما حصل، حتى لو أن القضاء اللبناني لا يعمل وأن السياسيين يعرقلون عمل القضاء، كما عرقلونا في ملف رياض سلامة لكن لن يتمكنوا من إيقافنا. وعملنا كفريق في فرنسا على الملف ووصل الأمر الى مرحلة إصدار مذكرات إنتربول لرياض سلامة. لا تضعوا أيديكم في مياه باردة لكن في الوقت نفسه لا تفقدوا الأمل لأن في حال لم يتمكن القضاء اللبناني من القيام بعمله، فإن القضاء الأجنبي سيقوم بذلك».
ويرفض طنوس في ختام حديثه، التدقيق الداخلي في المصرف المركزي»، معتبراً أنه «لا ينفع» ويطالب بأنْ «يُستكمل تدقيق شركة «كرول» وتتمّ مطابقته «مع التدقيق في «أوبتيموم» وتقرير «ألفاريز أند مارسال « في المصرف المركزي».