الحسابات السياسية الضيقة بينما لم تحرّك الدولة ساكناً تجاه المتضررين. عام لَملم خلاله المتضررون جراحهم والدمار وحدهم كالعادة، ولم يرأف بهم سوى المغتربين وبعض المؤسسات غير الحكومية. فكيف تبدو بيروت التي تهدمت بالأمس بعد عام على انفجار المرفأ؟ الى أي مدى عادت الحياة الى طبيعتها؟ وما الذي تحقق حتى اليوم على صعيد التصليحات؟
في السياق، أكد رئيس نقابة المقاولين مارون الحلو انه بعد عام على الانفجار تحسّن الوضع كثيراً في المنطقة المتضررة، فلقد تم تصليح 50% من المنازل وذلك بفضل المؤسسات غير الحكومية NGO التي عملت بجهد كبير لتصليح المنازل المتضررة كي يتمكن قاطنوها من العودة اليها مجددا. أما بالنسبة الى وضع المستشفيات فقد عادت الى العمل بشكل طبيعي بعدما تم إصلاحها كاملة، وذلك بفضل المساعدات المالية التي تلقتها خصوصاً من المغتربين اللبنانيين ومن مؤسسات دولية وأفراد. كذلك انتهت الاصلاحات اللازمة لدور العبادة المتضررة.
اما ما لم يتم تصليحه بعد فهو المباني التراثية وتقدّر بحوالى 300 مسكن متضرر كان يُفترض بالاونيسكو ان تقوم بترميمها مدعومة ببعض المساعدات الخارجية، ويمكن القول انّ العمل في هذا المجال بطيء جداً من قبل المؤتَمنين على التنفيذ، لذا لا يمكن التحدث عن إنجازات تذكر لأنّ ما أنجز لا يتجاوز نسبة الـ10%. الى جانب ذلك، هناك حوالى 100 مبنى تم هدمها كلياً بعدما استحال ترميمها، حتى يمكن وصفها بشبه المهدّمة. وأكد انّ قرار الهدم جاء بعد التأكد انه لا يمكن إصلاحها وتمّت العملية بإشراف ومراقبة من مديرية الآثار وبلدية بيروت.
وبالنسبة الى المرفأ، للأسف فإنّ الدولة لم تتخذ بعد أي قرار بخصوصه، وغير معروف إن كانت ستعيد ترميمه كما كان في السابق، او تتجه لإجراء تعديل على برامجه وهويته؟ هل هناك توجه لترميمه وفق حجمه الأساسي ام بحجم أقل؟ كذلك المطلوب اتخاذ قرار في ما يتعلق بمصير الاهراءات التي تشكل جزءاً مهماً مما استهدف في الانفجار.
وعن كلفة الاعمار فإنّ الحلو يقدّرها بحوالى 4 مليارات دولار، من ضمنها إعادة اعمار المرفأ ومليار دولار متوجبات على شركات التأمين. وفي السياق، أشار الى ان شركات الضمان لم تسدد بعد الأموال المتوجبة عليها للمتضررين المضمونين لأنها لا تزال في انتظار صدور نتائج التحقيقات، التي من المتوقع ان تِوضح مسببات الانفجار حتى تتمكن من الافراج عن الأموال. ولفت الحلو الى انه من أصل المليار دولار، وهو مجموع متوجبات شركات التأمين تجاه المضمونين سُدّد منها 100 مليون دولار فقط، بينما المبلغ المتبقّي هو 900 مليون دولار من المتوقع ان يُدفع فور صدور نتيجة التحقيقات. وكشف انّ شركة تأمين واحدة فقط دفعت للمتضررين حوالى 50% من قيمة الاضرار كـ fresh money و20% بواسطة شيك مصرفي بالدولار ما أدى الى ضَخ حوالى 100 مليون دولار في السوق.
وعن المدة التي ستستغرقها إعادة اعمار ما هدمه الانفجار، يعيد الحلو الامر الى حجم وصول المساعدات للأبنية غير المؤمنة والتي لا يملك أصحابها أي إمكانية لترميمها على نفقتهم الخاصة، وهؤلاء لا يزالون في انتظار مساعدات إضافية من المؤسسات غير الحكومية.