ترك الانهيار المالي، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، واحتجاز الأموال في المصارف، وانفجار 4 آب 2020، وانتشار جائحة كورونا، أثراً بالغاً على العمال والعاملات في قطاع المطاعم والمقاهي. إذ خسر القطاع كما بيّن تقرير عن المسح الاجتماعي لأوضاع عمال وعاملات المطاعم والمقاهي في لبنان من إعداد وإشراف الدكتور سعيد عيسى، حوالى 90 ألف عامل وعاملة أعمالهم نتيجة إقفال حوالى 65 % من المطاعم والمقاهي أبوابها.
فبعد أن كان عدد العمال والعاملات في القطاع نحو 160 الفاً أصبح اليوم 70 ألفاً إضافة إلى 45 الفاً يعملون بشكل موسمي والعمال والعاملات الذين تركوا العمل، أو صرفوا منه بسبب إقفال المؤسسات، أو تخفيض عدد العمال والعاملات لديها، لم يتقاضوا تعويضات صرف، أو تقاضوا مبالغ قليلة جدا.
ويبرر أصحاب وصاحبات العمل ذلك بانعدام وجود أموال معهم نتيجة احتجازها في المصارف. والعمال والعاملات الذين صرفوا أو تركوا العمل، وحتى أصحاب وصاحبات العمل، هاجر معظمهم إلى الدول العربية الخليجية، وإلى أفريقيا، ليباشروا هناك عملا جديداً أو استثماراً جديداً وبالتالي حياة جديدة ومن بقي منهم في لبنان ينتظر تأشيرة للمغادرة .
وفي ظل الانهيار المستمر تتآكل قيمة أجور العمال والعاملات، وتخسر كل يوم من قيمتها، بسبب الارتفاعات المستمرة في الأسعار، فباتوا يفتشون عن أية طريقة للهجرة خارج لبنان بشكل شرعي أو غير شرعي، أو محاولة البحث عن أعمال إضافية، أو يعملون في وظيفة ثانية إذا وجدوها، وغاب الأمان الصحي عنهم وعن عائلاتهم، وصاروا يعيشون على الضروريات ويبحثون عن مساعدات مواد غذائية أو مالية من الجمعيات المحلية والدولية، وعجزوا عن تسديد أقساط أولادهم المدرسية، أو عن دفع أجور بيوتهم المستأجرة، وانخفضت جودة ونوعية غذائهم ويفتشون عن المواد الرخيصة دون السؤال عن النوعية والجودة، ويبيعون ما أمكنهم من ملكيات ومقتنيات ليستمروا، ويقبلون بالأجر الذي يدفعه أصحاب وصاحبات العمل دون جدال للبقاء في أعمالهم ورغم ابتساماتهم التي يقابلون بها زبائن المطاعم فهم من الداخل متوترون وقلقون نفسيا، وخائفون على مستقبلهم ومستقبل أسرهم.
القطاع يستمر حاليا، ليس بفضل أموال المقيمين والمقيمات في لبنان، بل بفضل تحويلات الأموال، من المغتربين والمغتربات، إلى أهلهم وذويهم. أو نتيجة وفودهم خلال فترات الصيف والإجازات والأعياد وقدّرت تحويلات المغتربين إلى لبنان خلال عام 2021 بـ 6,6 مليارات دولار.