طي صفحة الحروب يفتح معابر السودان التسعة

قررت الحكومة السودانية فتح المعابر الحدودية مع دولة جنوب السودان والبالغ عددها 9 معابر، إلا أنها لم تحدد موعداً لذلك، عقب توقيع 6 اتفاقيات سلام لإنهاء الحرب في عدد من مناطق النزاع، وخصوصاً في إقليم دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

وزيرة المالية هبة محمد علي التي أعلنت فتح المعابر التجارية وتعزيز النقل النهري قريباً، وتأليف لجنة وزارية مشتركة تبدأ عقد لقاءات دورية، أكدت أن دفع التعاون الاقتصادي قضية أساسية يتطلب تحقيقها وضع اللبنات لانطلاق الدولتين نحو المصالح المشتركة خلال فترة انتقالية ومضاعفة الفائدة الاقتصادية.

ومنذ قررت الحكومة السودانية عام 2012 إغلاق الحدود لم تنتظم الحركة التجارية إلا لماماً، ووصلت العلاقات بين الخرطوم وجوبا إلى انهيار شبه تام قبل أن تغرق دولة الجنوب في المشاكل، وهي التي تمتلك أطول حدود (ألفي كيلومتر) مع السودان والمصنفة ضمن الدول المغلقة، وظلت لا تملك منفذاً بحرياً، فضلاً عن حداثة سنها، وبقيت تعتمد على أكثر من 50 سلعة سودانية، الأمر الذي جعل من إغلاق الحدود أكثر كارثية ومحفزاً لتهريب السلع والبضائع.

وكان لإغلاق المعابر الحدودية أثره السلبي على الخرطوم وجوبا معاً، وخلف آثاراً اقتصادية لا تزال تُلقي بظلالها على الشعبين رغم أن الخرطوم كانت دائماً ما تلقي باللائمة على العاصمة جوبا وإيوائها بعض الحركات المتمردة، الأمر الذي حال دون فتح المعابر مؤثراً على الحركة التجارية.

إلا أن الخرطوم وبعد التوقيع على اتفاق السلام مع الحركات المسلحة، ارتأت ضرورة فتح المعابر الحدودية لانتفاء الأسباب السابقة.

ورحّب اقتصاديون بقرار فتح المعابر نظراً للمصالح الاقتصادية المشتركة التي تربط البلدين، بخاصة أن دولة الجنوب تعتمد كثيراً على المنتجات السودانية، وطالبوا الحكومة بتسهيل وتنشيط الصناعة والإنتاج كي تعم الفائدة، علماً أن فتح المعابر سيعمل على تفعيل الموارد المحلية وزيادة حركة الإنتاج، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على انخفاض العملة بما يحقق المصلحة المشتركة، ناهيك بأن فتح المعابر يفتح آفاقاً جديدة لدولة الجنوب التي تعتبر من الدول المغلقة وتحتاج إلى منفذ بحري.

الخبير الاقتصادي عادل عبدالمنعم يقول لـ”العربي الجديد” إن المستفيد الأول من فتح المعابر “شرعياً” هو الجنوب، فيما المستفيد الأكبر “مادياً” هو السودان باعتبار أن الجنوب يعتمد على نحو 70 سلعة سودانية، ما يؤدي إلى استقطاب مزيد من العملات الأجنبية إلى السودان بجانب زيادة الإيرادات.

ووفق عبدالمنعم فإن الجنوب يعتمد على النفط الذي يمكن أن يتم توظيفه لمصلحة البلدين، وأن فتح الحدود يدعم العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويعزز سبل السلام ويحد من ظاهرة تهريب بعض السلع، مثل البصل والسكر والمواد الاستهلاكية المنتجة محلياً، كما أن الجنوب يمكن أن يصدر إلى السودان كثيراً من السلع، مثل البن والشاي والأخشاب.

كما يعتبر فتح المعابر بداية لإصلاح سياسي سينعكس أثره على الاقتصاد، حيث يمكن تحاشي كثير من المشكلات الأمنية، وتسهيل حركة الصادرات والواردات من البضائع والسلع والمواشي واستيراد الوقود ومشتقاته بالطرق الرسمية.

بدروه، يرى الخبير الاقتصادي إبراهيم الزين، أهمية فتح المعابر من زاوية أن الجنوب كان يعتمد على السلع السودانية كثيراً قبل الانفصال عام 2011، بحيث إن أكثر من 70 سلعة كانت تذهب من السودان إلى الجنوب، مثل الذرة والبصل والملح وكثير من السلع الأخرى عندما كان السودان دولة موحدة من دون حواجز، وهي سلع محلية ومتوافرة في السودان، مضيفاً: “يمكن الآن بعد فتح المعابر أن تذهب السلع إلى الجنوب بإجراءات جمركية محددة، وهي تشكل إيجابية بين البلدين من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية”.

كذلك يقول الزين إن “هنالك مصالح اقتصادية مشتركة مثل النفط وتصديره عبر الأراضي السودانية، وهو ما يشكل نوعاً من الترابط والتكامل والتكافل المشترك لتحقيق المنفعة المتبادلة، وتوقع أن يبلغ حجم التجارة البينية نحو 1.5 مليار دولار في العام شرط تحديد منافذ عبور محددة إلى جانب فتح فروع مصرفية في كلا البلدين”.

ورغم أن إيقاف التجارة الحدودية بين البلدين قد أثّر مباشرة على اقتصاد البلدين، وأضرّ بانسياب السلع التي تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن كثيرين يرون أن عناصر التقارب بين جوبا والخرطوم هي أكبر من ذلك، وتتمثل في وجود وسائل نقل برية ونهرية وجوية، ما يعني سهولة الانتقال وتسهيل التجارة البينية وتبادل السلع والخدمات بين السودانيين.

مصدرالعربي الجديد
المادة السابقةارتفاع عمليات التسريح في أميركا بنسبة 231% في 2020
المقالة القادمةسرقة اسلاك كهربائية في بلدة خربة شار في عكار