عاصفة رفع الدعم تهبّ قبل أوانها

تتفاعل قضية رفع الدعم عن السلع، ولو تدريجاً، وتثير القلق لدى المواطنين، خصوصاً انّ الأرقام التي يجري تداولها في شأن الاسعار الجديدة للسلع بعد رفع الدعم تبدو مرعبة، وليست في متناول غالبية اللبنانيين. بالاضافة الى أنّ احتمالات ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء ستصبح مرجّحة، بما يعني المزيد من التضخّم والفقر.
عمّت حال من الفوضى أمس في الأسواق مع ابلاغ معظم اللحّامين زبائنهم انه اعتباراً من اليوم تعود اسعار اللحوم الى ما كانت عليه قبل الدعم اي الى حوالى 60 الف ليرة للكيلو بسبب توقّف الدعم، ما أدّى الى التهافت على شراء اللحوم وتخزينها تحسّباً لارتفاع الاسعار. فما حقيقة ما يصيب الدعم؟ وهل بدأنا بسيناريو الرفع الجزئي له؟

يؤكد مدير عام وزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر لـ«الجمهورية» ان اللحمة المدعومة لا تزال متوفرة، وقد جرى امس توقيع ملفات لاستيراد اللحوم. وعَزا هذه البلبلة في السوق الى تصريف الشحنات التي سبق وتمّ استيرادها. وقال: انّ السوق اللبنانية متعطشة لشراء اللحمة لا سيما بعد توقف اللبنانيين عن شراء اللحوم في وقت سابق نتيجة ارتفاع اسعارها فتوجّهوا نحو شراء الدجاج، لكن عندما انخفض سعر اللحمة نسبياً، عاد الطلب عليها بينما تراجع الطلب على الدجاج بعد تسجيل ارتفاع لافت في أسعاره.

وأكد انّ غالبية الناس يستفيدون من الدعم على اللحمة، لافتاً الى انّ اللحوم المبرّدة لا تزال متوفرة في كل السوبرماركتات، وسعرها مدعوم كذلك ومقبول.

أما عن نية بعض اللحّامين في رفع اسعار اللحمة الى 60 الفاً فناتج عن توجّه اصحاب المواشي الى رفع الاسعار، وفي الواقع لقد وافقت وزارة الاقتصاد على طلب استيراد المواشي منذ نحو اسبوعين، ومن المتوقع ان تصل في اليومين المقبلين شحنة جديدة من المواشي، وقد وقّعنا امس تأمين الدعم، وبالتالي لا مشكلة في هذا الموضوع. أمّا إذا عمد احد اللحّامين الى رفع سعر الكيلو لأيام بسبب انقطاع احد الموردين عن المنتجات المدعومة، فهو لا شك سيعيد خفض الاسعار في الايام المقبلة لأن لا رفع للدعم بعد.

أما بالنسبة لانقطاع صدر الدجاج من السوق وخلق سوق سوداء تبيع الدجاج بأسعار أغلى من تلك المسعّرة من قبل وزارة الاقتصاد، فقال ابو حيدر: انّ هذا الموضوع قيد المعالجة، وقد اجتمع للغاية وزير الاقتصاد راوول نعمه بالمعنيين واستمع الى اقتراحاتهم في هذا الخصوص، وهو يتابع هذا الملف ايضاً مع وزارة الزراعة للوصول الى الحل الافضل، كاشفاً عن إعداد دراسة جديدة عن الكلفة والاسعار تهدف الى ارضاء المستهلك أولاً ثم المزارعين والتجار.

مواقف معترضة

في السياق، رفض رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر «مبدأ رفع الدعم التدريجي المقترح على الدواء والمشتقات النفطية الذي يصبّ في خانة القرارات العشوائية التي اتخذت وتتخذ، ولا تؤدي إلّا إلى مزيد من الفقر والإذلال لهذا الشعب وتحميله وزر سياسات مالية خاطئة وهندسات كارثية أودَت بالبلاد إلى شفير الإفلاس والانهيار».

ووجّه الأسمر، في بيان، الشكر الى اللجان النيابية على إقرارها:

– مبدأ الدولار الطالبي، مطالباً حاكم مصرف لبنان بتأمين مستلزماته التطبيقية.

– مشروع قانون الإثراء غير المشروع الذي يمهّد الطريق امام مكافحة الفساد والشروع بالإصلاح.

وطالبَ «اللجان بتأجيل درس اقتراح القانون الرامي الى إلزام الصناديق والمؤسسات، ومنها تعاونية موظفي الدولة وغيرها، تسديد المِنَح التعليمية مباشرة الى المدارس المعنية، لِما يشكّله هذا الاقتراح من اعتداء على حرية الناس في صرف أموالهم، ولكونه يضع رقاب الأهالي تحت سكين الدولة والمدارس ويصبح التلامذة في مدارسهم ودوامهم عرضة للابتزاز الناتج على الصعوبات الادارية والمالية التي تطرأ، ونراها كل يوم في التعامل مع الادارات والمؤسسات الرسمية.

بدوره، أعلن رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس، في بيان، انّ «معاناة اللبنانيين تزداد جرّاء الأزمات الإقتصادية – المعيشية، التي تستوجب أعلى درجات الاستنفار الوطني على كل الصعد، ولا سيما التكافل النقابي – الشعبي لإجهاض أي مشاريع تزيد من آلام المواطنين، وتحديداً ما يُحكى عنها من نوايا لرفع الدعم عن صفيحة البنزين».

واكد «اننا في اتحادات النقل البري معنيّون في منع تنفيذ أي خطوة تؤدي الى رفع سعر صفيحة البنزين. يكفينا الغلاء الحاصل، وعدم وجود خطط حكومية لإدارة الأزمة القائمة».

وختم: «إزاء ذلك، أدعو كل الأخوة أصحاب وسائقي سيارات النقل العمومي والشاحنات للجهوزية التامة لمواجهة خطوات الإستهداف. وسنعلن عن التحرك في حينه على مساحة كل لبنان».

من جهته، عقد عضو مجلس اتحاد النقل البري شادي السيد اجتماعات عدة في طرابلس، نقل خلالها توجّه الاتحاد وقطاع النقل البري لرفض أي زيادة لسعر صفيحة البنزين.

وقال السيد: «إننا نتمسّك بهذا الموقف الحَق الذي يعني كل مواطن لبناني مغلوب على أمره بارتفاع الأسعار، وننادي بتفعيل أجهزة الرقابة ومنع التهريب ولجم الاسواق السوداء التي تبيع المازوت والبنزين على الطرقات من دون حسيب. فكما انّ حفظ المواطن بعدم رفع الدعم عن المحروقات حق، كذلك قيام الدولة بمهامها حق أيضاً، ولِتقم كل وزارة بما عليها».

وأيّد «توجّه الاتحاد لتنفيذ أي خطوة تؤدي إلى منع رفع سعر صفيحة البنزين والقيام بأي توجّه يكفل ذلك»، متبنّياً «دعوة بسام طليس اللبنانيين كي لا يتسرّعوا ويدفعوا رسوم الميكانيك لأنه سيتم إقرار مشروع قانون الاعفاء».

 

مصدرايفا ابي حيدر - الجمهورية
المادة السابقةانتعاش مبيعات التجزئة وتراجع البطالة يدعمان التعافي الألماني
المقالة القادمةكهرباء لبنان «تتاجر» بالفيول!