طوابير السيارات… هذه المرّة أمام “النافعة”

أرسل محمد الشيخ مرّتين، سيارته الجديدة وهي من نوع Mazda 2020 والمستوردة من الخارج إلى مصلحة تسجيل السيارات والآليات في الشمال، ولم يتمكّن من تسجيلها.

محمد من قرية مزرعة بلدة في عكار، قاد سيارته شخصياً في المرّة الأولى إلى النافعة لتسجيلها، لكنّ الرجل الستيني لم تسعفه صحّته كثيراً فتوعّك نتيجة الوقوف تحت الشمس، فعاد إلى البيت عند الساعة 12 ظهراً وقرر إرسال السيارة مع إبنه لاحقاً. لكن الإبن لم يتمكّن بدوره من تسجيل السيارة لأنّه وصل متأخّراً بعد الساعة العاشرة صباحاً فوجد الطوابير أمامه، فقرّر العودة إلى عكار علماً أنّ أحد الأشخاص اقترب من سيارته قائلاً له: «أنا بوصلك على الباب بس بتدفع 40 دولاراً»، بينما نصحه آخر بأن يترك السيارة في عهدته ويعود بعد العصر وسيجدها قد وصلت إلى المكان المخصّص للتسجيل وقد اجتازت دورها.

ما حصل مع محمد هو بعضٌ مما يحصل مع كثيرين يرتادون النافعة في الشمال لتسجيل السيارات. فبعد أيامٍ على عودة العمل في مصلحة تسجيل السيارات والآليات في المناطق بما فيها نافعة الشمال؛ في مركزها الكائن على طريق طرابلس – الضنية، إثر إنهاء إضراب طويل دام لأشهر، لم يتغيّر شيء لناحية صرخات المواطنين وتذمّرهم من الإزدحام الكبير والطوابير التي تشهدها المصلحة.

فالطوابير باتت ملازمة لأي يوم عمل تفتح فيه أبوابها، مع العلم بأنّها حالياً تعمل بشكل جزئي، لتسجيل السيارات الأجنبية فقط، أي السيارات المستوردة من الخارج ولم يسبق لها التسجيل قبل ذلك في لبنان، لكي تأخذ أرقاماً ولوحات لبنانية، في حين أن السيارات الموجودة في لبنان فلا أحد يسأل عنها، وبالتالي فإنّ معاملات نقل الملكية والمعاينة الميكانيكية وما شابه كلّها متوقفة، ومع ذلك تصطفّ السيارات والآليات بالطوابير أمام مركز النافعة. فماذا لو كانت كل السيارات يتم تسجيلها إلى جانب المعاينة؟ وكيف سيكون الوضع حينها؟

وإلى جانب طوابير الانتظار، يشكو المواطنون من البطء الحاصل في عمليات التسجيل، على الرغم من أنّ وزارة الداخلية كانت أعلنت بأنها وضعت آلية ترميز سيتمّ على أساسها تسجيل السيارات لتفادي حصول الزحمة أمام مراكز التسجيل. ويتذرّع الموظفون أكثر الأحيان لتبرير الزحمة، بوجود بطء وأحياناً أعطال في نظام العمل والكشف الذي ينظّم عمل النافعة.

وإلى زحمة السيارات في النافعة ثمّة زحمة معقّبي المعاملات الذين عادوا إلى العمل بعد انقطاعٍ طويل، وقال أحدهم لـ»نداء الوطن: «عدنا بعد غيابٍ طويل للعمل الأحبّ إلى قلوبنا. أيام طويلة مرّت، صرفنا فيها كّل ما لدينا من مال واستدنّا أيضاً. صحيحٌ أنّها عودة غير مكتملة ولكنّها تبقى أفضل من الإقفال التام ونحن نطالب بالضرب بيد من حديد على السماسرة غير القانونيين وعلى الشبّيحة الذين يعيثون فساداً في النافعة».

في الشمال مركز واحد لمصلحة تسجيل السيارات والآليات وللمعاينة ويشهد ضغط كل مناطق الشمال وأقضيته، من زغرتا إلى الكورة فطرابلس والضنية والمنية وعكار. قبل سنوات وفي عهد وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق جرى حديث عن اتجاه إلى فتح مركز للنافعة في عكّار ولكن سرعان ما تراجع الأمر ولم يكن أكثر من طرح وُئد في مهده. ويطالب المواطنون بفتح مركز جديد للمعاينة في الشمال ليحمل جزءاً من الضغط عن مركز طرابلس، وأن تطبّق اللامركزية الإدارية في هذه المراكز لكي يتمكّن صاحب السيارة أينما كانت أوراقها من تسجيلها في النافعة في منطقته، لا سيما في هذه الظروف، توفيراً للوقت والجهد والمال.

مصدرنداء الوطن - مايز عبيد
المادة السابقة“الكابيتال كونترول” الحكومي باطل وتطبيقه يعزز حكم الفساد
المقالة القادمةلبنان بين أسوأ النماذج في أسواق الدين الدولية