أظهرت الأرقام المالية للأشهر التسعة الأولى من العام 2020 ارتفاع العجز الأولي في الموازنة إلى حدود 1163 مليون دولار أميركي، بعدما حقق في الفترة نفسها من العام 2019 ما قيمته 368 مليون دولار. أهمية هذا الرقم انه يظهر وضع المالية العامة للدولة قبل احتساب فوائد الدين. فعلى الرغم من توقف الدولة في العام 2020 عن سداد ديونها الداخلية والخارجية، لم ينخفض العجز في الميزانية إلا بحدود 14 في المئة، متراجعاً من 2952 مليون دولار في العام 2019 إلى حدود 2535 مليوناً للفترة نفسها من العام 2020. وفي ذلك دلالة واضحة الى إرتفاع النفقات العامة بالمقارنة مع العائدات. ففي حين فشلت الدولة في ضبط مختلف نفقاتها، لم تستطع أن تجبي أكثر من 50 في المئة من الايرادات. وممّا ساهم في تراجع الايرادات كمّاً ونوعاً تعطّل الاقتصاد واقفال آلاف المؤسسات أبوابها وتحقيق الاقتصاد انكماشاً فاقت نسبته (-25 ) في المئة.
وقد تبدو الأرقام الواردة بسيطة أمام ما ستظهره المعطيات في الفصل الأخير الذي أعقب انفجار مرفأ بيروت ودخول البلد في فترات إقفال متقطعة جراء وباء كورونا. وسيكون استمرار النفقات كما هو عليه مقارنةً مع تراجع الايرادات من أسوأ المؤشرات الاقتصادية. ولن يؤثر الأمر على العلاقة مع الخارج المشروطة بتخفيض عجز الموازنة إلى 0 في المئة فحسب، بل سيقلّص أيضاً قدرة الدولة على الاستمرار في تمويل نفقاتها وتحمّل أعبائها، حتى قبل احتساب الديون وتلك ظاهرة من مشهد الإفلاس التام.